فرقاطة صينية يبدو أنها قادرة على تعكير العلاقات بين طوكيووبكين، فالحادث شكَّل انتكاسة محتملة بعد علامات التحسن التي شهدتها العلاقات بين أكبر اقتصادين في آسيا، والتي كانت تدهورت في السنوات الأخيرة بشأن ماضيهما الحربي ونزاعات حول الاراضي. حيثيات الحادث عبَّر يوشيهيدي سوجا، كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني الخميس عن «قلق بالغ» لدخول سفينة للبحرية الصينية إلى مياه قريبة من جزر متنازع عليها في بحر الصين الشرقي قائلًا: إن ذلك من شأنه أن يزيد التوتر بين البلدين. وقال سوجا في مؤتمر صحفي: إن رئيس الوزراء شينزو آبي طلب من حكومته التنسيق بشكل وثيق مع الولاياتالمتحدة ودول أخرى للتعامل مع الحادث. وأفادت وزارة الخارجية اليابانية بأنها استدعت السفير الصينيبطوكيو في وقت مبكر من يوم الخميس؛ للإعراب عن القلق بعد أن أبحرت السفينة الصينية بالقرب مما تعتبره اليابان مياهها الإقليمية في بحر الصين الشرقي للمرة الأولى. وقالت وزارة الدفاع اليابانية: إن الفرقاطة الصينية غادرت المنطقة بعد ساعة تقريبًا مبحرة باتجاه الشمال. وقال رئيس الوزراء الياباني شينزو ابي، في مؤتمر صحفي، إن 3 سفن حربية روسية دخلت المنطقة في نفس الوقت تقريبا، مضيفا أن التحقيقات جارية لمعرفة ما إذا كانت هناك صلة بين دخول السفينة الصينية والسفن الروسية الثلاث للمنطقة. موقف الصين وأوضحت وزارة الدفاع الصينية أنها تحقق في تقارير بأن سفينة للبحرية الصينية أبحرت قرب ما تعتبره اليابان مياهها الإقليمية في بحر الصين الشرقي. وأضافت الوزارة في بيان أن دياويو جزر صينية وأن للبحرية الصينية الحق الكامل في الإبحار في المياه الصينية. وتابعت الوزارة أن أيًّا من السفن لم تنتهك ما تعتبره اليابان مياهها الإقليمية. أزمة الجزر بين الصينواليابان تقع الجزر غير المأهولة المتنازع عليها بين اليابانوالصين، في بحر الصين الشرقي على مبعدة 220 كيلومترًا تقريبًا غربي تايوان، وتسيطر عليها طوكيو لكن بكين تطالب به، الجزر تعرف في اليابان باسم سنكاكو، في حين تسمى دياويو في الصين، ويتواجه البلدان باستمرار بشأن هذه الجزر الصغيرة، حيث توتر العلاقات بين بكينوطوكيو في سبتمبر 2012 عندما قامت اليابان بتأميم الجزر. وصنفت مجلة «ناشونال انترست» الأمريكية، الوضع في بحر الصين الشرقي في المركز الثالث، من حيث قدرته على إشعال حرب عالمية ثالثة، بعد الأزمة السورية والخلاف الهندي الباكستاني، حيث تلعب الصينواليابان لعبة خطيرة في العامين الماضيين حول جزر سنكاكو. إذ أن كلا الجانبين يعتبر الجزر جزءًا من بلاده. ونشرت الصينواليابان قواتهما المسلحة حولها، وفي حال اندلاع الصراع بين الصينواليابان، فإن الولاياتالمتحدة ستضر للتدخل بسبب اتفاق الحماية المتبادلة مع اليابان، بينما ستحاول الصين استباق الأحداث والهجوم على المواقع الأمريكية في المنطقة. وعلى مدى السنوات الماضية، ازداد التوتر الدبلوماسي بين الخصمين اللدودين الصينواليابان؛ بسبب صراع نابع من رغبة كل منهما في السيطرة على 5 جزر غير مأهولة