خلال الثمانية وأربعين ساعة الماضية هاتفني العديد من مثقفي الوطن العربي من الخليج وتونس والسودان يسألونني عن وزير الثقافة المصرية الجديد وهو الدكتور عبد الواحد النبوي أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر. وللأسف لم يكن عندي أية إجابات سوى المعلومتين السابقتين فقط، فأغلب أساتذة الجامعات والكتاب والمبدعين والعاملين بالحقل الثقافي لم يسمعوا عنه مطلقاً، وعندما بحثت عبر شبكات التواصل الاجتماعي والباحث الإلكتروني جوجل عن مقال كتبه أو كتاب ألفه أو عمل فني سبق وقدمه أو حتى بحث علمي في مجال تخصصه منشور في أحد المجلات العلمية الإقليمية أو العالمية، فلم أجد أي نتائج دالة على أي شيء. حتى أننا لا نعرف ما الدرجة العلمية التي يشغلها الدكتور عبد الواحد النبوي في جامعته؟ وما عمره؟ علما بأن الميزة الظاهرة فيه حتى الآن هو صغر سنه النسبي عن من سبقوه، وما استراتيجيته للثقافة المصرية؟ إن اختيار الدكتور عبد الواحد النبوي - أستاذ التاريخ الذي لا نعرف له تاريخ - وزيرا للثقافة في التشكيل الوزاري المُعدل لا يدينه أو يقلل من شأنه على الإطلاق، والفيصل بينه وبين الجميع هو ماسيقدمه للثقافة المصرية على أرض الواقع. وربما الكثير من المواطنين في مصر معرضين لنفس ماحدث للدكتور عبد الواحد إذا ما حالفهم الحظ، فعندما تسقط عليك حقيبة وزارية وأنت في طريقك الى المنزل، كيف سترفض هبة الله إليك؟
ولكن المثير للجدل والتساؤل هو تصريحات دولة معالي رئيس الوزراء إبراهيم محلب عبر وسائل الإعلام بعد إعلان التعديل الوزاري والتي كانت كالتالي: أولاً/ أنه ذكر أن وزير الثقافة لا ينتمي لأي شلة ثقافية، وهنا علينا أن نسأل سيادته: كيف لا ينتمي وزير الثقافة الجديد لشلة ثقافية والذي قام بترشيحه لهذا المنصب هو الوزير الأسبق - الذي عمل في حكومة هشام قنديل أي حكومة الإخوان - د.محمد صابر عرب كما ذكرت بوابة الأهرام وغيرها من وسائل الإعلام؟ أليست هذه شللية يا دولة معالي رئيس الوزراء؟ وهل ستسمي أيضا من سيختارهم وزير الثقافة الجديد للعمل معه بأنها شلته؟ إن إستخدام عبارات مثل شلة وماشابهها ماهي إلا وسيلة لتمرير ترشيحات وزراء سابقين من المقربين الى دولة معالي رئيس الوزراء. ومن ناحية أخرى علينا أن نسأل معالي دولة رئيس الوزراء: من الذي أعاد ترسيخ مبدأ الشللية بفجاجة في وزارة الثقافة بعد الثلاثين من يونيو 2013، أليس هو د.جابر عصفور وزير الثقافة السابق في حكومة سيادتك؟ وهل سيستطيع وزير الثقافة الجديد د.عبد الواحد إقصاء شلة الوزير السابق د.جابر عصفور والأسبق د.صابر عرب من المناصب واللجان التي زُرعوا فيها دون وجه حق؟ ثانياً/ ذكر المهندس محلب رئيس وزراء مصر في أحد القنوات الفضائية أن إختياره للوزراء الجدد تم بناءً على أفضلية الكفاءة، وهي نفس الكلمات والشعارات التي سمعناها من سيادته في التشكيل الوزاري السابق. وهنا علينا أن نسأل سيادته كمواطنين: ما معايير الأفضلية التي تستند عليها سيادتك؟ ومن هم الأشخاص الذين تنافسوا مع د.عبد الواحد النبوي على منصب وزير الثقافة لتفضيله عليهم؟ وهل تشارك أجهزة الدولة المعنية بعرض تقارير عن الأشخاض الذين يتم ترشيحهم لمناصب سياسية في الدولة أم أن الترشيحات مازالت عن طريق الأهل والأصحاب والأحباب كما كانت من قبل؟ لقد سبق واختار معالي دولة رئيس الوزراء إبراهيم محلب وزيرا للثقافة إستمر لمدة ثمانية أشهر لم نرى له أي إنجاز يذكر في المشهد الثقافي غير أنه أعاد ترسيخ الشللية مرة ثانية وأقصى شرفاء الوزارة وعتم عليهم. وهانحن أمام وزيرا جديدا ليس له علاقة بأي نوع من أنواع الفنون الأدائية، ولا نعرف له أي إنجاز علمي، ولا نعلم ما استراتيجيته الثقافية في هذا الوقت الحرج من تاريخ مصر. إن الثقافة المصرية والمثقفين أمام مقلب جديد لمحلب، فقد سبق واختار للثقافة المصرية وزيرا منتهي الصلاحية يفكر بطريقة العهد البائد، وها هو يختار وزيرا جديد لا نعرف عنه أو عن خططه أي شيئ. ومازال تعامل معالي دولة رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب مع الملف الثقافي في مصر لم يختلف عن تعامل حكومة هشام قنديل معه. وإنني أنتظر اجابات على التساؤلات التي طرحتها في هذا المقال من أي طرف معني بمصلحة القوة الناعمة للدولة والمواطنين، إذا كان هناك من هو معني بذلك.