تتصاعد الخلافات السعودية العراقية يومًا بعد الآخر؛ فلم تكن مطالبة وزارة الخارجية العراقية نظيرتها السعودية باستبدال سفير الممكلة في بغداد، ثامر السبهان، على خلفية تصريحاته الطائفية، وموافقة المملكة على الطلب العراقي، الخطوة الأخيرة على طريق توتر العلاقات بين بغدادوالرياض، بل جاءت المزيد من الخطوات التي توحي بأن الصراع السعودي العراقي سيشهد العديد من الفصول قريبًا. في خطوة لافته، خفضت السعودية الجمعة الماضية، تمثيلها الدبلوماسي في العراق، بعد طلب حكومة بغداد استبدال سفير المملكة "ثامر السبهان" متهمة إياه بالتدخل في الشأن العراقي الداخلي، وفي الوقت نفسه أصدر العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، أمرًا ملكيًا بتعيين "السبهان" وزير دولة لشؤون الخليج بوزارة الخارجية. وكان السبهان أعلن عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، الخميس الماضي، عن تسمية عبد العزيز الشمري، الضابط برتبة عميد ركن، الذي كان يتولى منصب الملحق العسكري بالسفارة السعودية في ألمانيا، كقائم بالأعمال في السفارة السعودية لدى بغداد. من جانبها، أعلنت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، معارضتها تعيين السعودية للشمري قائمًا بأعمال سفارتها في بغداد خلفًا للسبهان، حيث قال عضو اللجنة النائب، خالد الأسدي، إن لجنة العلاقات الخارجية تعارض تعيين السعودية عبد العزيز الشمري قائمًا بأعمال سفارتها في بغداد، مضيفًا أن الدبلوماسي الجديد في إشارة إلى الشمري، يحمل رتبة عسكرية، وبالتالي وجوده في العراق لا يصب في مصلحة الرياضوبغداد، واصفا إياه ب"نسخة" أخرى من السبهان، الذي خلق المشاكل والتوترات بين البلدين. استبدال السفير السعودي في العراق جاء بناءً على طلب تقدمت به وزارة الخارجية العراقية في 28 أغسطس الماضي، حيث طلبت من نظيرتها السعودية استبدال سفير بلادها لدى بغداد، دون أن توضح الأسباب، لكن ذلك جاء بعد أن اشتكت بغداد من السبهان مرارًا بسبب ما وصفته ب"تدخلاته في الشأن الداخلي العراقي، والإساءة للحشد الشعبي ودوره في تحرير المدن العراقية، والإخلال بالعملية الدبلوماسية". يبدو أن استبدال "الشمري" ب"السبهان" لن يمنع التدخلات السعودية في الشأن العراقي، فالأمر مجرد تغيير أسماء ومناصب، وليس سياسات؛ ويبرهن على ذلك تدخل وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، في الخطط العسكرية الموضوعه من قبل السلطات والقيادات العراقية فيما يخص معركة الموصل، قائلا في مؤتمر صحفي مع نظيره التركي، مولود جاويش أوغلو، الخميس الماضي، إن مشاركة قوات الحشد الشعبي في معارك تحرير الموصل قد تؤدي إلى كارثة، ودعا الحكومة العراقية إلى استخدام الجيش وأهالي المناطق المراد تحريرها بمعزل عن ما سماها بالقوات المدعومة من إيران في حربها ضد داعش، وأضاف أن الحشد الشعبي يُعد مليشيا طائفية تنتمي لإيران وتسببت في إحداث مشاكل وتصدعات وارتكبت جرائم عرقية بحق المدنيين في أماكن مختلفة في العراق. واحتجت وزارة الخارجية العراقية رسميًا، على تصريحات الجبير، وأشادت بقوات الحشد الشعبي ودورها في التصدي لقوات داعش الإرهابية، واعتبرت تصريحات الجبير لا قيمة لها، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، أحمد جمال: "لن يهمنا عويل وأصوات المتباكين عليها، كلما ضيقت قواتنا البطلة الخناق على هذه العصابات القادمة من وراء الحدود والمدعومة بالمال وثقافة التطرّف من دول باتت معلومة للقاصي والداني، ومثل هكذا تصريحات تسقط الأقنعة لتعرّي المزيد من وجوه الأحقاد العصبية والنعرات الطائفية". وبعد يوم واحد من تصريحات وزير الخارجية السعودي، استقبل رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، عددًا من قادة الحشد الشعبي، وتناول خلال اجتماعه معهم خطط تحرير الحويجة والموصل وتعزيز قدرات القوات المحررة ووضع البدائل المناسبة في أي تطور ميداني على الأرض. يبدو أن الأزمة والتوترات بين السعودية والعراق تتجه نحو المزيد من التصعيد خاصة بعد أن دخل وزير الخارجية السعودي على خط الأزمة رسميًا، فلم تعد الأزمة تقتصر على تصريحات متهورة لسفير أو اتهامات متبادلة بين نواب ومسؤولين، بل تخطت هذه الحدود لتصل إلى تصريحات وتهديدات واتهامات متبادلة بين قادة الدولتين، الأمر الذي ينبئ بتصعيد المعركة في الموصل خاصة مع إصرار تركيا على الدخول في المعركة والانضمام إلى صفوف المملكة.