مدبولى: حريصون على استقلال «المركزى للمحاسبات» وتمكينه من أداء مهامه    وزير العمل: الدولة لا تتهاون في تطبيق الحد الأدنى للأجور وحماية الطرفين داخل منظومة العمل    طارق الجيوشي: نسعى لتطوير أداء المنشآت الصناعية وزيادة الطاقات الإنتاجية    اختتام دورة تدريبية بمركز بحوث الصحراء بمطروح حول الإدارة المستدامة للمياه والتربة بمشاركة دولية    التشيك ترحّل جنديًا إسرائيليًا شارك في الحربين على غزة ولبنان    وزير خارجية الصين: مستعدون لتعزيز التعاون مع الجزائر    السفير الفرنسي بالقاهرة يثمن جهود مصر في وقف إطلاق النار بقطاع غزة    فينيسيوس يعتذر لجماهير ورئيس ريال مدريد    الهلال يعلن جاهزية نجم الفريق لمباراة الشباب    مأساة على طريق بنها – طوخ.. مصرع 3 أشخاص في إنقلاب سيارة داخل الترعة| صور    "مشاركة غير مسبوقة وبطاقة دعوة تحفة فنية".. وسائل إعلام تبرز استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    ليلى علوي تتصدر فعاليات مهرجان الرباط.. ندوات ومؤتمرات تحتفي بالفن والإبداع    هل يجوز للزوجة التصدق من مال البيت دون علم زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    وزارة الصحة: زيارات منزلية ل 100% من مريضات الفيلاريا فى 5 محافظات    كيف أتخلص من التفكير الزائد قبل النوم؟.. أستاذ طب نفسي يُجيب    تأجيل حفل افتتاح مهرجان الفضاءات غير التقليدية بأكاديمية الفنون    مصطفى قمر يطرح أولى أغاني ألبومه الجديد بعنوان "اللي كبرناه"| فيديو    حالة الطقس غدًا الخميس 30-10-2025 على البلاد والأيام المقبلة    وزير خارجية إستونيا: بوتين يختبر الناتو ولا نتوقع اجتياح ليتوانيا    وزيرة الخارجية الفلسطينية: نحاول توجيه البوصلة الدولية حول ما دار في مؤتمر نيويورك    لصحتك.. روشتة للوقاية من السكتة الدماغية    أيمن يونس يهاجم ثروت سويلم بسبب تصريحاته عن حلمي طولان    الشيخ خالد الجندي: الغني الحقيقي هو من يملك الرضا لا المال    مجلس الزمالك.. لقد نفد رصيدكم!    الإسكندرية تستعد ب22 شاشة عملاقة لنقل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    الإمام الأكبر يخاطب المفكرين والقادة الدينيين فى مؤتمر السلام العالمى بروما    مؤتمر إقليمى لتفعيل مبادرة تمكين بجامعة العريش    شاشات بميادين كفر الشيخ لنقل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    رئيس الوزراء القطري: نحاول الضغط على حماس للإقرار بضرورة نزع سلاحها    سقوط نصاب الشهادات المزيفة في القاهرة بعد الإيقاع بعشرات الضحايا    آرسنال يخطط للتجديد مع ساكا ليصبح الأعلى أجرًا في تاريخ النادي    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    مصرع شخص وإصابة اثنين آخرين إثر انقلاب سيارة بطريق الخارجة - أسيوط    خلال ساعات.. موعد إلغاء التوقيت الصيفي 2025 في مصر وتأخير الساعة 60 دقيقة    مدافع النصر السعودي يغيب عن لقاء الفيحاء    محافظ شمال سيناء يستقبل عدداً من مواطني إزالات ميناء العريش    مصر تشارك في اجتماع مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي في أديس أبابا    محافظ الدقهلية يتابع من مركز سيطرة الشبكة الوطنية محاكاة التعامل مع مياه الأمطار وحركة المواقف ومستوى النظافة    «الخطيب أخي وأوفينا بما وعدنا به».. خالد مرتجي يزف بشرى لجماهير الأهلي    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا في بحر شبين بالمحلة    هل يدخل فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى نادى المائة مليون؟    «نرعاك في مصر» خدم أكثر من 24 ألف مريض من 97 دولةً بإيرادات تجاوزت 405 ملايين دولار    بعد تداول فيديو.. القبض على متهم بسرقة هاتف فتاة في الإسماعيلية    كليتى العلوم وتكنولوجيا التعليم ببنى سويف يحصلان على جائزة مصر للتميز الحكومى    مصرع طفلة صدمتها سيارة أثناء عودتها من الحضانة فى البدرشين    حبس المتهم بقتل شاب بسبب معاكسة الفتيات ببنها في القليوبية    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    دون إبداء أسباب.. السودان يطرد مسؤولين من برنامج الأغذية العالمي    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    سفيرة قبرص لدى مصر: المتحف الكبير.. الهرم العظيم الجديد لعصرنا الحديث    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية «الإنتوساي» ل3 سنوات (تفاصيل)    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القراءات.. بين الانتشار والانحسار
نشر في البديل يوم 06 - 06 - 2016

تُجمع المؤسسات الأكاديمية في العالم الإسلامي على قبول النص القرآن عبر قراءات الأئمة العشرة ورواتهم، لكن من الناحية العملية، يقتصر الانتشار الشعبي المتفاوت للقراءات على أربع روايات فقط، على رأسها حفص عن عاصم، ثم ورش وقالون عن نافع، ثم الدوري عن أبي عمرو.