بالسكان، أبرزها جزيرة «ديا أويو سينكاكو»، الواقعة على بعد 410 كم من السواحل اليابانية و300 كم من السواحل الصينية، وفضلًا عن الثروات السمكية وحقول الغاز بتلك الجزر، فإن موقعها الجيو استراتيجي يجعل منها مفتاحًا لبحر الشمال الصيني، وهو ما يسمح لبكين بنشر غواصاتها علي نطاق واسع، واتخاذ مواقع تسمح لها بمراقبة تحركات الغواصات الأمريكية في المحيط الهادئ. واندلعت الأزمة بسبب رغبة عمدة طوكيو «شينتارو ايشيهارا»، ذي الميول القومية، في ضم 3 جزر من الخمسة لملكية الدولة «حتي الآن ملكية خاصة» وطرح مناقصة علنية لإنشاء بني تحتية وبناء كازينو، ولم تتوقف طوكيو عند هذا الحد، حيث أرسلت للجزيرة قوات إضافية في 11 سبتمبر 2012، مما أثار غضب بكين، التي لم تتوقف منذ ذلك الحين عن إرسال صيادين للصيد في المياه الواقعة بنطاق الجزيرة، لحماية سفن حربية من ناحية واستفزاز اليابانيين من ناحية أخرى، ومن آن لآخر ترسل بكين طيارات استطلاع بدون طيار. الفرقاطة تعمق الخلافات بين الصينواليابان منذ فترة طويلة وردًّا علي الاستفزاز الصيني، غيرت اليابان من عقيدتها العسكرية، المنصوص عليها في الدستور بأنها دفاعية بشكل عام منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، إلى دفاعية تهدف في المقام الأول لصد خطرين هما: التهديد الصيني وتحديدًا أساطيلها البحرية، وخطر كوريا الشمالية بصواريخها البالستية، وطبقًا لذلك نشرت طوكيو قواتها بدءًا من حدودها الشمالية وحتي شمال غرب؛ لحماية الجزر المتنازع عليها مع بكين، وتم تقليل عدد الدبابات مقابل زيادة عدد الغواصات والقطع القتالية البحرية عمومًا، على اعتبار أن الصدام المحتمل سيكون في البحر، وكان وصول المحافظين بقيادة رئيس الوزراء شينزو آبي لسدة الحكم في أواخر عام 2012 سببًا في أن تُسرع اليابان من وتيرة تغيير استراتيجياتها العسكرية. ويبدو أن ردود الأفعال ستكون غير متوقعة، خاصة أن بيان الحكومة اليابانية يشير إلى أن هذا الاختراق الصيني هو الأول من نوعه. ارتباط اليابانبواشنطن ترتبط اليابان باتفاقية دفاع مشترك مع الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ عام 1960، بموجبها تتدخل القوات الأمريكية لصد أي هجوم علي الأراضي اليابانية، وتمتلك واشنطن قواعد عسكرية في اليابان قوامها 38 ألف جندي مقاتل و5 آلاف موظف مدني تابعين لوزارة الدفاع الأمريكية «بنتاجون»، وينتشر نصفهم في «أوكيناوا». التواجد الأمريكي قد يفاقم الوضع بين الصينواليابان، خاصة أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تمارس الاستفزاز على الصين من خلال بحر الصين الجنوبي، وبالتالي التواجد الأمريكي في اليابان أمر غير مرحب به صينيًّا، الأمر الذي من شأنه أن يثير القلق بسبب خطر المواجهة بين الولاياتالمتحدة والوحدات البحرية والجوية الصينية هناك، ففي حال فقدان السيطرة على الذات من طرف واحد قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، إن الحرب بين الولاياتالمتحدةوالصين ستكون كارثة بحد ذاتها، ناهيك عن مشاركة اليابان.