هبط الجنيه المصري لأدنى مستوياته على الإطلاق بشكل غير رسمي في السوق السوداء، وسط تزايد المراهنة على ضعف الاقتصاد، ما سيجبر القاهرة على خفض قيمة العملة المحلية من جديد. تراجعت العملة المصرية في الأسابيع الأخيرة، حتى وصل سعر الدولار 13 جنيها أمس، وفقا لبعض شركات الصرافة في القاهرة، بينما سعر الصرافة الرسمي في البنك المركزي بقي مستقرا عند 8.88 جنيه منذ تخفيض قيمة العملة في مارس الماضي، ووصل السعر إلى 11 جنيه في السوق السوداء في نهاية يونيو. الركود الأخير في قيمة الجنيه المصري بالسوق السوداء، كان جزءا من تكهنات تخفيض العملة بعد تصريحات طارق عامر، محافظ البنك المركزي، فوفقا لصحيفة محلية، قال إن سعر الصرف كان خطأ فادحا كلف الدولة ملايين الدولارات على مدى الخمس سنوات الماضية. ولفت البنك المركزي المصري في مارس الماضي إلى أنه سيتبنى سياسة سعر صرف أكثر مرونة للمساعدة في تخفيف النقص الحاد للدولار الذي يضر بالاقتصاد، لكنه لم يفعل ذلك حتى الآن، ووصلت المراهنة على خفض قيمة الجنيه ذروتها أمس؛ حين عقد البنك المركزي المصري مزاد الدولار الأسبوعي المعتاد. ويستمر الاقتصاد المصري في التعثر مع تراجع المصادر الرئيسية للعملة الصعبة، وكون مصر بلدا يعتمد على الاستيراد، كما أن السياحة لم تلتقط أنفاسها منذ انتفاضة عام 2011، وموجة الهجمات الإرهابية، بالإضافة إلى تراجع حوالات المصريين العاملين بالخارج في الأشهر الأخيرة. انخفاض قيمة الجنيه يعزز ثقة المستثمرين الأجانب ويزيد من القدرة التنافسية للسوق المصري، ومن شأنه أيضا المساعدة على إجهاد ميزان المدفوعات واتساع العجز في الحساب الجاري بمصر لأكثر من 5% من إجمالي الناتج المحلي، في أكبر عجز منذ الثمانيات، وفقا لكبيتال ايكونمكس. لا تربط مصر رسميا عملتها بالدولار، لكن البنك المركزي يدير بنشاط سعر الصرف، ومن خلال اعتماد سياسة سعر صرف أكثر مرونة، قد تنضم مصر لدول الأسواق الناشئة الأخرى التي تتخلى عن ربط عملتها بالدولار، وتراجع البنك المركزي في نيجيريا الشهر الماضي عن ربط عملته، فألقي اللوم عليه في الماضي بهذا الربط، الذي قاد إلى الانزلاق نحو الركود لأكبر اقتصاد في إفريقيا. وبلغت احتياطات مصر الأجنبية 17.5 مليار دولار في نهاية يونيو الماضي، أي ما يقرب من نصف ما كانت عليه قبل ثورة 2011، ما يكفي لثلاثة أشهر من الواردات، وتباطأت المساعدات لمصر من دول الخليج بعد مواجهتها لانخفاض سعر النفط. ومن جانبه، قال محمد أبو باشا، الخبير الاقتصادي لدى المجموعة المالية هيرمس: "البنك المركزي بحاجة إلى بناء منطقة سيولة عازلة لتحقيق الاستقرار في سوق الفوركس لنشر أي تخفيض في قيمة العملة، وهذا أمر ضروري لإعادة التوجيه تدريجيا لتدفق العملات الأجنبية بعيدا عن السوق الموازية وفي النظام المصرفي، لجذب تدفقات رأس المال". ذكرت مصر أنها تجري محادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بمليارات الدولارات، كما أنها تتوقع بعض الأموال من حلفائها الخليجيين، وتتعامل القاهرة مع ارتفاع معدلات التضخم، التي بدورها تقود إلى ارتفاع الأسعار. وفي هذا السياق، قال هاني فرحات، كبير الاقتصاديين في سي آي كابيتال بالقاهرة: "التضخم عامل رئيس في ضوء ضريبة القيمة المضافة، المتوقع أن تزيد الأسعار"، مضيفا أن ارتفاع معدل التضخم يعني أن البنك المركزي من المرجح أن يرفع سعر الفائدة مرة أخرى. ويرى جيسون توفي، اقتصادي مختص بشؤون الشرق الأوسط في كابيتال إيكونوميكس: "التصريحات الأخيرة لواضعي السياسيات تشير إلى أن خفض قيمة الجنيه مجرد مسألة وقت"، متوقعا خفض قيمة الجنيه ستصل إلى 10 مقابل الدولار في العام المقبل. وول ستريت جورنال