ضيف جديد على ساحة القتال السورية، فرض نفسه خلال الفترة الأخيرة؛ ليلفت الأنظار إليه، وتبدأ التساؤلات عن الجهة الداعمة له ومهمته الرئيسية في المعركة، فيتضح أنه مدعوم من أمريكا، التي تسعى إلى استنساخ التنظيمات والجماعات المسلحة؛ لتخلق حالة من الارتباك والتشتيت على الأرض؛ ليصب الأمر في النهاية في مصلحة التحالف الساعي إلى إرباك الجيش السوري وانهياره، ومن ثم إسقاط الدولة السورية. انتصارات وكبوات متلاحقة "جيش سوريا الجديد"، دخل هذا الفصيل المسلح إلى ميدان المعركة في سوريا من باب دير الزور، حيث تمكن قبل أشهر من السيطرة على معبر التنف الحدودي مع العراق في ريف حمص، بغطاء من طيران التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة، وفي الأسابيع الأخيرة أعلن الفصيل العسكري المدعوم أمريكيًّا انطلاق معركة "يوم الأرض" لتحرير مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، شرقي دير الزور، وبالفعل تمكن الفصيل العسكري من انتزاع السيطرة على قرية حمدان ومطارها العسكري في ريف دير الزور الشرقي في معركتهم لتحرير مدينة البوكمال. لم يدم هذا التقدم أكثر من ساعات أمام مسلحي داعش، فلم يستطيعوا الصمود أمامهم على الرغم من الدعم الأمريكي المُقدم لهم من التحالف الدولي، حيث وقعوا في كمين لمسلحي التنظيم الإرهابي، تكبدوا خلاله العديد من الخسائر الجسيمة، وقتل ما يقرب من 40 مسلحًا من عناصر الفصيل العسكري الجديد، فيما وقع أكثر من 15 آخرين في أسر تنظيم داعش، وغنم التنظيم 6 سيارات رباعية الدفع تحمل رشاشات ثقيلة، و6 شاحنات عسكرية محملة بالذخائر في محيط قاعدة حمدان الجوية، شمال غربي البوكمال. وأكد المتحدث باسم "جيش سوريا الجديد"، مزاحم السلوم، تقهقر مقاتليه، وقال إنهم انسحبوا إلى مناطق صحراوية، معلنًا نهاية المرحلة الأولى من الحملة، وأضاف أن بعض المقاتلين عادوا إلى قاعدتهم في التنف، عند الحدود العراقية، في وقتٍ ذكر فيه المرصد المعارض أن مسلحي "جيش سوريا الجديد" طُردوا تمامًا من محافظة دير الزور. ما هو جيش سوريا الجديد؟ وإلى أي جهة ينتمي؟ تشير العديد من التقارير إلى أن جيش سوريا الجديد تم تشكيله من قِبَل جبهة الأصالة والتنمية في أكتوبر عام 2015، والتي يعتبر الجيش السوري الحر أحد مكوناتها، وأفاد أحد مواقع المعارضة السورية أن قائد هذا الفصيل العسكري هو من أبناء مدينة البوكمال في ريف دير الزور، ويدعى خزعل السرحان أو "أبو عبود"، الذي كان أحد القادة في لواء "الله أكبر" الذي كان تابعًا لتجمع "أحفاد الرسول"، وتواجد في مدينة البوكمال قبل سيطرة تنظيم داعش عليها في عام 2014، وتشير الكثير من المعطيات إلى أن عناصر الجيش السوري الجديد تلقوا تدريبات عسكرية نوعية في الأردن، وحصلوا على دعم من الولاياتالمتحدة، كما أنهم لا يظهرون موقفًا واضحًا من النظام. وقال بيان تشكيل "جيش سوريا الجديد" إن الفصيل هو بمثابة نواة ولبنة للاجتماع حول مشروع سوري واحد، ينكر الذات، ويرفع العلم السوري، ويؤكد أن هذا الجيش لن يرفع بندقيته إلا في سبيل الله في وجه العدو المتفق عليه، وهو داعش وأعوانه، وتتوخى هذه القوات، وفقًا لما جاء في بيان