لا تستغنى بعض الماكينات التي تدخل في صناعة السيارات والأوناش وحتى عجانات الخبز، عن قطع الغيار المصنوعة من الألومنيوم، والتي تعتبر إحدى الصناعات الصغيرة المكملة للإنتاج، والتي لا تتوقف الحكومة عن الحديث عن أهميتها وضروة تشجيعها. في الوقت نفسه، تعاني فيه مهنة سباكة الألومونيوم من عدم القدرة على الاستمرار بعد أن استولت المصانع الكبرى على السوق، وأصبحت المهنة كغيرها من الحرف مهددة بالانقراض. منطقة الفراهدة بمحافظة الإسكندرية، تضم العديد من ورش صناعة الألومنيوم، والتي تقوم بصهر الخردة وإعادة تشكيلها من جديد، ولكن تلك الورش تقلصت أعدادها وكادت أن تنقرض نظرًا لقلة الأعمال المسندة إليها بعد سيطرة المصانع عليها. قال عادل محمد السيد، صاحب ورشة ويعمل بحرفة سباكة الألومنيوم منذ 40 عامًا، إنه يشتري الألومنيوم الخردة ثم يقوم بصهره في الفرن الخاص به داخل الورشة، وعند إذابته تمامًا تبدأ عملية تشكيله حسب حاجة العميل، من خلال صبه في الفورمة الخاصة بالمنتج المطلوب، ويتركه حتى يتحول للصورة الصلبة ثم ينزعه ويعرضه للبيع. وأضاف السيد ل"البديل" أن سباكة قطعة من الألومنيوم لا تتجاوز النصف ساعة، فهي لا تستهلك الكثير من الوقت ولكن العائد من المهنة تأثر إلى حد كبير وأصبح لا يغطي نفقاتها، نتيجة عدم القدرة مع المصانع الكبرى وعدم تشجيع الصناعت الصغيرة، إلى جانب ما يواجهه الحرفي من مخاطر أثناء عملية الصناعة، خاصة وأنه يحمل المعادن السائلة على درجة الغليان من مكان لآخر، ما يشكل خطورة احتمالية انسكابها أثناء التنقل، لذا فهي تعتمد على القوة البدنية. السيد، قال إنه نأى بأبنائه بعيدًا عن المهنة نظرًا لضعف العائد منها، والذي لا يفي بمتطلبات المنزل ولا يكفي سوى لشراء "قميص أوبنطلون بالعافية"، على حد قوله، مشيرًا إلى أن التراجع عن الحرفة زاد إلى حد كبير، حتى تقلصت أعداد الورش بالإسكندرية إلى 60 ورشة فقط، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار الخردة من 10 إلى 14 جنيهًا خلال أسبوعين فقط، والعمل بنظام القطعة والعرض والطلب، ولا يكاد دخله يزيد عن ألف جنيه شهريًا وهو مبلغ ضئيل للغاية ولا يفي بمتطلباته بأي حال من الأحوال. حسن عبده، صنايعي ألومنيوم، قال "الناس القديمة هي اللي بتشتغل دلوقت، الحاجة كانت ببلاش دلوقت أسعارها زادت، والشغل كله قل بسبب الحالة الاقتصادية وعدم وجود صناعة في البلد ومفيش دعم من الدولة والناس بتدوس علينا.. مفيش حد عايز نشتغل له، شغل إيه اللي هنعمله بعد ما أخدته المصانع الكبيرة". وأشار عبده إلى أن العملاء عزفوا عن اللجوء للورش الصغيرة أمام سيطرة المصانع الكبرى على كافة الصناعات، ما أدى إلى "موت المهنة" بحسب قوله، مطالبًا حكومة المهندس شريف إسماعيل، بالالتفات إلى الحرف الصغيرة وإعفاء أصحابها من الضرائب، كما ناشد الرئيس السيسي بالنظر إلى الصناعات الصغيرة التي تواجه خطر الانقراض، بينما استنكر عبده تجاهل أعضاء مجلس النواب الذين لا يسألون عنهم ولا يعرفون معاناتهم ولا يبحثون مطالبهم.