يعتبر رفاعة الطهطاوي واحدًا من رواد النهضة العلمية الحديثة بمصر في عهد محمد علي باشا، أسس مدرسة الترجمة "كلية الأسن حاليًا" وساهم من خلالها في ترجمة العديد من العلوم الغربية ونقلها إلى مصر. ورغم أن رفاعة لم يكن من طلاب البعثة، إنما كان إمامًا وواعظًا للطلاب، إلا أن بذرة الرغبة في العلم التي زرعها بداخلها الشيخ حسن العطار، شيخ الأزهر ومرشحه لإمامة البعثة، أتت ثمارها؛ فقرر "الطهطاوي" تعلم اللغة الفرنسية، وانكب على القراءة والدراسة والتحصيل، وتحول إمام البعثة إلى أنجب طلابها. والصورة التالية رسالة نصية تخطى عمرها المائة عام، كتبها "الطهطاوي" لزوجته الحاجة كريمة عام 1838 أثناء فترة بعثته في فرنسا، كشف فيها ابن الصعيد عن الجانب الرومانسي في حياته، وتعهد فيها بالتزامات أمام زوجته جعل الله شاهدًا عليه فيها، ووكله بالانتقام منه إن نقضها. وإلى نص الرسالة: "ألتزم كاتب الأحرف رفاعة بدوي رافع لبنت خاله المصونة الحاجة كريمة بنت العلامة الشيخ محمد الفرغلي الأنصاري أنه يبقى معها وحدها على الزوجية دون غيرها من زوجة أخرى أو جارية أيًا ما كانت، وعلقت عصمتها على أخذ غيرها من نساء أو تمتع بجارية أخرى، فإذا تزوج بزوجة أيًا ما كانت، كانت بنت خاله بمجرد العقد عليها خالصة بالثلاثة، كذلك إذا تمتع بجارية ملك يمين، لكن وعدها وعدًا صحيحًا لا ينتقض ولا ينحل أنها ما دامت معه على المحبة المعهودة مقيمة على الأمانة والحفظ لبيتها ولأولادها ولخدمها وجواريها، ساكنة معه في محل سكناه، لا يتزوج بغيرها أصلًا ولا يتمتع بجوار أصلًا، ولا يخرجها من عصمته حتى يقضي الله لأحدهما بقضاء، هذا ما انجعلت عليه العهود وشهد الله سبحانه وتعالى بذلك وملائكته ورسله، وإن فعل المذكور خلافه، كان الله تعالى هو الوكيل العادل للزوجة المذكور يقتص لها منه في الدنيا والآخرة، هذا ما نجعل عليه الاتفاق، وكذلك إن تعبته فهي الجانية على نفسها".