تأسيسها، بناء دولة علمانية ديمقراطية تؤمن حقوق جميع مكونات المجتمع السوري. في ذات الإطار أورد موقع "كلنا شركاء" السوري المعارض معلومات تفيد بوجود تنسيق على أعلى المستويات بين "جيش سوريا الجديد" و"قوات سوريا الديمقراطية" بدعم من التحالف الدولي، لهدف مشترك، وهو محاربة تنظيم داعش. وأكد الناطق الرسمي باسم "جيش سوريا الجديد"، مزاحم السلوم، أن مقاتلي الفصيل تلقوا تدريبًا عسكريًّا وتسليحًا بموجب برنامج تدريب تابع للبنتاغون، ويمتلكون أسلحة جديدة ومتطورة. أهداف أمريكية مشبوهة خلال السنوات الخمس الأخيرة من عمر الأزمة السورية، ظهرت العديد من التنظيمات والفصائل والتشكيلات العسكرية المسلحة، التي دعمتها العديد من الدول العربية والأوروبية والغربية، حيث تشير إحدى الإحصاءات إلى وجود أكثر من 1200 تنظيم مسلح خلال العام الأول من الأزمة السورية، ولكن خريطة التنظيمات المسلحة العاملة في ميدان المعركة اختلفت الآن، حيث اختفت العديد من التنظيمات بعد أن انتهت المهام الموكلة إليها، أو جفت منابع تمويلها، فيما اندمجت بعض التنظيمات مع الأخرى؛ نظرًا لتعدد الفصائل وضعفها. دخول جيش سوريا الجديد ميدان المعركة بشكل مفاجئ ودعم أمريكا له وحرصها على عدم تعرضه للقصف، يشير إلى أن هذا الجيش موكل له العديد من المهام من أمريكا، حيث رجح بعض المراقبين أن تعتمد أمريكا على هذا التشكيل المسلح في عملية الهجوم على مدينة الرقة بدعم عسكري وغطاء جوي من طائرات تحالفها الدولي، لتتمكن في نهاية المطاف من السيطرة على المدينة ووضعها تحت إدارتها، خاصة أن جيش سوريا الديمقراطية الذي يقاتل في الشمال السوري ومدعوم أيضًا من أمريكا يصعب استخدامه في هذا الهجوم، نظرًا إلى أنه يتكون من عناصر كردية من وحدات الحماية الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، الأمر الذي قد يثير نزعة طائفية في الرقة التي يقطنها أغلبية عربية مسلمة، وهو ما دفع أمريكا إلى التسريع بتشكيل جيش سوريا الجديد الذي يتكون من عناصر عربية سورية فقط، لتولي هذه المهمة في الرقة. تحاول أمريكا الإمساك بكافة خيوط اللعبة، فمن جانب تسعى إلى استنساخ العديد من التنظيمات والفصائل المسلحة لتشتيت وإرباك الجيش السوري والقوات الروسية الداعمة له في حربها على تنظيم داعش، حتى يعجزا عن التفريق بين التنظيمات المعارضة والإرهابية، خاصة أن أمريكا تضع كافة الفصائل الداعمة لها في مسمى المعارضة المعتدلة، وهو المسمى الذي أصبح فضفاضًا، ويؤكد رغبة أمريكا في خلق نسخ مكررة لتنظيمات مختلفة تحت مسميات متعددة، لكن أهدافها واحدة، وهي إرباك وتفكيك الجيش السوري وإسقاط النظام. ومن جانب آخر تسعى أمريكا إلى خلق تنظيم جديد بمسمى مختلف يعلن في بيان تأسيسه أن هدفه هو محاربة تنظيم داعش، ليكون هذا الهدف هو المظلة التي يحتمي بها من قصف القوات الروسية والسورية، لكنه في الحقيقة يتبنى الخطاب الأمريكي الداعم للتنظيمات الإرهابية، وهو ما اتضح خلال تصريحات قائد جيش سوريا الجديد، الجنرال خزعل السرحان، الذي أكد أن تنظيم داعش ونظام الأسد وجهان لعملة واحدة، الأمر الذي يؤكد أن الفصيل العسكري الجديد لن يحيد عن النهج الأمريكي.