حظيت الحكومة الإسرائيلية التي شكلها بنيامين نتنياهو برئاسته بثقة الكنيست الإسرائيلي، واستند تشكيل هذه الحكومة إلى الإئتلاف اليميني الأكثر تطرفا وبعض الأحزاب الدينية وأكثرها عنصرية داخل الكيان الإسرائيلي المغتصب ويصادر الأراضي الفلسطينية ويقيم مستوطناتهم العسكرية والمستوطنات لمواطنيين إسرائيل، وأقبلت هذه الحكومة المتغطرسة بطرد السكان الفلسطينيين من مدينة القدس، بحجة عدم وجود تراخيص، متناسيه حق المقدسيين الفلسطينيين الموجودين قبل احتلال القدس بمئات السنين في العام 1967م. ويتمحور برنامج هذه الحكومة أيضاً على رفض الاستمرار في المفاوضات مع السلطة الفلسطينية من أجل ما يسمى «السلام». لنجد أنه يرفض هدف هذه المفاوضات وهو الدولة الفلسطينية المستقلة في حدود أراضي عام 1967م، بعاصمتها القدسالشرقية ويرفض مبدأ الأرض مقابل السلام، وخطة الطريق وحل الدولتين في آن واحد، بل يكمن تأويل ما قاله حول هذه المفاوضات بأنه سيعود بالشعب الفلسطيني إلى صيغة الحكم الذاتي عبر استخدامه عبارة حكم الفلسطينيين أنفسهم بأنفسهم. ومن ثم فإن حكومة نتنياهو اليمينية تدير ظهرها لحل الدولتين وخريطة الطريق ومقترحات أنابوليس ومبادئ الأرض مقابل السلام ودولتين لشعبين، تلك المبادئ والمبادرات التي تحظى بالشرعية العربية والدولية والفلسطينية ويتجاهل اتفاقات أسلو ما نفذ منها وما لم ينفذ وكان ينبغي تنفيذه. وبرغم كبر الحكومة اليمينية في إسرائيل، واستمرار بنيامين لفترتين على رأس الحكومة، ويطمح بأن يكون لفترة ثالثة في مارس المقبل من عام 2015م، إلا أنه لم ينجح في تنفيذ برنامجه العنصري الذي لا يعترف بحقوق الغير. وعليه فإن القيادة الفلسطينية قابلت هذا البرنامج بإرادة سياسية ثابتة وبخطوات مدروسة من خلال وقف التفاوض مع الحكومة الإسرائيلية من جانب السلطة الفلسطينية ما لم تعلن التزامها بحل الدولتين ووقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. وحنكت القيادة الفلسطينية بتدويل القضية الفلسطينية في كافة المحافل الدولية سواء من خلال حصول فلسطين على عضو غير مراقب في الجمعية العامة، وجاءت اعترافات البرلمانات لدول أوروبا بالدولة الفلسطينية، حتى جاءت الخطوه الأكثر جراءة في التوجه الى مجلس الأمن من قبل القيادة الفلسطينية رغم التهديد الأمريكي والإسرائيلي الى شخص الرئيس وبعض القيادات الفلسطينية البارزة على المشهد السياسي، ومحاولات ثني القيادة الفلسطينية بعدم الذهاب الى أروقة مجلس الأمن وخاصة أن النتيجة كانت واضحة ومعلنة قبل التصويت، وبتالي سقطت كل الأقنعة ووضحت الصورة جيدا بحصولنا على 8 أصوات وأمتناع 5 أصوات واعتراض صوتين، وعشية انتهاء التصويت ضد المشروع الفلسطيني بإنهاء آخر احتلال في العالم، قامت القيادة الفلسطينية بالتوقيع على عشرين مسوده لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيلية، والكفيلة بتشوية صورة اسرائيل الأخلاقية والإعلامية وتخرج جرائمها في حق الشعب الفلسطيني إلى العلن وعيون الرأي العام العالمي. وعلية جاءت ردت الفعل الإسرائيلية بتجميد المستحقات المالية للسلطة الفلسطينية وإجراءات اخرى قد تصل الى تصفية شخصيات بارزة واجتياح كامل الى كل الأراضي الفلسطينية، مما يؤدي الى إرباك المشهد واندلاع انتفاضة ثالثة مسلحة تكون أكثرها حدة وشراسة، تؤثر على منطقة الشرق الأوسط بأكمله.