يبدو أن الجانب الأمريكي مصمم على ابتزاز حليفه السعودي، حيث يصوت مجلس النواب الأمريكي، الأسبوع الجاري، على مشروع قانون يسمح لضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001 بمقاضاة السعودية؛ للحصول على تعويضات مالية للمتضررين. وتأتي هذه الخطوة من الجمهوريين في مجلس النواب بعد الضغط المتزايد من الداعمين للمشروع على القادة في المجلس هذا الأسبوع لتمرير المشروع. آلية القانون ونظرًا لأن مجلس الشيوخ أقر "قانون العدالة بحق رعاة الإرهاب" بالإجماع في مايو الماضي، فإن موافقة مجلس النواب على المشروع ستثير مواجهة محتملة مع البيت الأبيض الذي هدد باستخدام النقض الرئاسي (الفيتو) ضده، ولكن يصبح "فيتو" الرئيس الأمريكي باراك أوباما غير فاعل في حال تصويت أكثر من ثلثي أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، كل على حدة، على مشروع القانون. والجدير ذكره أن أوباما نفسه بين الحين والآخر يلمح بتغيير مواقفه، ف "بين روديز"، أحد كبار مستشاري الرئيس الأمريكي باراك أوباما، قال إن حكومة المملكة العربية السعودية لم تدعم أفراد تنظيم القاعدة الذين نفذوا الهجمات، بل دعمهم أفراد سعوديون، ولكنه في الوقت نفسه قال بأن السعودية لم تحاول منع هذا الدعم، حيث قال: "هناك أمران، الأول هو هل كانت الحكومة (السعودية) تسعى بجد لوقف (تمويل القاعدة)؟ وأعتقد أن الإجابة على ذلك هي لا." وإذا أصبح مشروع "قانون العدالة بحق رعاية الإرهاب" قانونًا، فإنه سيرفع الحصانة السيادية، التي تمنع إقامة دعاوى قضائية ضد حكومات الدول التي يثبت أن مواطنيها شاركوا في هجمات إرهابية على الأراضي الأمريكية. وسيسمح القانون للناجين من الهجمات وأقارب القتلى بالمطالبة بتعويضات من دول أخرى. وفي هذه الحالة فإنه سيتيح المضي قدمًا في دعاوى بمحكمة اتحادية في نيويورك، حيث يسعى محامون لإثبات أن السعوديين كانوا ضالعين في الهجمات على مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) في واشنطن. وشارك في هجمات 11 سبتمبر 19 شخصًا، من بينهم 15 مواطنًا سعوديًّا، وأودت الهجمات بحياة أكثر من 3 آلاف شخص، عندما اتجهت 4 طائرات بعد أن غيرت مسارها، للاصطدام في برجي مركز التجارة العالمية بمنهاتن ومقر وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، وقتها أعلن تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن الذي تم اغتياله من واشنطن في باكستان تبنيه للحادث. يذكر أنه قد سبق أن حاولت عائلات أمريكية ملاحقة المملكة العربية السعودية في المحاكم، وأجهضتها الدولة الخليجية، الأمر الذي يرغب القانون الجديد في إبطاله؛ ليستطيع أهالي المتضررين من الهجمات من محاكمتها بصورة طبيعية. التهديد السعودي لواشنطن سبق أن هددت السعودية بسحب احتياطات مالية واستثمارات بالولاياتالمتحدة في حال إقرار مشروع القانون، حيث قام وزير خارجية المملكة، عادل الجبير، بالتلويح بإمكانية بيع الأصول السعودية في أمريكا إذا ما تم إقرار مشروع قانون يسمح لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر بمقاضاة حكومات أجنبية. ليعود الجبير ويقول إنه لم يهدد بسحب استثمارات المملكة من أمريكا، حيث قال في مايو الماضي، إن المملكة لم تهدد الولاياتالمتحدةالأمريكية بسحب استثماراتها في حال إقرار مشروع القانون الذي يسمح لذوي ضحايا الهجمات الإرهابية بمقاضاة حكومات أجنبية، وأضاف أن "المملكة لم تهدد الولاياتالمتحدة بسحب استثماراتها، بل بينت لها خطورة مشروع القانون، وأنه سينال من ثقة المستثمرين". ويبدو أن واشنطن تعلم جيدًا أن الرياض لا تملك أن تقوم بهذه الخطوة، فوفقًا لمراقبين اقتصاديين ومن ضمنهم إدوين ترومان، وهو بروفيسور في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، يسود اعتقاد بأن السعوديين كانوا على الأرجح يوجهون تهديدًا أجوف، فبيع مئات المليارات من الدولارات من الأصول الأمريكية لن يكون فقط من الصعب من الناحية الفنية، ولكنه أيضًا من المرجح جدًّا أن يسبب اضطرابًا في السوق العالمي. وعلاوة على ذلك فإنه قد يزعزع استقرار الدولار الأمريكي في أسواق العملة الدولية في وقت يعد فيه هو العملة الرئيسية للاحتياطي النقدي السعودي نفسه، وبهذه الطريقة تكون الرياض على طريق معاقبة نفسها قبل واشنطن. ومن المتوقع أن يعرض التشريع، الذي وافق عليه مجلس الشيوخ في مايو بالإجماع، على مكتب الرئيس باراك أوباما قبل أيام من الذكرى ال 15 لهجمات 11 سبتمبر.