وكيل تعليم البحيرة يتابع أعمال إنشاء مدرسة ستيم للعلوم والتكنولوجيا بدمنهور    السيسي يتابع جهود ضمان حسن سير المخابز والمطاحن وتطورات إقامة أسواق اليوم الواحد    تفاصيل زيارة الرئيس السيسى لغينيا الاستوائية ولقاءاته مع القادة الأفارقة.. فيديو    جامعة الدول تطالب بتوفير الدعم العربي والدولي لضمان استمرار تقدم المسيرة التعليمية في فلسطين    انفجار يوقف إنتاج النفط فى حقل سرسنك بكردستان العراق    عراقجى ل"نتنياهو": انت بتدخن إية؟.. حرب كلامية بين وزير خارجية إيران ورئيس وزراء إسرائيل    خبر حزين للزمالك بشأن لاعب بيراميدز    "قانونية" الأهلى تستعد لإخطار مصطفى يونس بموعد التحقيق بعد قرار المجلس    9 صفقات ..تعرف على جميع اللاعبين المُنضمين للأهلي في صيف 2025 "إنفوجراف"    محمد الحنفى يعلن اعتزاله التحكيم    لاتهامها بنشر الفجور، تجديد حبس الراقصة ليندا    في عيدها ال 32، علاء الدين تُبهج الصغار بمسرحية «صندوق الحكايات» وفن خيال الظل    خالد سليم يتأثر ويبكى بعد عرض "صاحبة السعادة" فيديو نادرا لوالده فى حفل زفافه    العرض العالمي الأول لفيلم «اغتراب» ضمن مهرجان لوكارنو السينمائي    الكونغو: تراجع وباء جدري القردة بنسبة 90%    مها عبد الناصر تطالب بالكشف عن أسباب وفاة 4 أطفال أشقاء في المنيا    نتيجة الامتحان الإلكتروني لمسابقة معلم مساعد دراسات اجتماعية.. الرابط الرسمي    كريم الدبيس: "كولر" مراوغ وقطعت عقود بلجيكا للانتقال للأهلي    رئيس الطائفة الإنجيلية: الموقف المصري من نهر النيل يعكس حكمة القيادة السياسية وإدراكها لطبيعة القضية الوجودية    المفتي الأسبق: يوضح عورة المرأة أمام زوج أختها    116 ندوة علمية في حب الجار.. الأوقاف تضيء منابر المساجد بحقوق الجوار في الإسلام    لليوم الثالث.. انتظام أعمال تصحيح الشهادة الثانوية الأزهرية بالقليوبية    برينتفورد يضم جوردان هندرسون في صفقة انتقال حر لمدة عامين    تفاصيل استحواذ ميتا على شركة Play AI الناشئة المتخصصة فى مجال الصوت    مواعيد القطارات على خط القاهرة أسوان والإسكندرية أسوان والعكس اليوم الثلاثاء    كل ما تريد معرفته عن كأس العالم للأندية 2029    تكنولوجيا الأغذية ينظم برامج تدريبية للنهوض بقطاع التصنيع الغذائي    نائب رئيس جامعة بنها تواصل تفقد اختبارات القدرات    برج السرطان.. حظك اليوم الثلاثاء 15 يوليو: احذر    أمير كرارة وأبطال فيلم الشاطر يحتفلون بالعرض الخاص فى 6 أكتوبر.. اليوم    عماد حمدي: تطوير سيناء للمنجنيز يساهم في توطين الصناعة ودعم الصادرات    الإيجار القديم بين الواقع والمأمول.. نقلا عن "برلماني"    درجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 فى مصر    محافظ كفر الشيخ يدشن حملة «100 يوم صحة» للكشف والعلاج بالمجان    9 أضرار للإفراط في شرب الشاي.. لا تتجاوز هذه الكمية يوميا    وزير خارجية تركيا: كل محاولة لإلحاق الضرر بتركيا محكومة بالفشل    القومي لحقوق الإنسان يعقد ورشة عمل حول العمال وبيئة العمل الآمنة    وزارة العمل: 3 فرص عمل في لبنان بمجالات الزراعة    تحولات النص المسرحي المعاصر وتجارب الكتاب الجدد على مائدة المهرجان القومي للمسرح    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    محافظ المنوفية: 1.5 مليار جنيه استثمارات العام الحالي في مشروعات البنية التحتية    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من اليمن دون تفعيل صفارات الإنذار    قوات الاحتلال تعتقل أكثر من 32 فلسطينيا من الضفة الغربية    «مصيرك في إيد الأهلي».. شوبير