محاولات رأب الصدع وإزالة الجمود بين الصينوالفلبين لاتزال مستمرة، زيارات وتصريحات متبادلة تشير إلى بوادر حلحلة الأزمة بين الطرفين بعد أن وصلت العلاقات بينهما إلى مستويات غير مسبوقة من التوتر، لجأت فيها مانيلا إلى محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي. أجرى الرئيس الفلبيني الأسبق، فيدل راموس، زيارة إلى هونج كونج، في محاولة لإصلاح العلاقات مع الصين التي توترت بسبب نزاع بينهما في بحر الصين الجنوبي، حيث قال "راموس"، الجمعة الماضية، في نهاية الزيارة، وبعد اجتماعه مع نائبة وزير الخارجية الصيني السابق "فو ينغ"، إن مانيلا تريد إجراء مباحثات رسمية مع بكين؛ لبحث سبل التوصل إلى سلام وتعاون. وأضاف مبعوث الفلبين الخاص للصين في بيان مشترك مع النائب السابق لوزير الخارجية الصيني: محادثاتنا غير الرسمية تركزت على الحاجة لإجراء مزيد من المحادثات لبناء الثقة، للحد من التوترات لتمهيد الطريق أمام التعاون الشامل، متابعا: الصين ترحب بزيارة راموس لبكين كمبعوث خاص للرئيس الفلبيني، رودريجو دوتيرتي، الذي تولى منصبه في يونيو، وأبدى استعدادًا أكبر من سلفه للتواصل مع الصين. في المقابل، لاقت الجهود الفلبينية ترحيبا من قبل السلطات الصينية، حيث أعربت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، هوا تشان يينغ، عن أملها في أن تؤدي المحادثات غير الرسمية بين نائبة وزير الخارجية الصيني السابقة، فو يينغ، ورئيس المعهد القومي لدراسات بحر الصين الجنوبي، وو شي تسون، مع الرئيس الفلبيني الأسبق، فيدل راموس، إلى تحسين العلاقات واستئناف الحوار بين الصينوالفلبين، وأعربت عن ترحيبها بأي شكل من أشكال التواصل مع الفلبين، ونوهت المتحدثة باسم الخارجية الصينية بالجيرة والصداقة التقليدية التي لطالما كانت تميز العلاقات بين الصينوالفلبين، وحثت كلا الجانبين على بذل جهود مشتركة لتعزيز العلاقات الثنائية واستئناف الحوار والتعاون وتحسين التنمية السليمة والمستقرة لعلاقتهما. من شأن هذه الإجراءات حلحلة الأزمة بين الطرفين الصينيوالفلبيني بعد أكثر من شهر على إقرار محكمة التحكيم الدائمة في "لاهاي" بعدم وجود حق تاريخي للصين في هذا الممر المائي، وأنها انتهكت الحقوق السيادية للفلبين هناك، حيث قالت المحكمة إن ادعاءات بكين حول حقوقها التاريخية في بحر الصين الجنوبي لا أساس لها قانونًا، ولا يوجد أدلة على أن الصين مارست عبر التاريخ أي سيطرة حصرية على المياه أو الموارد في المنطقة، وهو القرار الذي جاء بناءً على دعوة رفعتها الفلبين. قرار محكمة التحكيم الدائمة أثار غضب بكين، التي عبرت عن رفضها بقوة للقرار قبل صدوره من خلال مقاطعة جلسات المحكمة، حيث قالت وزارة الخارجية في بكين في معرض رفضها للحكم إن سيادة الصين الإقليمية وحقوقها البحرية في البحار لن تتأثر بالقرار بأي شكل من الأشكال، ووصفت الصين الحكم بأنه "بني على أساس معيب"، وقالت إن الشعب الصيني لديه تاريخ في بحر الصين الجنوبي يمتد لأكثر من ألفي سنة، وفي الوقت حاول الرئيس الصيني، شي جينبينغ، لملمة الأمور بعد أن وصلت للمحاكم الدولية، حيث قال إن الصين ما زالت ملتزمة بحل الخلافات مع جيرانها، لتعود وزارة الخارجية الصينية وتؤكد أن الصين حريصة على احترام حرية الملاحة البحرية والجوية في المنطقة، واستعدادها لحل الخلافات سلميًا من خلال المفاوضات مع الأطراف المتأثرة مباشرة بها. ورغم وصول الأزمة فيما يخص بحر الصين الجنوبي إلى مستويات غير مسبوقة، لكن يبدو أن الطرفين الصينيوالفلبيني يميلان نحو التصالح أكثر من التقاضي والحلول السياسية والعسكرية والقانونية، حيث تقترح الصين التعاون في تنمية وتطوير المناطق البحرية المعنية مع الفلبين، وتؤكد على الالتزام بحرية الملاحة والنقل الجوي تتمتع بهما جميع الدول في بحر الصين الجنوبي بموجب القانون الدولي، فيما تبذل الفلبين جهود حثيثة للتوصل إلى اتفاق مصالحة مع جارتها الصينية، الأمر الذي يشير إلى بحث الطرفين عن حل تفاوضي بدل التصعيد السياسي والقضائي، خاصة بعد أن ربحت مانيلا قضيتها في لاهاي.