يحتفل العالم غدا، الثلاثاء، باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف 2014 تحت شعار "تربتنا مستقبلنا.. فلنحمها من تغير المناخ"، بهدف زيادة الوعي بشأن التكيف القائم على النظام الإيكولوجي باعتباره استراتيجية للتعامل مع آثار تغير المناخ، خاصة في المناطق الجافة. ويعني التكيف القائم على النظام الإيكولوجي تعزيز النظم الطبيعية لتخفيف أسوأ آثار تغير المناخ، وعندما تكون النظم الإيكولوجية سليمة تقل مخاطر التغير المناخي وتأثيره فيها، ويعتمد ما يقرب من 1.5 مليار شخص على مناطق متدهورة التربة، ويعيش ما يقرب من نصف الأكثر فقرا في العالم (42٪) في المناطق المتدهورة التي تعد من أكثر الأماكن انعداما للأمن في العالم، ويؤدي ذلك في بعض الحالات إلى الاضطراب الذي يزعزع مناطق سياسية بأكملها، وفي حين أن هذه المناطق تبدو بعيدة للذين يعيشون في المدن أو البلدان المتقدمة، إلا أن آثار معاناتهم تحس في جميع أنحاء العالم، وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2020 سيهاجر نحو 60 مليون نسمة من المناطق المتصحرة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى نحو شمال أفريقيا وأوروبا. وكانت الجمعية العامة أعلنت بموجب قرارها 115/49 في 19 ديسمبر عام 1994، يوم 17 يونيو بوصفه يوما عالميا لمكافحة التصحر والجفاف يحتفل به اعتبارا من عام 1995، والغرض من الاحتفال بهذا اليوم هو زيادة الوعي العام بمسألتي التصحر والجفاف، وبتنفيذ اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر في البلدان التي تعاني من جفاف أو تصحر شديدين، خاصة في أفريقيا. وفي رسالته بهذه المناسبة، قال بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، إن "الأرض ملك للأجيال القادمة، تأكد من أنها هى مقاومة لتغير المناخ، وبسبب تغير المناخ تتفاقم أو تسبب في تدهور الأراضي ولا يهدد سبل العيش فقط، ولكن أيضا السلام والاستقرار، ونحن يمكن أن نبدأ في رؤية المنافسة بين الرعاة ومزارعي الكفاف من أجل الأراضي الأكثر إنتاجية والصراعات بين المجتمعات على موارد المياه الشحيحة على نحو متزايد، والتقلبات في أسواق الغذاء العالمية والنزوح الداخلي والهجرة الجماعية كلها أعراض انعدام الأمن في هذا المجال". وأضاف أن "تدهور الأراضي أصبح حادا في الأراضي القاحلة في العالم، وأن نحو 80% يحدث في الواقع خارج هذه المناطق، وأن أكثر من 1.5 مليار شخص يعيشون على الأراضي المتدهورة من أجل البقاء وغالبيتهم من صغار المزارعين، وأن تغير المناخ في العديد من المناطق يهدد مباشرة مناطق زراعة الغذاء وإنتاج المحاصيل الزراعية، وتناقص موارد المياه العذبة، أما على الصعيد العالمي، لا يمكن التنبؤ بتغيرات الطقس المتطرفة التي لها تأثير أكبر على إنتاج الغذاء، ومع ارتفاع عدد سكان العالم فإنه يجب علينا أن نعمل على بناء قدرة كل موارد الأراضي المنتجة، والمجتمعات التي تعتمد عليها". وتابع مون: "إننا بحاجة إلى إدارة الأراضي على نحو مستدام وتجنب مزيد من التدهور، واستعادة وإصلاح ما تضرر، ويوجد أكثر من 2 مليار هكتار من الأراضي المستصلحة يمكن إعادة تأهيلها، وأن نعمل على الطريق حتي نحفظ هذه المناطق، وأن إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة يمكن أن يكون لها فضائل متعددة، وهذا هو السبيل لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ لإنتاج المزيد من الغذاء وتخفيف التنافس على الموارد، بل هو أيضا وسيلة للحفاظ على خدمات النظم الإيكولوجية الأساسية مثل احتباس الماء، والذي يحمينا من الفيضانات أوالجفاف". وأكد أن اتباع نهج شامل وعلى نطاق واسع في استصلاح الأراضي فرصة لخلق وظائف جديدة وفرص لسبل العيش، وذلك أن الناس لديهم المزيد من الخيارات من مجرد محاولة البقاء على قيد الحياة، وأن موضوع هذا العام لليوم العالمي لمكافحة التصحر هو "الأرض ملك للأجيال القادمة، دعونا تأكد من أنها تحمل تغير المناخ"، هو في متناول الأيدي، كما يتضح من المبادرات في كل من بوركينا فاسو والنيجر ومالي لإعادة تأهيل أكثر من 5 ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة، داعيا إلى أن نأخذ الإلهام من هذه الأمثلة وغيرها وحماية ورعاية الأرض لهذا الجيل والأجيال المقبلة. ويعرف "التصحر" بحسب المادة الأولى من اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر على أنه تردي الأراضي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة نتيجة عوامل شتى طبيعية وبشرية، بما يؤدي إلى فقدان قدرة الأرض على الإنتاج الزراعي ودعم الحياة، وهى ظاهرة عالمية طفت على السطح بقوة منذ ستينيات القرن الماضي، حينما ضربت موجات عديدة من الجفاف بقاعا شتى عبر العالم مسببة خسائر بشرية واقتصادية وبيئية فادحة. ولقد تفاقمت هذه الظاهرة وازدادت حدة، خاصة خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث تشير التقديرات إلى أن العالم يفقد كل عام نحو 10 ملايين هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة بسبب التصحر، وتعد القارة السوداء "أفريقيا" الأكثر تأثرا بها، حيث يصنف ثلثا مساحة هذه القارة على أنه صحراء أو أراض قاحلة غير منتجة، كما يعاني الوطن العربي بشدة من هذه الظاهرة بسبب وقوعه ضمن النطاق الصحراوي وشبه الصحراوي الممتد من شمال أفريقيا إلى آسيا، وتشكل نسبة المساحات المتصحرة والأراضي القاحلة في المنطقة حوالي 88% من إجمالي المساحة الكلية، بما يوازي 13 مليون كيلومتر مربع، أي حوالي 28% من إجمالي المناطق المتصحرة على مستوى العالم. وتتفاوت مساحة الأراضي الجافة والمتصحرة من دولة عربية إلى أخرى، ففي دولة الكويت تصل نسبة الأراضي الصحراوية والقاحلة إلى حوالي 90% من مساحة الدولة، وفي قطر تبلغ نسبة الأراضي المزروعة والمناطق الرعوية حوالي 7%، بينما تتشكل بقية المساحة من صحاري وأراض جافة غير مأهولة، وفي مصر لا تزيد نسبة الأراضي المأهولة والمستزرعة على 6% من المساحة الكلية للدولة، ويمكن أن تزيد شدة التصحر إلى الدرجة الرابعة أي التصحر الشديد جدا، حينما تظهر في المنطقة الكثبان الرملية الكبيرة والأخاديد وأعراض تملح التربة، وتختلف حالات التصحر ودرجة خطورته بشكل عام من منطقة لأخرى تبعا لاختلاف العوامل المسببة سواء كانت طبيعية أم ناتجة عن الأنشطة البشرية، كما قد تختلف درجة وحدة التصحر في ذات المنطقة من وقت إلى آخر زيادة أو نقصانا تبعا للعوامل نفسها.