كتب: محمد صفاء الدين وهاجر حمزة أصبح الاعتداء علي الصحفيين والإعلاميين وترهيبهم منهجًا مقررًا من الدولة، وطالت الانتهاكات كل أصحاب الرأي المعارض، لا تفرق بين طالب أو سياسي أو إعلامي أو حتى رجل الشارع العادي. وجاءت أبرز الانتهاكات مؤخرًا ياعتداء قوات الشرطة على عدد من الزملاء الصحفيين خلال تغطيتهم مظاهرات طلاب الثانوية العامة بشارعي قصر العيني ومحمد محمود ومحيط ميدان التحرير، بالإضافة إلى ترحيل الإعلامية ليليان داود خارج البلاد واقتحام منزلها بعد إنهاء تعاقدها مع فضائية «أون تي في». وقال خالد البلشي، وكيل نقابة الصحفيين ورئيس لجنة الحريات، إن الاعتداءات الأخيرة على الصحفيين والإعلاميين تؤكد إصرار الحكومة على سيادة المنهج الأمني في التعامل مع قضايا الحريات بشكل عام وحرية الصحافة بشكل خاص، بدلًا من الاستجابة للمطالب المتكررة بفتح المجال العام ووقف الانتهاكات بحق المدافعين عن الحريات وإطلاق سراح جميع المعتقلين والمحبوسين على ذمة قضايا رأي، مؤكدًا أن الأزمة يتحملها جميع المسؤولين في الدولة، وأن الإصرار سيدفع ثمنه الجميع. وأضاف البلشي أن الاعتداءات على الصحفيين والإعلاميين ما كانت لتحدث في دولة قانون تحاسب المعتدين بدلًا من تركهم دون حساب، وهو ما بدا واضحًا في تجاهل البلاغات التي قدمتها النقابة للنيابة العامة، وعدم محاسبة من حاصروا النقابة واعتدوا على الزملاء الصحفيين، مؤكدًا ضرورة الوقوف في وجه هذه الانتهاكات عبر السبل القانونية. وطالب وكيل «الصحفيين» النيابة العامة بفتح التحقيق في البلاغات المقدمة لها بشأن الاعتداء على الزملاء؛ لأن السبيل لبناء دولة العدل والحرية إعمال القانون وحماية ناقلي الحقيقة؛ لأن دروس الماضي تؤكد أن محاولات إعادة إنتاج الماضي عبر سياسات قمعية ومحاولة إخراس الأصوات لم يدفع ثمنها إلا من تجاهلوا أحلام الشعب بالحرية والديمقراطية والعدل. وفي ذات السياق قال الدكتور زهدي الشامي، نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن احتجاز وترحيل الإعلامية ليليان داوود فور إنهاء تعاقدها مع «أون تي في» يوحى بترابط ما بين الحدثين؛ فإنهاء عملها في القناة يستكمل حلقة إبعاد جميع الأصوات الموضوعية والمهنية من الساحة الإعلامية، لصالح تسيُّد خطاب إعلامي مُوالٍ للسلطة. وأكد الشامي ل«البديل» أن ترحيل داوود رسالة بالغة السلبية تسيء لصورة مصر، التي طالما احتضنت الأشقاء العرب، لاسيما أن ليليان ليست مجرد مواطنة عربية، بل كانت متزوجة من مصري، وأم لابنة مصرية، ولا ريب أن الإجراءات التعسفية في حقها راجعة لتميز أدائها بالمصداقية والموضوعية والمهنية والتوازن والبعد عن الإثارة. وتابع نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أن الاعتداء على الصحفيين والإعلاميين يدلل على عمق التردي الذي تشهده مصر في مجال حرية الإعلام، والمرتبط بالتراجع الكبير في مجال الحريات بوجه عام، على عكس مبادئ ثورة يناير، والموجة الثانية في 30 يونيو. وأدانت بعض المؤسسات النسوية عملية احتجاز وترحيل الإعلامية ليليان داوود، واصفة ذلك بالسلوك الإجرامي من أجهزة الأمن؛ لقمع أي صوت معارض، وعلقت مني عزت، مدير برنامج المرأة والعمل بمؤسسة المرأة الجديدة، على الطريقة المشينة التي احتجزت بها الإعلامية ليليان داوود ورحلت يأنها لا تليق بمكانة الدولة المصرية. ووصفت نور الهدي زكي، عضو مؤسس لتنسيقية العمل الجماهيري لنساء مصر، ما حدث لداوود بغير المقبول، ويعد استكمالًا لمسلسل قمع أي صوت معارض، مضيفة: بعد نجاح ليليان داوود خلال سنوات في تقديم برنامج «الصورة الكاملة»، الذي قدم إعلامًا مهنيًّا يحترم المشاهدين، تدفع الثمن الآن، مثل أي صوت هتف ضد التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، أو اعتراض طلاب الثانوية العامة على تسريب الامتحانات وسياسات الوزارة الفاشلة. وعن دور المجلس القومي للمرأة، نفت زكي أي تحرك إيجابي محتمل من المجلس، مضيفة أن المجلس يتحرك في إطار التوجيهات والسياسات العليا التي تتفق مع مصالح النظام والحفاظ على الكرسي، فلم يكن المجلس ذات يوم نصيرًا للمرأة المضطهدة. وأكدت المحامية هبة عادل، مدير مبادرة المحاميات المصريات، وجود مخالفات قانونية كثيرة في عملية القبض على ليليان داوود، لافتة إلى تعرض الإعلامية لتعنت في تجديد إقامتها منذ إبريل الماضي، وأن السبب الوحيد الذي يسمح لها بالإقامة العمل وتقديمها لبرنامجها التليفزيوني، مؤكدة أن الإجراءات السريعة في الترحيل تكشف سوء النية تجاهها.