مضى 14 شهرًا على الثورة، ومصر تمر بلحظات تاريخية فارقة، ففي الوقت الذي نحتاج جميعًا لنبذ الصراع لأننا في أمسّ الحاجة لكل قطرة عرق وجهد وتنافس في البناء والعطاء، والإحساس الحقيقي الواعي المخلص بما تحتاجه مصرنا في هذه اللحظات التي تمرّ بأعمارنا وعمر الوطن، ونحتاج ألا نهدر وقتنا حتى نستطيع البناء الذى أفسده العهد البائد، وذلك يحتاج لفهم ووعى ومقدرة خلاقة تستطيع التمييز ليس بين الصالح والطالح، لكن التمييز بين الفعل المناسب في الوقت المناسب بناءً على خطة سليمة واضحة منظمة، وهى قاعدة إدارية تنظيمية، "درء المفاسد مقدم على جلب المنافع". واستبق القرآن الكريم في مهد الرسالة الإسلامية الإنسانية التي بُِعثَ بها الحبيب صلّى الله عليه وسلّم، ونأخذ منها مثالاً واحدًا وهو تحريم الخمر ونزل التشريع بثلاث مراحل: قول الله تعالى: يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ (البقرة:219) فتركها بعض الناس، وقالوا: لا حاجة لنا فيما فيه إثم كبير، ولم يتركها بعضهم، وقالوا: نأخذ منفعتها، ونترك إثمها.
فنزلت الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى (النساء:43) فتركها بعض الناس، وقالوا: لا حاجة لنا فيما يشغلنا عن الصلاة، وشربها بعضهم في غير أوقات الصلاة، حتى نزلت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (المائدة:90) فصارت حرامًا عليهم، حتى صار يقول بعضهم: ما حرم الله شيئًا أشد من الخمر.
واستفاض أهل العلم في التحريم وفوائده، والمنهج ومراعاته الحكيمة لعصر الجاهلية وطبيعة البشر في هذا الوقت، ودعوة النبي (ص) في نشر رسالة النور الإسلامي بالحكمة والموعظة الحسنة والعلم والأخلاق والنور الذي مشى به بين الناس في زمن أظلمت الدنيا بالجهل والغرور والشهوات. فلا يختلف أحد على ضرورة مكافحة الفساد بكل أشكاله ولا سيّما المواقع الإباحية، رغم أن جميع شركات الإنترنت لديها اختيار خالٍ من المواقع الإباحية يسمى الإنترنت العائلي ويتم فيه "فلترة" كلّ ما هو خارج وأبيح، إذًا من يريد إنترنت نظيف لديه الاختيار، فضلاً عن البرامج المانعة لكل المواقع الإباحية التي يقوم بإنزالها أي مستخدم أثناء تنزيل نسخة الويندوز، بل هناك نسخ ويندوز جاهزة بها هذه البرامج البسيطة، فالمسألة ليست معضلة، فأين الخطر؟
أليس أشد خطرًا الصفحات التي تملأ الفضاء الإلكتروني منها العداء الشخصي، ومنها الذي يستهدف العقول بطرق أشدّ خطرًا من الإباحية والجنس، ومنها الفضائح المختلقة عن طريق فنون المونتاج، ومنها صفحات ترويج الشائعات التي تعدّ خطرًا قد يقوم عليه أشخاص أو دول بعينها كإسرائيل وغيرها من الدول التي تستهدف زهرة شباب مصر، وخطورة ذلك وتأثيره السلبي ولو بالإحباط، وهو ما يعرف بالاختراق الفكري والثقافي والنفسي، فما دور الحكومة ومجلس الشعب الموقّر لحماية الشعب؟
أليس خطرًا ما يدخل ضمن النصب والاحتيال والضحايا، فما دور الحكومة ومجلس الشعب الموقّر لحماية الشعب؟ إن الدول المتحضّرة تتعامل مع الفضاء الإلكتروني بمسئولية واعية عن طريق الرقم القومي للمواطن، لضمان المسئولية الاجتماعية والقانونية، حتى يعلم كل إنسان أنه مسئول عمّا يفعل، وهذا لا يتنافى مع أصحاب الرأي والتعبير ومؤسسات حرية الفكر والتعبير بما فيها الإعلامي أو القانوني، فالحرية لابد أن تكون حرية مسئولة لا تضرّ الآخرين طبقًا للقاعدة التي تحدد انتهاء حريتك عند الالتماس مع حرية الآخرين، وأنت حرّ ما لم تضرّ، ولا حتى نفسك. فلابد أن يكون هناك تحديد للمسئولية، حينما يقع الضرر، ويكون من السهل تقديم المسئول للمسائلة القانونية، وهذا لا يتنافى إطلاقًا مع الحرّية والإبداع، إنما هى الحرية المسئولة الواعية. في الماضي كان من السهل عند فقد تليفونك المحمول أن تجد من يتصل بك ليقول لقد وجدت تليفونك أين أنت؟ لكن مع تعديل بعض مواد قانون الاتصالات، بما فيها إهمال حقّ المواطن في حصوله على ما يفقده، وذلك في 2007 تقريبًا، صار من الصعب الإبلاغ عن التليفون المسروق، وإذا تم تحرير محضر تحفظه النيابة لعدم الأهمية، وعلى المتظلّم اللجوء للقضاء. وبرّر المسئولون ذلك لكثرة تزاحم بلاغات المعاكسات والسرقات، إلا في الحالة الجنائية، أليس من حق المواطن أن تكفل قوانين الدولة حمايته بما يمنع الجريمة أصلا؟ لقد زادت المعاكسات والسرقات لجرأة الجاني وعلمه بأنه لن يلاحق قانونًا. فتلك الأمور لا تقل أهمية لحياة الإنسان لتحقيق أمنه الاجتماعي والنفسي. فإلى كل مسئول يستطيع تحقيق ذلك من رئيس مجلس الشعب والسادة الأعضاء خاصة أعضاء اللجنة التشريعية، نرجوكم أن تسرعوا بدراسة ذلك ليتم استيعاب القصور الموجود بقانون الاتصالات وقانون النشر الإلكتروني وما يتعلق بقوانين أخرى يتم ذلك فى مادة بسيطة تلحق على القوانين الأصلية، تضمن للمجتمع أمنه الاجتماعي. [email protected] [email protected]