فلتنظر إلى مبارك وتتعظ، ولتعلم وتتعلم أن ليس كل من يخطئ يُحاسب. وأتت محاكمة القرن "مهزلة" جديدة تحاكيها كلما تأملت تاريخ مصر السياسي، تلك التي تجسدت فى مرافعة "فريد الديب" محامي كل العصور، مرورا بما قاله حبيب العادلى " صانع المعجزات ومدمر جهاز الشرطة" التي لم يكن يصلح لها عقب انتهائه، إلا أن يقول "أقم الصلاة"، وصولا إلى الخطبة العصماء التي ألقاها "مبارك" شبيه الخطاب العاطفي الذي سبق "موقعة الجمل". وأمام ذاك وتلك ليس في وسعنا إلا أن نقول " اللهم اخرب بيتنا إحنا يا شيخ"، حيث أصبحنا نحن المدانين والمتهمين، وأن الملائكة الذين عاثوا فى الأرض فسادا طوال ثلاثين عام أبرياء وضحايا لغباء شعب، والتي كان أصعب ما فيها هو اختصار ربع قرن من الفساد والرشوة فى ثمانية عشر يوما هى عمر ثورة 25 يناير، تلك الثورة التى بدأت برئية وانتهت بمؤامرة. حولتنا مرافعة جوفاء لا تخلو من الرياء والوطنية الزائفة إلى عملاء وخونة، وحتى كان هناك من ركب ثورة 25 يناير أو حاول أن يتكسب منها أو طوعها لخدمة مصالح خاصة، أو أجندات خارجية، فهذا لا ينكر طهارة البسطاء الذين نزلوا إلى الميدان رافعين شعار "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية ". الجميع من كتاب وسياسيين وصحفيين وإعلاميين تباروا فى تشريح من كانوا رموزاً إبان الثورة، بعضهم محق فى انتقاده والآخرين ﴿قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾. [سورة الأنعام الآية:91]."، لكنهم لم يتجرأ أحد منهم على مئات ألوف الذين افترشوا الميادين فى المحافظات كافة، دفاعاً عن حلمهم البسيط فى عيش كريم وحياة غير متعسرة. فليقف التاريخ ويعلم أن "الديب ومبارك ونجليه والعادلي ومساعديه" حولوا الشعب الذى تحملهم وتجاسر على نفسه فى عهدهم هو القاتل والسارق والمارق والماجن، وهو الذي تمرد على شرفاء كانوا يحملون فى أيديهم مفاتيح الجنان وصحف المغفرة، فهي خطيئة شعب. وهنا لابد أن لا نتجاهل ما خلفته الثورة من إعلاميين مرتزقة وكتاب وسياسيين باعوا الوطن من أجل مصالحهم، وحكم المجلس العسكري الذي كان هو مؤمراة حقيقية تجاه الشعب ذلك المجلس الذي حسب قول رئيس الحرس الجمهورى الأسيبق اللواء نجيب عبد السلام، أنه اجتمع بدون مبارك بالتنسيق مع الرئاسة لتهدئة الشارع، وألمح بين طيات حديثه عما حدث من إهدار للمال العام فى وقتها ما هو إلا سياسات خاطئة، جرت فى ذلك العصر. وكنا وقتها ما زلنا متآمرين وعملاء وخونة لرفضنا عسكرة الدولة وما جرى فى محمد محمود ومجلس الوزراء. ومرت الأزمة وتحكمت حلقاتها علينا فى زمن الإخوان الذين فشلوا فى الإصلاح والإفساد، والذين لابد أن يحاكموا أولا بتهمة الغباء السياسي التي نادى بها الرئيس الراحل أنور السادات، وذلك على الرغم من جوانب أخرى ليس وقتها. وأصبحنا فى وقتها بين كافرين وخارجين على الدين وأيضا لا نخلو من "حبة "عمالة على "شوية" خونة وهكذا، وذلك على الرغم مما صاحب زمن الإخوان من متنطعين ومتآمرين بداً من أجهزة الدولة وحتى الشعب الثائر. وانتهى بنا المطاف لنعود من جديد كما كنا في عهد الرئيس السيسي، والذي منذ بدأ وهو كل من يخالف ما يشرع به " السيسى" فهو "مش مننا وخائن وعميل وهكذا من الأوصاف، وأيضا لم نكن وطنيين، ولكن سقطنا مجددا فى بحر المؤامرة. معارض السيسى خائن للوطن، إذن ماذا نفعل وكل ما حولنا يكره وصفنا كل ما نلقاه يكدر صفونا، إننا بصدق لا نعلم حتى الآن ما المراد من كلمة "وطنية" خاصة أننا فى كل العصور "عملاء وخونة"، لكن ما نعيشه قد يضع لنا مصطلحا ربما يكون مطابقا لحالنا، هو أن تكون من الراقصين والزفافين ومن يجيدون مسك "السجات" للحاكم مرة وأمام الكاميرا تارة أخرى. وأغلب الظن أننا لن نصل إلى حد أن يقولا عنا إننا "وطنيون"، وربما لن نصل إلى مرحلة الوطنية وسنظل فى رأيهم ولاد "المثالية"، وهم الأرض وما عليها ونحن دونهم "قش وخيش". ولله در القائل: لو حد زعلان إنى ثورت .. أدينى غورت بطلت ثورة وبطلت نيلة .. وشلت على راسي التقيلة ملناش يا عم نصيب.. نفرح بخلفتنا.. ما يترضى بالمركوب.. يا ترضى بالفتنة هنداري ليه و نلف.. ونداري في الألاعيب.. الاعتراف مش عيب لو كنا شوفنا الغيب.. لا كنا قندلنا.. ولا كنا زفتنا صعبان عليا الحلم.. شايفه بيتكسر.. وعينيه طايلة المدى بس الإيدين أقصر أنا اللى عمره ما غاب وعمره ما إتأخر.. تطرح عينيكى عذاب يزرع عينيه سكر أنا اللي قال حاضر لا شرط ولا اتأمر.. ولا طمع ولا إدانى ولا بطش ولا اتجبر أنا اللي كل ما أجوع بعينيكى بتصبّر.. ما يغركيش العدد والله أنا أكتر أنا اللي مش إخوان.. وأنا اللي مش عسكر !