رأى الكاتب والمحلل العسكري الإسرائيلي الشهير رونين بيرجمان أنه بالنظر إلى النتائج على الأرض، فإن حماس انتصرت على إسرائيل في الحرب الأخيرة التي دارت بينهما. وقال بيرجمان، في مقال رأي أوردته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على موقعها الإلكتروني اليوم، الاثنين، إن "عدد القتلى والأسلحة المدمِرة التي بحوزة الجانبين ليست هى المعايير الرئيسية للانتصار، وإن كان الأمر يحسب بهذه الطريقة، لكانت إسرائيل هى الفائز بشكل واضح خلال تلك المواجهة". ورأى أن "عدد القتلى ليس المعيار الأهم في تحديد المنتصر، بل إن الأمر الأكثر أهمية هو المقارنة بين الأهداف التي وضعها كل جانب قبل الحرب، وما تحقق منها بعد الحرب، وبالنظر إلى الأمر من هذه الزاوية فإن حماس هى التي انتصرت". وأخذ الكاتب الإسرائيلي في سرد وجهة نظره قائلا إن "حماس بدأت الحرب نظرا لأنها كانت في حالة يرثى لها؛ بما يشمل توتر علاقاتها مع إيران ومصر، ولكن سرعان ما استطاعت أن يكون لها الكلمة العليا في أمد النزاع برفضها مرارا وقف إطلاق النار، علاوة على ذلك، حافظت على قدرتها على إطلاق الصواريخ والقذائف باتجاه معظم الأراضي الإسرائيلية رغم الجهد الكبير الذي بذله سلاح الجو الإسرائيلي في ضرب مواقع إطلاق تلك الصواريخ". ولفت إلى "شن حماس حملة ضد القوات البرية الإسرائيلية، وأوقعت أضرارا تقدر بخمسة أضعاف على الأقل، الخسائر التي وقعت على الجانب الاسرائيلي في الصراع الأخير، ونجحت في استخدام الأنفاق في اختراق الأراضي الإسرائيلية وبث الخوف وإضعاف المعنويات بها. كما كلفت حماس، إسرائيل ثمنا باهظا، فضلا عن سحب الجيش الإسرائيلي مؤخرا لجنوده من غزة بدون وقف لإطلاق النار". وأشار بيرجمان إلى أن "الزعماء الإسرائيليين يضعون نصب أعينهم نزع السلاح من قطاع غزة بوصفه أحد أهدافهم"، لافتا إلى أن "ذلك من الصعب تحقيقه؛ فلن توافق حماس أبدا على نزع سلاحها في ظل المواجهات المتكررة مع إسرائيل". واعتبر أن "إنجازات حماس التي حققتها على أرض المعركة كانت ثمرة جهود ملموسة بذلت من أجل الاستفادة من دروس أخذتها من الهزائم التي تعرضت لها إسرائيل في السابق، ففي يوليو 2006، اختطفت جماعة حزب الله اللبناني جنديين إسرائيليين على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وفشلت إسرائيل في الوفاء بتعهدها بتدمير هذه الجماعة عقب ذلك، أو حتى استرجاع جندييها المختطفين أو نزع السلاح من جنوبلبنان". وأكد الكاتب الإسرائيلي أن "حماس لم تخرج من حرب 2012، صفر اليدين، بل تعلمت دروسا مستفادة من تلك الحرب وعملت على تطبيقها؛ فأولا، اتخذت حماس تدابير صارمة لمكافحة التجسس لتجنب المراقبة الإلكترونية الإسرائيلية، وبالتالي لم تتمكن إسرائيل من معرفة الكثير مما ينبغي معرفته حول مدى صواريخ حماس، وتوزيع مستودعات تخزين الصواريخ وإطلاقها بالتحكم عن بعد، وثانيا، من أجل الاستعداد للغزو الإسرائيلي، استبدلت حماس قادة كتائبها برجال جدد تلقوا تدريبات في لبنان أو إيران، وطورت عقيدة حرب مدنية ممنهجة لضمان إلحاق أقصى قدر من الخسائر بإسرائيل وحماية قيادتها العليا من الاغتيال في نفس الوقت، وأخيرا، استثمرت حماس في بناء شبكة واسعة ومعقدة من الأنفاق التي وصلت إلى الأراضي الإسرائيلية، فضلا عن تشكيلها وحدات الضفادع البشرية لمهاجمة إسرائيل من البحر. واعتبر الكاتب أن كل هذا التقدم لحماس يشير إلى انتصارها خلال هذه المواجهة مع إسرائيل.