حذر خبراء اقتصاديون من أن استمرار البنك المركزي في طبع بنكنوت بمعدلات مرتفعة من أجل ضخ سيولة جديدة في السوق، سيرفع من معدلات التضخم بشكل ملحوظ. وقال الدكتور أحمد غنيم أستاذ الاقتصاد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن السيولة الجديدة استهدفت بشكل أساسي سد عجز الموازنة وتلبية المطالب الفئوية المتزايدة في أعقاب ثورة يناير وكذلك عقب زيادة الأجور. وأضاف غنيم أن ما لا يعرفه المواطنون أن هذه الزيادة سترفع حتما من معدلات التضخم، مما يجعلهم لا يشعرون بأي تحسن في الأجور ومستوى المعيشة. وأشار إلي أن البنك المركزي قد يكون مضطرا في ظل الظروف الراهنة إلي طبع كميات إضافية من البنكنوت، لكنه لابد أن يقابل هذا الطبع بإنتاج متوازي. وكان "صدى البلد" قد انفرد بقيام البنك المركزي بطبع بنكنوت بنحو 37 مليار جنيه منذ بداية الثورة، منها 8ر7 مليار جنيه في أغسطس الماضي. وشدد غنيم على أن زيادة طبع البنكنوت خلال الأشهر الماضية يؤكد أن الحكومة في مأزق لتدبير موارد مالية لسد الاحتياجات الأساسية وكذلك الناجمة عن المطالب الفئوية. وأشار تقرير للبنك المركزي حصل "صدى البلد" على نسخة منه، إلي أن الأجور وتعويضات العاملين شهدت حتى نهاية يونيو الماضي زيادة كبيرة بلغت نحو 10 مليارات جنيه، لتصل إلي 96.3 مليار جنيه، مقابل 86.3 مليار جنيه في نفس الشهر من العام الماضي. كما ارتفع الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية إلي 167.9 مليار جنيه، مقابل 142.3 مليار جنيه العام الماضي، بزيادة قدرها 25.6 مليار جنيه. وأكد تقرير "المركزي" أن العجز في الموازنة العامة للدولة وصل إلي 134.3 مليار جنيه، بينما بلغ إجمالي الدين المحلي نحو تريليون و44 مليارا و915 مليون جنيه. وفي هذا السياق، قال الدكتور مختار الشريف خبير الاقتصاد، إن الحكومة واجهت مأزقا كبيرا لتلبية المطالب والاحتجاجات الفئوية في وقت تراجعت فيه إيرادات السياحة وتباطؤ نمو العديد من القطاعات الاقتصادية بشكل كبير. وأشارت الإحصاءات الرسمية إلي تراجع إيرادات السياحة خلال الفترة من يناير إلي نهاية سبتمبر الماضي بنحو 25%، لتصل إلي 10 مليارات دولار. كما تراجعت إيرادات عوائد الملكية العامة بنحو 24.5% إثر تأثر نشاط معظم الهيئات الاقتصادية وشركات قطاع الأعمال العام وارتفاع إنفاقها على الأجور وتعويضات العاملين. وحذر أحمد آدم الخبير المصرفي من أن استمرار الأوضاع الحالية سيزيد من تفاقم المشاكل، خاصة مع تآكل الاحتياطي من النقد الأجنبي وازدياد معدلات التضخم وارتفاع البطالة. لكن مسئول بارز في البنك المركزي، لفت إلي أن طبع البنكنوت تحكمه معادلة اقتصادية، مشيرا إلي أنه لا يتم إغفال معدل التضخم فيها. وكشفت تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، لتصل في الطعام والمشروبات إلي 8.9% في سبتمبر الماضي، مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي. كما ارتفعت أسعار المسكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود بنحو 7.4%، والتعليم 24.3%.