بعد أن قضت المحكمة العليا الليبية بعدم دستورية عقد جلسات مجلسات النواب وما ترتب عليها من أثار، رفض مجلس النواب المنتخب حكم الدائرة الدستورية حول عدم دستوريته ويؤكد على استمراره واستمرار الحكومة المؤقتة المنبثقة عنه في مهامها كسلطتين تشريعية وتنفيذية وحيدتين في ليبيا، لتشتعل وتيرة الأزمة بين الساسة المتنازعين بالبلاد ما قد تؤدى إلى عدم بدء الجولة الثانية وتوقف الحوار الوطني الذي عقدت جلسته الأولى بمدينة غدامس الليبية في 25 سبتمبر الماضي. وقال المجلس - في بيان له - إنه "تابع قضاء الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا المنعقد بمدينة طرابلس في الطعن الدستوري والقاضي بعدم دستورية الفقرة الحادية عشر من التعديل الدستوري السابع الصادر في مارس 2014 وما ترتب عليه من آثار". وأضاف البيان أن "المجلس يؤكد أن القول بعدم دستورية التعديل المشار إليه من شأنه حل مجلس النواب، هو قول غير صحيح و مخالف للقانون، حيث إن الحكم الصادر عن الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا قد جاء على حكم ورد بالدستور وهو ما يمنع على المحكمة النظر فيه لأن اختصاصها ينحصر في النظر بالطعن على القوانين وليس على الدستور. وتابع "لما كان مجلس النواب واستلامه لمقاليد الحكم في ليبيا قد جاء بناء على إرادة الشعب الليبي التي عبر عنها في انتخابات حرة مباشرة، ولما كانت مدينة طرابلس تعد مدينة خارج السيطرة وتحكمها المليشيات المسلحة لا تتبع شرعية الدولة، فإن الحكم قد صدر تحت تهديد السلاح. وأكد أنه "بناء على ذلك يرفض الحكم الصادر بهذه الظروف ويؤكد على استمراره واستمرار الحكومة المؤقتة المنبثقة عنه في مهامها كسلطتين تشريعية وتنفيذية وحيدتين في ليبيا. وشدد المجلس على "رفضه الكامل لكل المحاولات العبثية التي تمارسها بعض وسائل الإعلام لإثارة الفوضى والاضطراب للنيل من شرعية المجلس وتهديد الوحدة الوطنية بقصد إحداث فراغ سياسي ودستوري وهو الأمر الذي سيقف أمامه المجلس بكل قوة وحزم وبعزيمة شعبنا العظيم". من جانبها، قالت بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا بأنها أخذت علماً بقرار الدائرة الدستورية في المحكمة العليا الليبية وأنها تنكب حاليا على دراسته عن كثب. وأضافت البعثة في بيان لها، أن البعثة تجري مشاورات بهذا الصدد بشكل وثيق مع القوى من كافة الأطياف السياسية الليبية ومع شركائها من المجتمع الدول. ودعت البعثة إلى ضرورة أن يتحلى الجميع بالمسئولية والامتناع عن اتخاذ أي إجراء من شأنه تصعيد حالة الاستقطاب القائمة أو يؤدي إلى مزيد من التدهور في الأوضاع الأمنية مضيفة بأنها ملتزمة بالعمل مع جميع الأطراف للمساعدة على تجاوز الأزمة السياسية والأمنية الحالية في ليبيا وذلك طبقا للتفويض الممنوح. كانت المحكمة العليا الليبية قد قضت أمس بعدم دستورية لجنة 17 فبراير وما ترتب عليها من أثار، والتي انبثق عنها انتخابات مجلس النواب الليبي، الذي يعقد جلساته بمدينة طبرق وبهذا تعنبر جلسات مجلس النواب الليبي غير دستورية حسب قرار المحكمة. بدوره، دعا رئيس تحالف القوى الوطنية الليبية محمود جبريل إلى عدم الاندفاع نحو اتخاذ مواقف متعجلة، وإصدار أحكام انفعالية إزاء حكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، بشأن مجلس النواب "كي لا تستغل لغير مصلحة الوطن". وقال جبريل إنه يجب الآن انتظار حيثيات الحكم لمعرفة على ماذا استند، وما إذا كانت هناك شبهة إكراه، وخلفيات