أثارت تصريحات مؤسس موقع ويكليكس بتأكيده أن شركة جوجل تحولت إلى سلطة أمريكية تقليدية جدلًا واسعًا، حيث تشير بوضوح إلى استخدام واشنطن أدوات جديدة لتوسيع نشاطها التجسسي حول العالم. هذه التصريحات أثارت تخوف كثير من المتابعين، لا سيما وأن مثل هذه الشركات الإلكترونية تحولت إلى قاعدة بيانات لمليارات الأشخاص؛ مما يشير بوضوح إلى اختراق ذلك من المؤسسات الأمريكية؛ لاستخدامها في تحقيق مصالح واشنطن الاقتصادية والسياسية، كنشر الفوضى بمنطقة الشرق الأوسط والحروب الإلكترونية التي توسع نطاقها في الفترات الأخيرة. وقبل يومين أعلن الناشط الصحفي، مؤسس موقع ويكيليكس، جوليان سانج أن شركة "جوجل" الأمريكية مرتبطة بقوة بالإدارة الأمريكية، وأنها ضمت نفسها إلى الاستثناء الأمريكي، مؤكدًا أن جوجل تحولت إلى "سلطة أمريكية تقليدية"، مشيرًا إلى أن جوجل "كانت قد أبرمت صفقة مع إدارة أوباما، حتى إن رئيسها كان يتردد على البيت الأبيض أسبوعيًّا على مدى الأعوام الأربعة الماضية". والآن تشارك "جوجل" في حملة هيلاري كلينتون الانتخابية، إذ أصبح أريك شميت(رئيس "جوجل" سابقًا) رئيسا للشركة التي تقوم بتوفير الدعم المعلوماتي الرقمي لحملة هيلاري"، كما يشغل سميث في نفس الوقت منصب أحد الرئيسين المناوبين للجنة التكنولوجيا الحديثة بوزارة الدفاع الأمريكية. ويعتبر موقع جوجل أكبر قاعدة بيانات خاصة بالبشر حول العالم، بما يضمه من بيانات عنهم وعن علاقاتهم وأقاربهم وعناوينهم وأعمالهم والعديد من البيانات الأخرى، التي أكد عنها سانج أنها جميعها يمكن لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الاطلاع عليها والاستفادة منها على النحو الذي تراه مناسبًا. وكان أسانج قد قال خلال مؤتمر حكومي مفتوح في ميكسيكو سيتي إن "جوجل الآن باتت سلاح هيلاري السري"، في إشارة الى أعمال البنية التحتية الرقمية المعلوماتية والخدمات الاستشارية التي يقدمها شميتإلى حملة وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، مثلما فعلت حملة الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما الانتخابية في انتخابات عام 2012. حيث استخدام هذا الأمر في بث النعرات الطائفية وزيادة الانشقاق بجيش المنطقة، ولم تكن هذه المرة الأولي التي أثير فيها جدل واسع حول نشاط الإدارة الأمريكية التجسسي عبر شبكات الإنترنت، حيث كشفت وثائق وكالة الأمن القومى التى حصل عليها إداورد سنودن الموظف السابق بالوكالة عام 2013 و2014 أن الوكالة تستخدم برنامج بريزم لجمع بيانات المستخدمين من مايكروسوفت وجوجل وفيسبوك وسكايب وغيرها من شركات الإنترنت الكبرى، وهو يسمح للمحللين من وحدة التكنولوجيا الخاصة الحصول على ملفات الصوت والفيديو، والبريد الإلكتروني، والصور، والوثائق وسجلات الاتصال الخاصة بالمستخدمين ومراقبتهم على الإنترنت بشكل كامل. كما أكدت وثائق سرية سابقة أن هناك نظامًا أمريكيًّا تجسسيًّا تم من خلاله جمع بيانات مئات الملايين من المستخدمين (العديد منهم أمريكان)، واستطاعت الوكالة جمع بيانات لما يقارب من 181 مليون مستخدم، في يناير 2013، تضمنت رسائل إلكترونية، نصوص، ملفات صوتية، وأشرطة فيديو، بالإضافة إلى جمع بيانات المستخدمين، من خلال برنامج يطلق عليه "ماسكيولار" الذي تم تشغليه بالتعاون مع أجهزة الاستخبارات البريطانية من خلال نقاط اعتراض (غير معلنة)، تقوم