يوجه رسالة إلى أحمد عبدالقادر    الصحة: بدء تدريب العاملين المدنيين بوزارة الداخلية على استخدام أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    أمين الفتوى: المصريون توارثوا حكمة "اطلع شيء لله وقت الشدة".. والصدقة قد تكون بالمشاعر لا المال    تسجيل 17 مليون عبوة منتهية الصلاحية ضمن مبادرة «سحب الأدوية» (تفاصيل)    القومي لحقوق الإنسان ينظم ورشة عمل حول مقترح قانون الأحوال الشخصية الجديد    بإقبال كبير.. قصور الثقافة تطلق برنامج "مصر جميلة" لدعم الموهوبين بشمال سيناء    ثنائي بيراميدز ينضم إلى معسكر الفريق في تركيا    أستاذ فقه بالأزهر: أعظم صدقة عند الله هو ما تنفقه على أهلك    مدحت العدل يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعد تصريحه حول حجاب حفيدة أم كلثوم    مشاركة الرئيس السيسي في قمة الاتحاد الأفريقي بمالابو تؤكد دعم مصر لأمن واستقرار القارة    محامي المُعتدى عليه بواقعة شهاب سائق التوك توك: الطفل اعترف بالواقعة وهدفنا الردع وتقويم سلوكه    تعرّف على عقوبة إصدار شهادة تصديق إلكتروني دون ترخيص وفقًا للقانون    السيطرة على حريق في مخلفات غزل ونسيج بالغربية    أكثر أنواع السرطان شيوعًا.. تعرف على أبرز علامات سرطان القولون    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القراءات.. بين الانتشار والانحسار
نشر في البديل يوم 06 - 06 - 2016

تُجمع المؤسسات الأكاديمية في العالم الإسلامي على قبول النص القرآن عبر قراءات الأئمة العشرة ورواتهم، لكن من الناحية العملية، يقتصر الانتشار الشعبي المتفاوت للقراءات على أربع روايات فقط، على رأسها حفص عن عاصم، ثم ورش وقالون عن نافع، ثم الدوري عن أبي عمرو.
أغلب الدول الإسلامية تقرأ القرآن وفقا لرواية حفص عن عاصم، بينما تنتشر رواية قالون في ليبيا وتونس، وبقدر أقل في الجزائر، أما أهل المغرب فيقرؤون برواية ورش عن نافع، ومعهم كثيرون من أهل الجزائر وموريتانيا، وتكاد رواية قالون عن أبي عمرو لا تخرج عن مناطق محددة في السودان.
الخريطة الحالية لانتشار القراءات في العالم الإسلامي مرت بتحولات كبيرة منذ تبلور هذا العلم في القرنين الثاني والثالث الهجريين، فقبل الإمام أحمد بن مجاهد الذي ألف كتابه الشهير "السبعة" عام 300 هجرية، كان أهل مكة يقرؤون بقراءة الإمام عبد الله بن كثير المكي، (ت 120 ه)، بينما كان أهل مكة على قراءة الإمام نافع بن عبد الرحمن المدني، (169 ه) وأهل الشام على قراءة الإمام عبد الله بن عامر الشامي (ت 118 ه)، والبصريون على قراءتي أبي عمرو البصري (ت 154 ه)، ويعقوب الحضرمي (ت 205 ه)، أما الكوفيون فكانوا على قراءتي حمزة بن حبيب الزيات (ت 156 ه) وعاصم بن أبي النجود (ت 129 ه).
وفي هذه المرحلة كانت رواية حفص، هي الأقل انتشارا، فمعظم أهل الكوفة مالوا إلى قراءة حمزة، ومن قرأ منهم بقراءة عاصم اختارها من رواية شعبة لا من رواية حفص، وفي مصر كانت السيادة لرواية ورش عن النافع، وبالطبع ساهم في ذلك كون ورش مصريا.. وقد "رحل إلى نافع فقرأ عليه أربع ختمات ثم رجع إلى مصر وأخذ ينشر قراءة نافع، وعنه انتشرت في أرجاء المغرب العربي وكثير من البلاد الإفريقية.. وهناك سبب آخر مهم لانتشار قراءة نافع في المغرب العربي وهي أنها قراءة إمامهم مالك بن أنس رحمه الله، فكما أخذ المغاربة بفقه أهل المدينة أخذوا أيضا بقراءتهم، غير أن أهل المغرب الأدنى (ليبيا وتونس) وما حاذاها من البلاد الإفريقية كتشاد انتشرت فيهم رواية قالون عن نافع لسهولتها وخلوها من المدود الطويلة والإمالات التي في رواية ورش".
