تعرضت تركيا الثلاثاء الماضي لهجوم إرهابي قاتل في مطار أتاتورك الدولي، أسفر عن مقتل 36 شخصًا على الأقل، وإصابة أكثر من 150 آخرين، حين هجم ثلاثة أشخاص انتحاريين مسلحين على نقطة تفتيش أمنية في ثالث أكثر المطارات ازدحامًا في أوروبا. يوضح الاعتداء على المسافرين في مطار أتاتورك الدولي كيف تحركت مكانة تركيا، بعدما كانت نموذجًا مثاليًّا للاستقرار في المنطقة، ووجهة رئيسية للسياحة. ارتفعت الهجمات الإرهابية في أنحاء البلاد، واستهدفت إسطنبول، بما في ذلك تفجير سيارة في وقت سابق من هذا الشهر، راح ضحيته نحو 11 شخصًا، وتركز العنف في المدينة التي يبلغ سكانها أكثر من 14 مليون نسمة، على مضيق البسفور، وتعتبر تاريخيًّا مكانًا للقاء القارتين الأوروبية والآسيوية، ولكن بعد الهجمات الإرهابية انخفض عدد السياح لنحو الثلث في العام الماضي. هناك عدة عوامل تعد سببًا لانتشار الإرهاب في تركيا، من بينها الحرب في سوريا المستمرة منذ خمس سنوات، والتي أدت إلى انتشار عدد كبير من الجماعات المسلحة، وتشترك تركيا مع سوريا في حدود بنحو 500 ميل، وتم اتهام انقرة بالسماح للإرهابيين بالعبور إلى سوريا للانضمام إلى الجماعات المسلحة، مثل تنظيم داعش الإرهابي، ويعيش الآن أكثر من 2.5 مليون سوري في تركيا. يلعب التمرد الكردي دورًا في العمليات الهجومية على تركيا، فبعد تعقد دور تركيا في سوريا خاصة مع الانتصارات الكردية في سوريا، تزعم الحكومة التركية أن حزب العمال الكردستاني يهاجمها للحصول على الحكم الذاتي، وقامت أنقرة بتوجيه ضربات جوية للأكراد، مما دفعهم لوضع تركيا بجانب داعش في الصراع. ترتكب داعش المزيد من الهجمات الإرهابية على الأراضي التركية منذ العام الماضي، مما أسفر عن مقتل مئات الأشخاص، وتلقي الحكومة التركية باللوم على مجموعات المتمردين الأكراد وداعش بشأن الهجمات الإرهابية، ويعتقد المسؤولون أن داعش خلف الهجوم على المطار يوم الثلاثاء، والذي يشبه هجمات مطار بروكسل. تعد الجغرافيا السياسية جزءًا من أسباب الهجوم، وذلك لأن العملية جاءت بعد أيام من إعلان تركيا تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، والتي انهارت بعد مقتل نشطاء أتراك على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي؛ لمحاولتهم كسر الحصار عن قطاع غزة، ولكن تركيا تسعى لإنهاء عزلتها بسبب سياستها في سوريا، كما أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أشار إلى ذوبان الجليد في العلاقات مع روسيا هذا الأسبوع، بعد الاعتذار عن إسقاط الطائرة الروسية على حدود سوريا.