تغيب بعض قضاة عن جلسة الحكم. واستغرب جبريل تسرب جزء كبير من منطوق الحكم إلى أطراف معينة قبل صدوره، وربط ذلك بتصريح رئيس ما يسمى بحكومة الإنقاذ عمر الحاسي، الذي دعا فيه إلى انتخابات تشريعية مبكرة .. مؤكدا أن "حل الوضع المتأزم في ليبيا يظل حلا سياسيا وليسا قانونيا". وتمنى جبريل على المجتمع الدولي التريث في التعامل مع حكم المحكمة حتى تتبين الظروف والخلفيات التي سبقت وواكبت صدوره، خاصة من ناحية شبهة الإكراه، ومن ثم اتخاذ الموقف المناسب تجاهه. وأبدت المحامية والناشطة السياسية الليبية آمال بوقعيقيص استغرابها حيال حكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا إزاء مقترحات لجنة فبراير ومجلس النواب الليبي. وعللت بوقعيقيص - في تصريحات لها - "إن المؤتمر الوطني (العام السابق) باعتماده لمقترحات لجنة فبراير أصبحت جزءا من الدستور، واختصاص المحكمة الدستورية يقتصر فقط على النظر في مخالفة القوانين للدستور، وليس من اختصاص المحكمة إلغاء الدستور نفسه، أو جزء منه". وأضافت "أخشى أنه لا ولاية للمحكمة في إلغاء مقترحات فبراير وانعدام الولاية يجعل من الحكم معدوما ولا أثر له". في المقابل، دعا حزب "التغيير" الليبي، أبناء الشعب وأعضاء مجلس النواب إلى الامتثال لحكم المحكمة العُليا بإلغاء التعديل الدستوري السابع في مقترح فبراير وما ترتب عنه من حلّ مجلس النواب وبطلان ما صدر عنه. وقال بيان للحزب إن حكم المحكمة يعد انتصارا جديدا لمبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء وسيسهم بقوة في بناء دولة المؤسسات والفصل بين السلطات. وأضاف "على أبناء الشعب الليبي تجنب أية محاولة للتشكيك والانتقاص من نزاهة وعدالة المحكمة العليا التي تعتبر الحصن والملاذ الأخير للشعب الليبي عند أي نزاع دستوري أو قانوني". كما دعا الحزب الأطراف الدولية وعلى رأسها الأممالمتحدة والدولة المعنية بالشأن الليبي أن تحترم سلطة القضاء فيما يصدر عنه من أحكام .. معتبرا أن غير ذلك يعد انتهاكا للسيادة الليبية لن يقبل به. وقضت الدائرة الدستورية لدى المحكمة الليبية العليا أمس بحل مجلس النواب على خلفية "بطلان" تعديل إعلان دستوري مؤقت انتخب بموجبه المجلس. وقال رئيس المحكمة العليا المستشار كمال دهان إن المحكمة قبلت شكلا الطعن في عدم دستورية الفقرة 11 من المادة 30 من الإعلان الدستوري المعدلة بموجب التعديل الدستوري السابع الصادر بتاريخ 11 مارس الماضي ما يجعل جميع الآثار المترتبة على التعديل "غير دستورية" وبالتالي تكون انتخابات مجلس النواب في 26 يونيو الماضي "باطلة". كما قضت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية في طعنين آخرين متعلقين بقانون انتخاب البرلمان وشرعية انعقاد جلساته في طبرق. كان المؤتمر الوطني العام أنشأ وفقا للتعديل لجنة فبراير 2014 التي أجرت التعديل السابع على الإعلان الدستوري الذي انتخب بموجبه مجلس النواب لمرحلة انتقالية ثالثة. واعترف المجتمع الدولي بالبرلمان كما اعترف بالحكومة المؤقتة المنبثقة عنه لكن النائب الثاني لرئيس المؤتمر الوطني العام صالح المخزوم، قال إن المؤتمر سيمتثل لقرار القضاء وبالتالي فإن البرلمان كأنه لم يكن. واعتبر المخزوم - في مؤتمر صحفي - أن "جميع قرارات المؤتمر الوطني خلال الفترة الماضية ومن بينها منح الثقة لحكومة الانقاذ الوطني شرعية برئاسة عمر الحاسي شرعية" مضيفا ان "حكم المحكمة اليوم ليس انتصارا لأي طرف على الآخر وإنما هو انتصار للوطن.