تسير إثيوبيا بخطى ثابتة نحو هدفها بإنشاء سد النهضة، ويبدو أن جميع المحاولات المصرية لإيقاف تقدم عمليات بناء السد باءت بالفشل؛ حيث وقعت الوفود الفنية لكل من مصر والسودان وإثيوبيا، اليوم الثلاثاء، بشكل نهائي ورسمي عقود الدراسات الفنية لسد النهضة الإثيوبي مع المكتبين الاستشاريين الفرنسيين والمكتب القانوني الإنجليزي، في العاصمة السودانية الخرطوم. توقيع العقود التنفيذية جاء بعد 12 جولة من المفاوضات التي وصفها الخبراء والمتخصصون، بالمرهقة وعديمة الجدوى، حاولت مصر من خلالها التأثير على الجانب الإثيوبي لكنها لم تتمكن، وفي نهاية المطاف، استطاعت أديس أبابا إملاء شروطها على مصر والسودان؛ بتقبلهما سد النهضة كأمر واقع. توقيع الاتفاق وقع وزير الري المصري ونظيريه السوداني والإثيوبي، اليوم، العقود الخاصة بدراسات سد النهضة مع المكاتب الاستشارية الفرنسية، في إطار تنفيذ توصيات اللجنة الدولية للخبراء، التي أوصت بعمل دراستين وهما دراسة نموذج ومحاكاة الموارد المائية ونظام التوليد الكهرومائي، وتقييم الأثر البيئي والاجتماعي والاقتصادي العابر للحدود، وكانت العقد من 5 نسخ تضم كل منها 200 صفحة تقريبا. ونص العقد على أن يتم عرض تقارير دورية على وزراء المياه الثلاث تتضمن ما تم الانتهاء من تنفيذه خلال مدة التعاقد البالغة 11 شهرا، يتم بعدها عرض التوصيات الفنية للتعامل مع الآثار السلبية للمشروع بالتوافق بين الدول الثلاث خاصة تأثيره على الهيدروليكية وحركة مياه النهر باتجاه مصر والسودان. الشركات الأجنبية المشرفة على العقود كان من المقرر التعاقد يومي 6 و7 سبتمبر الجاري في الخرطوم، إلا أن الدول الثلاث قررت التأجيل بسبب أمور عالقة بين المكتب الاستشاري "الفرنسي" والمكتب القانوني "البريطاني" الذي يقوم بصياغة العقود، وترددت أنباء بأن التأجيل السابق كان بسبب خلافات بين الشركات الفرنسية والبريطانية حول صياغة العقود. والشركتان الاستشاريتان تحملان الجنسية الفرنسية، وقد حازتا على عقد الدراسات الإضافية الفنية، الأولى الرئيسية وهي شركة "بى.آر.أل"، والثانية الفرعية وهي شركة "أرتيليا"؛ لدراسة آثار سد النهضة الأثيوبي على دولتي المصب، وتتعلق الدراسات بتحديد الآثار السلبية للسد على هيدروليكية المياه وحركة المياه "الداخلة والخارجة" من السد ومعدلات وصول المياه من السد الإثيوبي وحتى بحيرة السد العالي وقناطر الدلتا، بالإضافة إلى الآثار الاقتصادية والاجتماعية للمشروع على مصر والسودان. ويجري ممثلو المكتبين الفرنسيين "بى.آر.أل" و"أرتيليا" زيارات ميدانية للخزانات السودانية "سنار والروصيرص" على النيل الأزرق، وسد "مروى" على النيل الرئيسي، وكذلك "السد العالي وخزان أسوان"، وحتى قناطر "الدلتا" في مصر، وفي المقابل، تتخصص الشركة الثالثة التي تحمل الجنسية البريطانية وتحت اسم "كوربت"، بالجوانب القانونية والإدارية والمالية بالإضافة لتنسيق بين الدول مصر والسودان وإثيوبيا. ويرى مراقبون أن نتائج الدراسات ستكون عبارة عن عملية إهدار للوقت والمال وستكون بلا قيمة حقيقية؛ لأن السد بعد 11 شهرًا سيصبح أمرًا واقعًا، بعد أن قررت إثيوبيا افتتاح السد في يونيو 2017، فمن المقرر أن تنتهي إثيوبيا من بناء سد النهضة العام المقبل حسب خطتها الزمنية المعلنة، ويثير إنشاء السد مخاوف شديدة في مصر من حدوث جفاف مائي محتمل يؤثر سلبا على الزراعة والصناعة ومياه الشرب.