في خطوة إيجابية تأتي بعد التضرر الكبير الذي لحق بقطاع النفط الليبي جراء هجمات المسلحين وإغلاق خطوط الأنابيب وموانئ النفط من جانب الفصائل المسلحة، وافقت مؤسسة النفط الليبية التي انقسمت بسبب الصراعات السياسية وتتخذ من طرابلس مقرا لها، على الاندماج مع المؤسسة المنافسة "الموازية" في طبرق، وتخطط المؤسسة لجعل مقرها الجديد في مدينة بنغازي بشرق البلاد. المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، قالت في بيان لها السبت الماضي، إنها وافقت على الاندماج مع المؤسسة المنافسة في شرق البلاد، في خطوة ستساهم في تعافي قطاع النفط في البلد العضو في "أوبك". الاندماج مهدت له خطوات سابقة فهو يأتي بعد اتفاق سابق بين حكومة طبرق وإدارات المؤسسة الوطنية للنفط، الأمر الذي سمح باستئناف صادرات النفط الخام من ميناء "مرسى الحريقة" في الشرق مايو الماضي، ليزيد إنتاج النفط الخام بشكل طفيف، ليصل إلى 350 ألف برميل في اليوم. وكان المتنافسون السابقون قالوا في مايو الماضي أيضا، إنهم اتفقوا من حيث المبدأ على توحيد قطاع النفط، لكن الاتفاق على الهيكل والقيادة المشتركة تطلب عدة أسابيع من الاجتماعات للانتهاء منه. آلية عمل المؤسسة النفطية المؤسسة الوطنية للنفط أكدت أنها تعترف بالمجلس الرئاسي كسلطة تنفيذية وببرلمان طبرق (مجلس النواب) كسلطة تشريعية وسترفع تقاريرها لهما، مؤكدة أنها ستجعل إعادة تأهيل البنية التحتية من ضمن أولوياتها، وحددت آلية لعمل المؤسسة بعد الاندماج؛ ببقاء الرئيس الحالي، مصطفى صنع الله، الذين عين في الأصل قبل وجود حكومتين متصارعتين في منصبه، بينما سينضم الرئيس السابق للمؤسسة في طبرق، ناجي المغربي، لمجلس إدارة المؤسسة الموحدة. وبالنسبة للموازنة، قالت المؤسسة إنها ستوحد ميزانيتها للفترة المتبقية من العام، حيث سيتم تحديد موازنة تشغيل واحدة حتى نهاية السنة المالية، وستجعل المؤسسة إعادة تأهيل البنية التحتية ضمن أولوياتها. كما أشار بيان المؤسسة الوطنية للنفط، إلى أنه تم التأكيد على أن المؤسسة جهة حيادية فنية ليس لها أي علاقة بأي تجاذبات سياسية، وأنها الجهة الوحيدة التي لها حق بيع وتصدير النفط الليبي. مشاكل النفط الليبي هبطت صادرات ليبيا من النفط لأقل من نصف مستوى 1.6 مليون برميل يوميا، الذي كانت تصدره قبل أحداث 2011، والميناءان الرئيسان لتصدير النفط مغلقان ويسيطر عليهما أحد الفصائل المسلحة، الذي أبدى تأييده للمجلس الرئاسي. وأغلقت حقول نفط أخرى بفعل هجمات تنظيم داعش الإرهابي، الذي استغل الفوضى في توسيع نطاق الأراضي التي يسيطر عليها، حيث تحارب القوى المؤيدة للحكومة حاليا لاستعادة مدينة سرت من سيطرة التنظيم. وتوقع مصطفى صنع الله، رئيس مؤسسة النفط الليبية، ارتفاع إنتاج بلاده إلى مليون برميل يومياً، في حال استقرار الأوضاع الأمنية، وتشغيل الحقول المتوقفة، وإصلاح الآبار التي تعرضت لأضرار نتيجة التخريب. وكانت الحكومة المؤقتة المنبثقة عن البرلمان الليبي شكلت مؤسسة وطنية للنفط مقرها بنغازي منذ أكثر من عام، اعتبرتها الأممالمتحدة "مؤسسة موازية" ورفضت الاعتراف بها. وفشلت مؤسسة النفط الموازية في شحن النفط من الموانئ والحقول التي تسيطر عليها شرق ليبيا، بعد رفض الشركات الكبرى للنفط شراء شحناتها. أهمية الخطوة قالت شبكة "بلومبرج"، إن هذه الخطوة من شأنها أن تنهى انقساما استمر عامين داخل المؤسسة، الأمر الذى سيساعد على إنهاء الصراع بشأن من يتحكم في صادرات النفط الخام والإيرادات. تصب الخطوة في صالح حكومة الوفاق الوطني أولًا التي تدعمها الأممالمتحدة ومجلسها الرئاسي في طرابلس الذي يكافح لبسط نفوذه على الفصائل ومؤيديها المسلحين الذين أقاموا حكومتين متنافستين في العاصمة وفي الشرق، خاصة أن رئيس الوزراء فايز السراج وهو أيضا رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني موجود في طرابلس منذ ثلاثة أشهر، لكنه يكافح لإحراز تقدم ومازال يواجه معارضة من متشددين يرفضون سلطته. وفي هذا الإطار، قال صنع الله، في البيان، إن هناك مؤسسة نفط واحدة فقط تخدم كل الليبيين، مضيفا أن الاتفاق سيبعث برسالة قوية إلى الليبيين، وإلى المجتمع الدولي بأن المجلس الرئاسي قادر على إرساء المصالحة. وتأتي أهمية خطوة الاندماج، في الوقت الذي يشهد الوضع الداخلي في ليبيا مزيدا من الانقسامات، فلا يزال الانقسام يسيطر على الأوضاع في ليبيا، في الوقت الذي تتصارع فيه ثلاث حكومات «حكومة الوفاق الوطني وحكومة طبرق وحكومة الإنقاذ الليبي» على إثبات شرعيتها لحكم البلاد، حيث انعكس الصراع بين الحكومات الثلاث على المحاور الدبلوماسية والنقدية التي أفضت لوجود عملتين في ليبيا بسبب وجود مصرفيين مركزيين، والعسكرية بوجود ثلاث جيوش ليبية.