استيقظت مدينة العبور، إحدى ضواحي القاهرة الشمالية، أمس، على واقعة اغتيال العميد أركان حرب عادل رجائي، قائد الفرقة التاسعة المدرعة بالجيش، أمام منزله، والواقعة تشير بأصابع الاتهام لجماعة الإخوان بالتزامن مع تأييد محكمة النقص حكما بسجن الرئيس الأسبق محمد مرسي 20 عاما في القضية المعروفة إعلامية ب"أحداث قصر الاتحادية". أعلنت جماعة مسلحة تطلق على نفسها اسم "لواء الثورة" مسؤوليتها عن الهجوم، ونشرت الجماعة عبر حسابها على «تويتر» أن مجموعة من مسلحيها قاموا "بتصفية رجائي بعدة طلقات في الرأس"، واستولت على سلاحه، في عملية لم تكن الأولى؛ حيث تبنت استهداف أفراد شرطة في أحد الكمائن الأمنية بمحافظة المنوفية أغسطس الماضي، في هجوم أسفر عن مقتل شرطيين وإصابة 5 أفراد بينهم مدنيان. ونادرا ما يُستهدَفُ ضباط بهذا المستوى في الجيش بشكل مباشر من قبل مسلحين، بعيدا عن منطقة العمليات شمال سيناء التي يواصل فيها الجيش والشرطة منذ أكثر من ثلاث سنوات عمليات عسكرية ضد مسلحين متشددين، والحادثة تستدعي طرح العديد من الأسئلة حول التحول النوعي لتحركات الجماعات المتطرفة واغتيالها لقيادات عليا بالقوات المسلحة خارج ساحة المعركة الرئيسية. قال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، إن مجموعة "لواء الثورة" التي أعلنت مسؤوليتها عن الحادث وغيرها من وقائع العنف الصغيرة التي ظهرت بعد خروج الإخوان من الحكم، لا يمكن فصلها عن الصراع الدائر داخل الجماعة بين جناحين، أحدهما يريد الإبقاء على الجماعة بصفتها وكيانها والعودة بها إلى ما قبل 30 يونيو، والجناح الآخر يريد العنف واستخدام السلاح في مواجهة النظام السياسي الحالي من أجل العودة للحكم من جديد. وأضاف بان ل«البديل» أن مسمى "لواء الثورة" أحد الأسماء التي تستخدمها الحركة لتضليل أجهزة الأمن، ولديها مجموعة أهداف داخل الشرطة والقوات المسلحة «قوائم اغتيال داخل أجهزة الأمن»، واستطاعت رصد هدف قريب مثلما حدث مع العميد عادل رجائي واغتياله، متوقعا أن تشهد الأيام المقبلة تكرار مثل هذه العمليات، بالتزامن مع دعوات النزول والفوضى؛ في محاولة لتأجيج الموقف. وأوضح اللواء محمود زاهر، الخبير الأمني، أنه لا يمكن قراءة الحادثة دون العودة للخط الرفيع الفاصل بين المجموعات الإرهابية في سيناء وجماعة الإخوان بالداخل، مضيفا: «هذه الجماعات وثيقة الصلة بالتسليح الداخلي للجماعة وأذنابها في بعض المناطق الداخلية سواء المحافظات أو الضواحي القريبة من القاهرة، مثلما حدث مع الخلية المسلحة بدمياط بمنطقة البصارطة وتم القبض عليها». وتابع زاهر أن حادثة اغتيال العميد رجائي تأتى في إطار الضغط وملاحقة العناصر الإرهابية في سيناء، ومن ثم فرارهم إلى الأطراف واختيار شخصيات لها حيثية مثلما حدث مع كمين الشرطة بحلوان، ومحاولة الاغتيال الفاشلة لمساعد النائب العام بالقاهرة الجديدة الشهر الماضي. وأشار الخبير الأمني إلى أن الجماعات الإرهابية ذات الصلة بالإخوان تنفذ الاغتيالات على الأطراف عبر ميليشياتها الإلكترونية؛ لبث الذعر في قلوب المواطنين، ومحاولة تصوير الأمر بأنهم مازالوا يمتلكون السيطرة والقدرة على إرهاب الدولة، مؤكدا أن الحوادث السريعة الخاطفة تعكس ضعف الجماعات الإرهابية، خاصة أنها لا تؤثر في قوة الدولة وكيانها. وعن كيفية وصول الجماعات الإرهابية إلى معلومات دقيقة بعناوين الضباط وأماكن تمركزهم، قال: «هناك متعاونون ومأجورون بالداخل ممن يتم شراؤهم بالأموال، ونحتاج إلى قبضة حديدية من التأمين الداخلي تنفذه الشرطة على الشخصيات المهمة ذات التأثير، سواء من القوات المسلحة أو شخصيات أمنية وقضائية». وتأتى حادثة اغتيال العميد رجائي بالتزامن مع تأييد محكمة النقص، وهي أعلى سلطة قضائية، حكما بسجن الرئيس الأسبق محمد مرسي 20 عاما في القضية المعروفة إعلامية ب"أحداث قصر الاتحادية".