تعرضت مدينة غازي عنتاب، في جنوب شرق تركيا، يوم السبت الماضي، لهجوم إرهابي أسفر عن مقتل 54 شخصا على الاقل وإصابة العديد، ورغم أن الأمر يبدو مروعا فإنه لم يكن مفاجئا تماما، فقد شهدت تركيا عدة هجمات إرهابية في أقل من عام بسبب عدم الاستقرار السياسي والاستقطاب العرقي والطائفي، وسياسة الحكومة تجاه الصراع في سوريا. منفذ الهجوم شاب في سن المراهقة، كان تحت العشرة أعوام حين بدأت الحرب الأهلية السورية، وكانت هذه بيئة مواتية لكي يلتحق بالجماعات التكفيرية، خاصة في ظل عدم الاستقرار السياسي الذي تسبب فيه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان. أصبحت مدينة غازي عنتاب، ملاذا آمنا لتنظيم داعش الإرهابي الذي ذكر أن له عددا كبيرا من الأنصار في المدينة، هذه البنية لم تنشأ لولا عدم مبالاة تركيا واندفاعها في التعاون مع مثل هذه التنظيمات والجماعات التكفيرية، وذلك باستخدام أراضيها منطقة لشن هجمات ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بهدف إسقاطه وهو ما تسعى إليه منذ أكثر من 5 سنوات. والآن بعد أن تمددت الجماعات التكفيرية في تركيا، أصبحت تركيا بمثابة باكستان الشرق الأوسط، حيث دعمت باكستان حركة طالبان خلال الحرب الأهلية الأفغانية في التسعينات، وانتهى الأمر إلى أن الحركة لم تبق داخل الحدود الأفغانية، الحال كذلك فيما يتعلق بسياسة تركيا، إذ غضت أنقرة الطرف عن الشبكات المتطرفة في سوريا حتى ازدهرت في الأراضي التركية. على الرغم من وعد وزير الخارجية التركي باقتلاع داعش من الحدود التركية السورية، فإن عديدين يشككون في قدرته على تحويل كلماته إلى أفعال، إذ من المستحيل تطهير مجموعة راسخة مثل داعش، على الأقل في المستقبل القريب. داعش جزء من المشلكة، كما أن تركيا تعيش في بيئة سياسية واجتماعية تفضي إلى عدم الاستقرار بما يولد العنف والفظائع الإرهابية، بالإضافة إلى مشكلة الأكراد التي يشعلها أردوغان، كجزء من ترسيخ حكمه عبر الدفع بتعديلات دستورية أكبر. ستواصل داعش التركيز على تركيا واستثمار مواردها هناك لتعويض الخسائر في سوريا والعراق، وسيستمر أردوغان في تأمين سلطته خاصة بعد محاولة الانقلاب العسكري، ولن تكون ملاحقة داعش داخل أو خارج تركيا أولوية لأردوغان، طالما استمرت داعش في استهداف الأكراد، كما حدث في غازي عنتاب. جارديان