أعلن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أنه سيترك منصبه الأربعاء، ليفسح المجال لتيريزا ماي لتسلم المنصب، ومن المقرر أن يتوجه اليوم، إلى مجلس العموم البريطاني للإجابة عن بعض الاستفسارات حول عمل مجلس الوزراء، بعدها سيتوجه إلى قصر باكنغهام، ليقدم عريضة الاستقالة. وأبدى كاميرون سعادته لأن تيريزا ماي ستصبح رئيس الوزراء الجديد، قائلا إنها قوية وسياسية محنكة، وقادرة أن تؤمن القيادة التي تحتاجها البلد في السنوات الحالية، وستحظى بدعمه الكامل. وتولي كاميرون رئاسة الوزراء البريطانية منذ 11 مايو 2010، وأعلن استقالته من منصبه بعد إعلان نتائج الاستفتاء يوم 23 يونيو الذي صوت خلاله 52% من المشاركين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، وكان يعارض هذا الخيار. ماي رئيسة للحكومة قبل 9 سبتمبر كان من المفترض أن يعلن الحزب المحافظ البريطاني اسم خليفة رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، في 9 سبتمبر المقبل، لكن تم الإعلان عن اسم تريزا ماي قبل الموعد؛ لأن أندريا ليدسوم منافسة تريزا ماي الوحيدة والمرشحة لخلافة ديفيد كاميرون كزعيم لحزب المحافظين ورئيس للوزراء في بريطانيا، انسحبت من السباق، بعد تصريحات أساءت فيها لمنافستها تيريزا ماي، حيث قدمت المرشحة المنسحبة الاثنين الاعتذار لماي، وزيرة الداخلية البريطانية، على تصريحات سابقة اعتبرت فيها ليدسوم أنها مرشحة افضل لرئاسة الوزراء لأن منافستها ليست "أما". وعللت أندريا ليدسوم، وزيرة الطاقة، انسحابها من السباق بأنها لم تحظ بتأييد كاف لتشكيل "حكومة قوية ومستقرة"، وأضافت أن خوض حملة لانتخاب رئيس الوزراء الجديد لمدة 9 أسابيع، يعد أمرا غير مرغوب فيه بالظروف الراهنة، في وقت تحتاج البلاد بصورة ماسة إلى الاستقرار السياسي على خلفية التأثير السلبي على الأسواق المالية، وبالتالي انسحاب ليدسوم من شأنه أن يؤدي إلى تسريع الإجراءات الخاصة بانتخاب الزعيم الجديد لحزب المحافظين، لتنتهي الحملة قبل الموعد المحدد لها في سبتمبر بفارق طويل. وتجدر الإشارة إلى أن ليدسوم كانت من قادة الحملة الداعمة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فيما أيدت تريزا ماي خيار البقاء، ومن المقرر أن يصدر مجلس حزب المحافظين قريبا قرارا حول ما إذا كان من الممكن تعيين ماي في منصب زعيم الحزب بشكل مباشر أم لا؟ مَن تيريزا ماي؟ تعتبر تيريزا ماي، أقرب إلى التيار اليميني المحافظ داخل الحزب، رغم طرحها بعض المواضيع الاجتماعية لجذب المؤيدين، وفي وزارة الداخلية التي تسلمتها منذ العام 2010، انتهجت خطا متشددا جدا، سواء كان في تعاطيها مع المنحرفين أو المهاجرين السريين أو الدعاة الإسلاميين، حيث لمع نجمها في السياسة البريطانية لأول مرة عام 2013، حينما نجحت في ما فشل فيه كثير من الوزراء قبلها، وذلك في قضية ترحيل المتشدد أبو قتادة الفلسطيني، وإبعاده إلى الأردن. ولدت ماي في أكتوبر عام 1956، وأكملت تعليمها في مدينة أوكسفورد شمال لندن، وتعد واحدة من أكثر الوزراء البريطانيين الذين تولوا لوقت طويل المسؤولية في منصب وزارة الداخلية في تاريخ بريطانيا، متزوجة من فيليب في ولد نورفولك، وليس لديها أولاد، ويعرف عن زوجها مساندته لها في عملها منذ وصولها لحزب المحافظين، ورغم المنافسة التي شهدتها علاقة ماي وزوجها في فترة الدراسة، لكن تيريزا أبدت إعجابها بشخصية فيليب عندما كان بجامعة أكسفورد، وقررا الزواج عام 1980 رغم أنه يصغرها بعامين، وكان يعمل وقتها في بنك إنجلترا. مسؤوليات ماي الجديدة تعهدت تيريزا ماي، رئيسة الوزراء الجديدة لبريطانيا، أثناء ترشيح نفسها لزعامة حزب العمال بأن تعمل على احترام نتيجة الاستفتاء، قائلة إن بريطانيا في المرحلة المقبلة بحاجة لشخصية قوية تقود البلاد، ولن تكون هناك محاولات للبقاء في الاتحاد أو الانضمام إليه من البوابة الخلفية، كما تعهدت ماي بالعمل على توحيد دعاة البقاء في الاتحاد الأوروبي ودعاة الخروج داخل حزب المحافظين. وتعهدت أيضًا أنه لن تكون هناك انتخابات عامة قبل عام 2020، أو اللجوء إلى موازنة طارئة لتغطية نفقات وخسائر قد تترتب على خروج بريطانيا من الاتحاد، كما التزمت ماي بألا تفعل المادة 50 من اتفاقية لشبونة للبدء في مفاوضات خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي قبل نهاية 2016؛ لمنح الجميع الفرصة في الذهاب إلى المفاوضات استنادا لموقف واضح حول طريقة وشكل التفاوض. وتطالب ماي بضرورة أن تتمكن الشركات البريطانية من الوصول إلى السوق الموحدة وفقا لمبدأ حرية حركة الأشخاص والبضائع، لكن مع القدرة على ضبط الحدود وتدفق المهاجرين من أوروبا إلى بريطانيا. ويتعين على الحكومة أن تعرض الموضوع على البرلمان للموافقة على نتيجة الاستفتاء أو رفضها، ومن الناحية النظرية، ويمكن للنواب رفض نتيجة الاستفتاء، لكن من الناحية التطبيقية سيكون أمرا صعبا، بل سيشكل معارضة للنهج الديمقراطي. وقال مراقبون إن تيريزا ماي كانت جزءا من الحملة الداعية للبقاء في الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يطرح سيناريو مغاير لخروج بريطانيا "الحتمي" من الاتحاد الأوروبي، فمن الممكن ذهاب ماي للتفاوض والوصول لاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، وبعدها تعود للبرلمان البريطاني فيرفض الاتفاق، ويقول إن الشعب وحده الذي يقرر، ليكون الخيار الوحيد العودة لطرح القضية في استفتاء ثان، إلا أن الأمر يمكن أن يأخذ «على الأقل سنتين» قبل الوصول لهذه المرحلة، لكن لا ضمانات على أن الاستفتاء الثاني قد يحمل نتائج معاكسة للاستفتاء الأول.