وصل إلي القاهرة الخميس الماضي السفير الأمريكي الجديد بالقاهرة ستيفين بيكروفت .. أهلا وسهلا .. سفير جديد لواشنطن بعد مرور أكثر من عام علي تخفيض مستوي التمثيل الدبلوماسي الأمريكي في القاهرة إلي درجة قائم بالأعمال بعد رحيل السيدة آن باترسون التي تركت ذكريات غير طيبة في مصر. طبيعي أن يسعي السفير الأمريكي الجديد إلي إنجاح مهتمه المعلنة والتي نعرفه بها كسفير للولايات المتحدةالأمريكية لدي جمهورية مصر العربية ، وطبيعي جداً أن يعمل الجانب المصري علي تسهيل مهمته كغيره من السفراء الأجانب ، ولكن بما أن هذا السفير حديث عهد بمصر " والغريب أعمي ولو كان بصير " وأشك أن ينطبق هذا المثل علي سفير أمريكي ، فإني أسوق إليك سيد بيكروفت بعض النصائح إذا جاز لي النصيحة : 1 - تخلص من كابوس " باترسون " أظن أن مهمتك الأولي تتعلق بشخصك كسفير لواشنطن في القاهرة وأن تثبت قولاً وفعلاً أنك لست " آن باترسون " وأن طريقتك تختلف تماماً عن طريقة أداء وعمل السفيرة السابقة مهما كانت السياسات الأمريكية واحدة ورغم أن الإدارة الأمريكية لم تتغير إلا أنك مطالب بأن تسعي جاهدا لنسف الذكريات السيئة التي تركتها " باترسون " في مصر خصوصا فيما يتعلق باتصالاتها بتيارات الإسلام السياسي وجماعة الإخوان الإرهابية. 2 - كن سفيراً كن سفيراً .. كن سفيراً .. كن سفيراً ... لو كان الأمر بيدي لكررتها ملايين المرات .. وهذا ربما يعكس لك ما يدور في أذهان كثير من المصريين .. لا تضع أنفك في كل صغير وكبير .. لا تتدخل فيما لا يعنيك ولا يعني مصالح دولتك أو المصالح المشتركة .. نريدك سفيرا لا تختلف عن غيرك من السفراء الأجانب في مصر. 3 - التقط شعبية بلادك من الأرض نعم يؤسفني أن أقول لك أن شعبية الولاياتالمتحدة في الشرق ومصر علي وجه الخصوص قد سقطت سقوطا مذريا ووصلت لمستوي من الإنحدار لم تصل إليه من قبل وذلك بفضل السياسات الفاشلة للرئيس الأمريكي والتدخلات العسكرية الأمريكية في المنطقة ودعم جماعات إرهابية متشددة ومتطرفة والتحكم في مصير الشعوب تارة والاستهانة بإرادتهم تارة أخري .. أمريكا باتت تُعرف بأنها محور الشر وفقدت ثقة الشعوب قبل الحكومات وأصبح الشك في نواياها ثمة غالبة حتي لو فتحت أذرعها بالخير لشعوب الشرق فسوف يظنون بها شراً. 4 - مصر ليست العراق أو الأردن سبق أن عملت سفيرا لبلادك في الأردنوالعراق ومع بالغ احترامي للأردن وأمنياتي بعودة العراق العظيم .. يجب عليك سيد بيكروفت أن تنسي تماما أنك كنت سفيرا لبلادك فيهما فمصر بلد كبير ووضعه الإقليمي مختلف ومجتمعه الداخلي مغاير ومعقد سياسيا .. لا تأخذ من العراقوالأردن إلا اللغة العربية التي تعلمتها. 5 - حقوق الإنسان ليست مجالا للسياسة شئ طيب أن ترفع لواء الدفاع عن حقوق الإنسان وتحث عليه ولكن أيضا يجب أن تراعي أننا سئمنا من تسييس قضايا حقوق الإنسان واختلال المعايير التي تعتمدها واشنطن في الدفاع عنها فبينما يُقتل الأطفال في العراق وفلسطين وأفغانستان ويُفضح أمر المعتقلات الأمريكية التي بها انتهاكات آدمية وعنصرية صارخة نري الولاياتالمتحدة منتفضة وتقف علي قدم واحدة ورئيسها تنتفخ عروقه فيخصص جزءا من كلمته في محفل دولي كبير للمطالبة بالإفراج عن ناشط سياسي مصري متهم بمقاومة السلطات ومخالفة القانون. 6 - لا تلعب بكارت المساعدات قبل نحو عامين كانت المساعدات العسكرية الأمريكية محل اهتمام وترقب من الشعب المصري وكذلك الحكومة غير أن هذا الأمر قد تغير كثيرا خصوصا لدي الشعب حتي وإن كانت الحكومة علي غير نفس الدرجة ، لكنه في كل الأحوال كارت محروق. 7 - مصر ليس بها أقليات مصر لا تعرف مسمي الأقليات .. كلنا مواطنون مصريون مسلمون ومسيحيون ، فما كانت تمارسه واشنطن في السابق بالضغط علي الأنظمة المصرية بداعي المطالبة بحقوق ما تسميه " الأقليات في مصر " لم يعد مقبولاً ، خصوصا بعد الأحداث التي تلت عزل مرسي وحرق أكثر من 60 كنيسة علي يد الجماعة الإرهابية من دون أن تحرك واشنطن ساكناً ولو بإدانة إعلامية ، لأنها كانت حينها منشغلة بإنقاذ الإخوان. 8 - الإعلام ليس عدوك الإعلام هو المرآة الحقيقية التي تعكس المزاج الشعبي العام واهتمامات الرأي العام وليس معني انتقاد أدائك أو تصريحاتك أو مواقف بلادك أن الإعلام يجهر بعدائك .. نعم الإعلام المصري به مساوئ كثيرة سوف تراها بنفسك لكنه ليس في كل الأحوال سيئ وببساطة يمكن أن تميز بنفسك بين النقد والهجوم والتشويه ، ولكل رد فعل مناسب منك. 9 - منظمات المجتمع المدني لا تشارك في الحكم أعلم جيدا مدي تأثير منظمات المجتمع المدني في إدارة الولاياتالمتحدة بدرجة يمكن أن توصف بانه شريك حقيقي في الحكم بما في ذلك مراكز الأبحاث والفكر ، ولكن هذا الأمر يختلف تماماً في مصر فمازال أمامنا وقت كبير كي تكتمل لدينا ثقافة الإيمان بالدور الهام لمنظمات المجتمع المدني التي لم نعرفها بعد ، فما تطلق علي نفسها منظمات مدنية في مصر طيلة السنوات الماضية ما هي إلا " دكاكين " تستغل المال الحرام الذي تتلقها من الخارج .. مصر لا تعارض وجود دور فعال لمنظمات المجتمع المدني ولا تضع قيودا علي عملها لكنها فقط تضع ضوابط تنظم عملها. 10 - لا تقترب من القضاء المصري قد يقبل المصريون أن تتحدث معهم مواقف سياسية لا ترضي بلادك أو شئ من هذا القبيل لكنك سوف تجد ما لايسرك إذا انتقدت حكماً قضائيا أو تدخلت بأي صورة في أعمال القضاء.