أغلب الدول الإسلامية تقرأ القرآن وفقا لرواية حفص عن عاصم، بينما تنتشر رواية قالون في ليبيا وتونس، وبقدر أقل في الجزائر، أما أهل المغرب فيقرؤون برواية ورش عن نافع، ومعهم كثيرون من أهل الجزائر وموريتانيا، وتكاد رواية قالون عن أبي عمرو لا تخرج عن مناطق محددة في السودان.
الخريطة الحالية لانتشار القراءات في العالم الإسلامي مرت بتحولات كبيرة منذ تبلور هذا العلم في القرنين الثاني والثالث الهجريين، فقبل الإمام أحمد بن مجاهد الذي ألف كتابه الشهير "السبعة" عام 300 هجرية، كان أهل مكة يقرؤون بقراءة الإمام عبد الله بن كثير المكي، (ت 120 ه)، بينما كان أهل مكة على قراءة الإمام نافع بن عبد الرحمن المدني، (169 ه) وأهل الشام على قراءة الإمام عبد الله بن عامر الشامي (ت 118 ه)، والبصريون على قراءتي أبي عمرو البصري (ت 154 ه)، ويعقوب الحضرمي (ت 205 ه)، أما الكوفيون فكانوا على قراءتي حمزة بن حبيب الزيات (ت 156 ه) وعاصم بن أبي النجود (ت 129 ه).
وفي هذه المرحلة كانت رواية حفص، هي الأقل انتشارا، فمعظم أهل الكوفة مالوا إلى قراءة حمزة، ومن قرأ منهم بقراءة عاصم اختارها من رواية شعبة لا من رواية حفص، وفي مصر كانت السيادة لرواية ورش عن النافع، وبالطبع ساهم في ذلك كون ورش مصريا.. وقد "رحل إلى نافع فقرأ عليه أربع ختمات ثم رجع إلى مصر وأخذ ينشر قراءة نافع، وعنه انتشرت في أرجاء المغرب العربي وكثير من البلاد الإفريقية.. وهناك سبب آخر مهم لانتشار قراءة نافع في المغرب العربي وهي أنها قراءة إمامهم مالك بن أنس رحمه الله، فكما أخذ المغاربة بفقه أهل المدينة أخذوا أيضا بقراءتهم، غير أن أهل المغرب الأدنى (ليبيا وتونس) وما حاذاها من البلاد الإفريقية كتشاد انتشرت فيهم رواية قالون عن نافع لسهولتها وخلوها من المدود الطويلة والإمالات التي في رواية ورش".
في القرن الخامس الهجري كانت قراءة يعقوب هي الغالبة على أهل البصرة كما يستفاد ذلك من قول الحافظ أبي عمرو الداني: ائتم بيعقوب في اختياره عامة البصريين بعد أبي عمرو، وسمعت طاهر بن غلبون يقول: إمام الجامع بالبصرة لا يقرأ إلا بقراءة يعقوب.
أما أهل الشام فاستمروا يقرؤون بقراءة ابن عامر إلى نهاية القرن الخامس حتى قدم عليهم أحد أئمة القراء وهو ابن طاووس فأخذ يعلم رواية الدوري عن أبي عمرو ويقرئ بها أهل الشام فأخذت في الانتشار التدريجي بالشام حتى حلت محل قراءة ابن عامر، كما يستفاد هذا من قول ابن الجزري: ولا زال أهل الشام قاطبة على قراءة ابن عامر تلاوة وصلاة وتلقينا إلى قريب الخمسمئة.
