شيئا فشيئا، تصبح نوايا ما يسمى بتنظيم داعش واضحة وجلية في رحلتها لتخريب الحضارةالعربية ومعالمها. فما بين تدمير آثار العراقوسوريا وتجهيل المناطق التي تخضع لحكمها، طالت يد الخراب الداعشية شهداء فلسطين في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين هنا وهناك، كانت آخر الهجمات التي ينفذها التنظيم تدمير مقبرة تحتوي رفاة شهداء فلسطينيين يعتبرهم الفلسطينيون رمزا للثورة والمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، أمثال خليل الوزير، وسعد صايل. غضب عارم للنشطاء الفلسطينيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة إثر تدمير رفات شهدائهم، ومطالبات جدية بنقلهم إلى فلسطين وتنديدات من الفصائل الفلسطينية التي اعتبرت تلك الخطوة جريمة بحق الشهداء الفلسطينيين، وعلى حد وصف النشطاء، فإن الشهداء الفلسطينيين يموتون مرتين. أمير الشهداء كان خليل الوزير، أحد القادة الفلسطينيين الذين بدأوا تأسيس حركة فتح مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، وكان مسؤولا عن أول مكتب للحركة فُتح في الجزائر، وكونه مؤمنا بالنضال المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي، سعى الوزير، إلى الحصول على إذن من السلطات الجزائرية لافتتاح أول معسكر تدريب للفلسطينيين. توجه بعدها إلى دمشق، حيث أسس مقرا للقيادة العسكرية للفدائيين الفلسطينيين، وتكفل بربط العلاقات بين المجموعات الفدائية داخل فلسطين وخارجها، وقام حينها بالتخطيط لعمليات عسكرية ضد الجيش الإسرائيلي المتواجد في منطقة الجليل الأعلى. خلال إدارة خليل الوزير للفدائيين الفلسطينيين، ساعد في تطوير المهارات والإمكانيات القتالية للمقاومين الفلسطينيين في أماكن تواجده، وكان له دورا بارز في معركة بيروت عام 1982، والتي استمرت 88 يوما خلال غزو لبنان. كان الوزير، يؤمن بأن مصير الاحتلال يتحدد على أرض فلسطين وحدها وليس على طاولات المفاوضات، وكان من أشد المؤيدين للثورة ضد الاحتلال، حتى شعر الكيان الصهيوني بخطورته لما يحمل من أفكار ثورية داعمة للمقاومة والتحرير، فبدأ التخطيط لاغتياله، وفي أبريل عام 1988، استخدم الموساد الصهيوني عددا كبيرا من القوات المتخصصة في الاغتيالات، مرافقة لعمليات إنزال اقتحمت بيته في تونس، وأطلقوا على جسده أكثر من 70 رصاصةً، حتى سُمي أمير الشهداء. عمليات الوزير نورد بعض العمليات التي كانت موجعة للكيان الصهيوني خلال مسيرة أمير الشهداء النضالية: عملية تفجير خزانات زوهر عام 1955، تفجير خط أنابيب المياه ما يسمى بخط عيلبون عام 1965، تفجير فندق في تل أبيب وقتل 10 صهاينة عام 1975، تفخيخ شاحنة في القدس عام 1975، قتل كبير خبراء المتفجرات الصهيوني ومساعده عام 1976، عملية دلال المغربي التي أسفرت عن قتل أكثر من 40 صهيونيا، قصف ميناء إيلات، قصف المستوطنات الشمالية بقذائف الكاتيوشا، أسر 8 جنود صهاينة وإبرام صفقة تبادل أفرج خلالها عن 5 آلاف أسير فلسطينيولبناني و100 من أسرى الأراضي المحتلة، تفجير مقر الحاكم العسكري الذي أودى بحياة أكثر من 80 صهيونيا برتب عسكرية رفيعة، إدارة حرب لبنان ما بين 1982-1984 والتي سميت معركة الاستنزاف، ومن أهم هذه العمليات والتي كانت سببا رئيسيا في اغتياله: عملية اقتحام مفاعل ديمونة الذي يعد أكثر الحصون حمايةً في دولة الكيان الصهيوني. مارشال بيروت لا يقل تاريخ الشهيد سعد صايل، عن تاريخ خليل الوزير، في مسيرته الفدائية ضد الاحتلال الصهيوني، إلا أنه درس الهندسة العسكرية أكاديميا في دورات عسكرية في بريطانيا والولايات المتحدة، ثم جاء بعدها لينضم لمنظمة التحرير الفلسطينية، ليشرف على الوحدات الفدائية، بل عُين مديرا لهيئة العمليات المركزية لقوات الثورة الفلسطينية. كان لصايل، دور كبير في إدارة عمليات فدائية كبيرة وموجعة للعدو الصهيوني في لبنان، حتى أُطلق عليه لقب مارشال بيروت. وفي عام 1982، بعد جولة على الثوار الفلسطينيين في لبنان، قام الاحتلال الإسرائيلي باغتياله، ودفن في مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك. هذه النماذج للشهداء الفلسطينيين الذين يعتبرون رموزا للثوار وللكفاح الفلسطيني ضد الاحتلال، ليس من مصلحة أحدٍ أن يندثر تاريخهم ويقتلوا مرة أخرى في قبورهم، خدمة للكيان الصهوني، ما يطرح سؤالًا كبيرا حول أصول هذا التنظيم والأهداف العليا التي يسعى لتحقيقها، والتي يظهر منها طمس الحضارة والثورة العربية بشكل عام، والفلسطينينة بشكل خاص، خصوصا لما للتنظيم من تاريخ مشين ضد الفلسطينيين في سوريا.