بنسخ البيانات التي تتدفق عبر الكابلات لكل منهما. وخلافًاللوثائق التي أظهرت مدى تورط الإدارة الأمريكية في استخدام بعض الشبكات في تحركاتها السياسية، ربما يكون ظاهرًا أكثر دور العلاقة بين شركات الإنترنت الأمريكية والإدارة الأمريكية في إثارة ملفات المنطقة كالملف السوري، ففى عام 2012 نشر ويكليكس رسائل إلكترونية تبادلها رئيس قسم الأفكار في شركة جوجل جاريد كوهين وأحد الموظفين السابقين في وزارة الخارجية الأمريكية عام 2012، وأخبرهم فيها أن شركته «تعمل على إطلاق أداة من شأنها أن تتعقب بشكل علني الانشقاقات التي تحصل في سوريا ونشرها وتشجيعها». وقال كوهين في رسالته التي تلقاها أيضًا عدد من المسؤولين في الإدارة الأمريكية إلى جانب وزيرة الخارجية آنذاك هيلاري كلينتون «إن المنطق وراء هذه الفكرة هو أن هناك العديد من الجهات ترصد هذه الانشقاقات، إلا أنه ليس هناك من يهتم بإظهارها ووضعها في رسم بياني واضح، الأمر الذي يعتبر خطوة مهمة لتشجيع المزيد على الانشقاق ودعم المعارضة»، كاشفًا في رسالته عن أنه «ستقوم الشركة بالتعاون مع قناة الجزيرة التي ستكون المالك الأول لأداة الانشقاق، وتقوم بدورها بتتبع البيانات والتحقق منها وبثها مجددًا إلى سوريا»، مطالبًا المسؤولين الأمريكيين بإبقاء هذا الأمر سريًّا وتزويده بأي ملاحظات جديدة. اعتراف الجنرال كليث ألكسندر، رئيس وكالة الأمن القومي السابق، بأنه "لا يستطيع القول بأنه لم يتدخل في خوادم جوجل وياهو، لكنه يسلك الطرق القانونية عبر القضاء"، وهي عبارة غير مباشرة بأن الوكالة تعترض مرور المعلومات، ويعتبر بحسب المراقبين استخدام وكالة الأمن القومي الخوادم الأمريكية للتجسس مخالفة قانونية، ورغم نفي المسؤولين في الخوادم الأمريكية وأبرزها جوجل استخدام واشنطن معلومات المواطنين، فإن المعلومات التي سربها سنودن تشير إلى أن "وكالة الأمن القومي الأمريكية لديها اتفاقات سرية، غير معلنة مع عدد من الخوادم؛ للدخول وتصفح المشاركين من مختلف دول العالم. وهناك من يري أن ممارسة الرقابة الأمريكية وسلطاتها في هذه الحوادث تدعو إلى القلق؛ بسبب الافتقار إلى الشفافية، بعد أن دخل الملايين من مستخدمي الإنترنت الكثيرمن الشك بشأن حقهم في حرية التعبير، بعد التجسس على الرسائل والمحادثات التي يجرونها، حيث أدرك هؤلاء جراء هذه التسريبات ما تفعله أمريكا بشركات الإنترنت لديها من اختراق لمعلوماتهم الشخصية لمعرفة أهوائهم دون علمهم، حيث أشار مدير موقع "ويكيليكس" في هذا السياق إلى أن الفيسبوك أكثر أداة تجسس مرعبة ابتكرها الإنسان في تاريخ البشرية، خاصة وكالة الاستخبارات الأمريكية التي تطَّلع على كافة بيانات البشر في شتى بقاع الأرض. لكن ما يدعو إلى الريبة أن المسؤولين الأمريكيين لم يظهروا ندمًا كافيًا على ما فعلوه، بل إن "نيويورك تايمز" نقلت في أحد تقاريرها تأكيد أن المسؤولين الأمريكيين يرون ضرورة مواصلة التجسس على الدول. وقد وصف المدير السابق لوكالة الأمن القومي الأمريكي مايكل هايدن "عسكرة الإنترنت الذي اتبعته وكالة الأمن القومي الأمريكي بأن له ما يبرره؛ نظرًا لأن تداول أغلب البيانات على الإنترنت يتم عبر خوادم أمريكية، وأيضًا لأن الإنترنت اختراع أمريكي، سيذكر العالم كله أمريكا لأجله، في إشارة إلى أنه من حق واشنطن استخدامه كأداة تملكها للحفاظ على مصالحها وأمنها القومي.