قال تجار العملة إن الجنيه السوداني سجل مستوى منخفضا تاريخيا في السوق السوداء مع تكالب الناس على تحويل المدخرات إلى الدولار تخوفا من تفاقم أزمة اقتصادية بعد استيلاء جنوب السودان على حقل نفط رئيسي. وتعاني السودان من أزمة اقتصادية منذ انفصال الجنوب في يوليو، حيث استحوذت الدولة الوليدة على ثلاثة أرباع إنتاج البلاد من النفط، في حين يجد المواطنون صعوبة في شراء العملة الصعبة بالقنوات القانونية. ودفع فقدان إيرادات النفط تكاليف الواردات للارتفاع وأجج تضخم أسعار الغذاء. وفي صدمة لكثير من السودانيين، استولى جيش جنوب السودان على حقل نفط هجليج يوم الثلاثاء مع تصاعد القتال في المنطقة الحدودية غير المحصنة تحصينا جيدا، وقالت جوبا يوم السبت إنها صدت محاولة من جانب السودان لاستعادة هجليج. وقال تجار عملة إن الاستيلاء على الحقل دفع كثيرين إلى شراء الدولار تخوفا من تفاقم شح العملة الأجنبية إذا اضطرت الحكومة إلى استيراد مزيد من الوقود. كان هجليج ينتج نحو نصف إمدادات النفط السودانية البالغة حوالي 115 ألف برميل يوميا، لكن الإنتاج هناك توقف بسبب القتال حسبما ذكر مسئولون. وقال متعاملون إن سعر الدولار الأمريكي اليوم بلغ 6.1 جنيه سوداني في السوق السوداء وهو مستوى تاريخي منخفض منذ طرح الجنيه السوداني في 2007، وفي الأسبوع الماضي كان سعر العملة الأمريكية 5.6 جنيه، واستقر سعر الصرف الرسمي دون تغيير عند حوالي ثلاثة جنيهات للدولار. وقال متعامل: "لا توجد دولارات في السوق.. لا أحد في السوق سيبيعك دولارات". وتعطي بعض البنوك مبالغ محدودة من العملة الصعبة بسعر الصرف الرسمي في حالات معينة مثل السفر أو للأغراض التجارية، لكنها عملية معقدة وطويلة. ولهذا يعتمد سودانيون كثيرون ورجال أعمال على السوق السوداء لتدبير الدولارات، ويعمل كثير من تجار العملة في متاجر عادية فيستغلون مثلا متجر ملابس أو محل بقالة كغطاء لتعاملات السوق السوداء. وقال رجل أعمال سوداني، طلب عدم نشر اسمه، يوم السبت إن نشاطه لاستيراد الهاتف المحمول يعاني بسبب عدم توافر الدولارات. وقال: "لا أجد سبيلا لممارسة عملي، لا توجد دولارات في أي مكان". كان جنوب السودان الحبيس أوقف بالفعل إنتاجه النفطي البالغ حوالي 350 ألف برميل يوميا في يناير وسط نزاع مع الخرطوم بشأن المبالغ التي عليه دفعها لتصدير النفط عبر خطوط أنابيب ومنشات شمالية أخرى إلى مرفأ في بورسودان. وقلص القتال الحدودي الآمال بأن يتوصل الجانبان قريبا إلى اتفاق بشأن المدفوعات النفطية وقضايا أخرى عالقة عن طريق مفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي، وأعلنت الخرطوم انسحابها من المفاوضات يوم الأربعاء.