وبعد القرن الخامس، غلبت رواية الدوري عن أبي عمرو على أهل العراق والحجاز واليمن والشام ومصر والسودان وشرق إفريقيا إلى القرن العاشر الهجري.. ويبدو أن بعض الأئمة كانوا قد تنبأوا مبكرا بانتشار رواية الدوري عن أبي عمر، وهو ما علق عليه الإمام ابن الجزري (ت 833ه) قائلا: قراءة أبي عمرو عليها الناس اليوم بالشام والحجاز واليمن ومصر فلا تجد أحدا يلقن القرآن إلا على حرفه.
بحلول القرن العاشر الهجري، وبسط الدولة العثمانية سلطانها على العالم الإسلامي، بدأت رواية حفص عن عاصم في الانتشار، ويمكن لمن يتتبع الجهود التي بذلها العثمانيون لنشر الرواية أن يقول إن الأتراك كان لديهم رغبة في فرض رواية حفص على العالم الإسلامي، مستعينين بالعلماء والدعاة الذين ترسلهم "الدولة العلية" إلى الأقطار الإسلامية، وساعدهم في ذلك بقوة بدأ طباعة المصاحف، التي اقتصرت على رواية حفص.. فكادت الروايات غير حفص أن تنقرض.
يقول الشيخ عبد الرشيد الصوفي: رواية حفص عن عاصم لم يكتب لها الانتشار والذيوع في المشرق الإسلامي سوى في المئتي سنة الأخيرة، حيث كان أهل المشرق من مصر والشام والعراق والحجاز والجزيرة العربية واليمن والسودان وغيرها لا يعرفون ولا يقرؤون إلا بقراءة أبي عمرو البصري براوييه الدوري أو السوسي، بدليل أن معظم من ألف في علم التفسير كان النص القرآني في تفسيره بقراءة أبي عمرو البصري، مثل تفسير الجلالين.
كان لدخول الطباعة إلى مصر الأثر الأكبر في ترسيخ رواية حفص عن عاصم، ومن مصر انتشرت إلى نجد والحجاز، ثم إلى اليمن في العهد الجمهوري. وكان أول تسجيل صوتي للقرآن الكريم في العالم الإسلامي بصوت الشيخ محمود خليل الحصري برواية حفص. وطبع مصحف الأزهر برواية حفص، وكذلك طبع مصحف المدينة المنورة.
لكن المملكة المغربية اعتبرت أن رواية ورش تمثل جزءا من التراث الثقافي للشعب المغربي، فأصدرت وزارة الثقافة المغربية قرارا بمنع دخول المصاحف برواية حفص حفاظاً على رواية ورش التي تكاد تنقرض في الجزائر.
وكانت السودان على قراءة الدوري، لكن تحت الأثر الكبير لمصر والسعودية تم اعتماد رواية حفص رسميا، ولم تبق قراءة الدوري إلا في كتاتيب دارفور القديمة. ولحسن الحظ فإن حكومة السودان تنبهت إلى هذه الكارثة، وقامت بطباعة "مصحف إفريقيا" بالدوري وغيره. وكذلك الصومال كانت بالكامل تقرأ بالدوري، لكن نتيجة ظروف الحرب وتوزيع مصاحف السعودية، أصبحت قراءة حفص منافسة قوية للدوري.
ومنعت السعودية أي قراءة غير حفص في المساجد، حتى في الحرمين، وبذل بعض الوهابيين جهودا في الربط بين "السلفية" ورواية حفص، إلى درجة أن بعض المقرئين في الجزائر يتبارون في القراءة بحفص بدلا من ورش ليثبتوا سلفيتهم، مع أن السلف كانوا يقرؤون بمختلف القراءات، بل بلغ الجهل أن بعض السلفيين يسرقون مصاحف ورش من مساجد الجزائر ليستبدلوا بها مصاحف حفص التي توزع مجانا.
ويسوق بعض المتشددين حجة واهية لمنع القراءات، وهي أنها قد تؤدي إلى ارتباك السامع، متناسين أن كبار القراء المصريين خلفوا ثروة ضخمة من التسجيلات التي تتضمن قراءة مختلفة، أدوها وسط الجماهير والبسطاء في القرى والنجوع والمناطق الشعبية، دون قلق من هذا الارتباك المزعوم.
وجدير بالذكر أن الحكومة المصرية بدأت أول جمع صوتي للقرآن عام 1961، بصوت الشيخ الحصري، الذي سجل ختمة برواية حفص عن عاصم، لكن سرعان ما سجل الشيخ بعدها الروايات الثلاثة المنتشرة جماهيريا، ورش عن نافع ثم قالون ثم الدوري عن أبي عمر.. لكن مع الأسف ظلت هذه المصاحف المرتلة عقودا ممنوعة من البث إذاعيا، إلى أن بدأت إذاعة القرآن من سنوات قليلة في بث فقرة يومية منها مدتها نصف ساعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.