في القرن الخامس الهجري كانت قراءة يعقوب هي الغالبة على أهل البصرة كما يستفاد ذلك من قول الحافظ أبي عمرو الداني: ائتم بيعقوب في اختياره عامة البصريين بعد أبي عمرو، وسمعت طاهر بن غلبون يقول: إمام الجامع بالبصرة لا يقرأ إلا بقراءة يعقوب.
أما أهل الشام فاستمروا يقرؤون بقراءة ابن عامر إلى نهاية القرن الخامس حتى قدم عليهم أحد أئمة القراء وهو ابن طاووس فأخذ يعلم رواية الدوري عن أبي عمرو ويقرئ بها أهل الشام فأخذت في الانتشار التدريجي بالشام حتى حلت محل قراءة ابن عامر، كما يستفاد هذا من قول ابن الجزري: ولا زال أهل الشام قاطبة على قراءة ابن عامر تلاوة وصلاة وتلقينا إلى قريب الخمسمئة.
وبعد القرن الخامس، غلبت رواية الدوري عن أبي عمرو على أهل العراق والحجاز واليمن والشام ومصر والسودان وشرق إفريقيا إلى القرن العاشر الهجري.. ويبدو أن بعض الأئمة كانوا قد تنبأوا مبكرا بانتشار رواية الدوري عن أبي عمر، وهو ما علق عليه الإمام ابن الجزري (ت 833ه) قائلا: قراءة أبي عمرو عليها الناس اليوم بالشام والحجاز واليمن ومصر فلا تجد أحدا يلقن القرآن إلا على حرفه.
بحلول القرن العاشر الهجري، وبسط الدولة العثمانية سلطانها على العالم الإسلامي، بدأت رواية حفص عن عاصم في الانتشار، ويمكن لمن يتتبع الجهود التي بذلها العثمانيون لنشر الرواية أن يقول إن الأتراك كان لديهم رغبة في فرض رواية حفص على العالم الإسلامي، مستعينين بالعلماء والدعاة الذين ترسلهم "الدولة العلية" إلى الأقطار الإسلامية، وساعدهم في ذلك بقوة بدأ طباعة المصاحف، التي اقتصرت على رواية حفص.. فكادت الروايات غير حفص أن تنقرض.
يقول الشيخ عبد الرشيد الصوفي: رواية حفص عن عاصم لم يكتب لها الانتشار والذيوع في المشرق الإسلامي سوى في المئتي سنة الأخيرة، حيث كان أهل المشرق من مصر والشام والعراق والحجاز والجزيرة العربية واليمن والسودان وغيرها لا يعرفون ولا يقرؤون إلا بقراءة أبي عمرو البصري براوييه الدوري أو السوسي، بدليل أن معظم من ألف في علم التفسير كان النص القرآني في تفسيره بقراءة أبي عمرو البصري، مثل تفسير الجلالين.
كان لدخول الطباعة إلى مصر الأثر الأكبر في ترسيخ رواية حفص عن عاصم، ومن مصر انتشرت إلى نجد والحجاز، ثم إلى اليمن في العهد الجمهوري. وكان أول تسجيل صوتي للقرآن الكريم في العالم الإسلامي بصوت الشيخ محمود خليل الحصري برواية حفص. وطبع مصحف الأزهر برواية حفص، وكذلك طبع مصحف المدينة المنورة.
لكن المملكة المغربية اعتبرت أن رواية ورش تمثل جزءا من التراث الثقافي للشعب المغربي، فأصدرت وزارة الثقافة المغربية قرارا بمنع دخول المصاحف برواية حفص حفاظاً على رواية ورش التي تكاد تنقرض في الجزائر.
وكانت السودان على قراءة الدوري، لكن تحت الأثر الكبير لمصر والسعودية تم اعتماد رواية حفص رسميا، ولم تبق قراءة الدوري إلا في كتاتيب دارفور القديمة. ولحسن الحظ فإن حكومة السودان تنبهت إلى هذه الكارثة، وقامت بطباعة "مصحف إفريقيا" بالدوري وغيره. وكذلك الصومال كانت بالكامل تقرأ بالدوري، لكن نتيجة ظروف الحرب وتوزيع مصاحف السعودية، أصبحت قراءة حفص منافسة قوية للدوري.
ومنعت السعودية أي قراءة غير حفص في المساجد، حتى في الحرمين، وبذل بعض الوهابيين جهودا في الربط بين "السلفية" ورواية حفص، إلى درجة أن بعض المقرئين في الجزائر يتبارون في القراءة بحفص بدلا من ورش ليثبتوا سلفيتهم، مع أن السلف كانوا يقرؤون بمختلف القراءات، بل بلغ الجهل أن بعض السلفيين يسرقون مصاحف ورش من مساجد الجزائر ليستبدلوا بها مصاحف حفص التي توزع مجانا.
ويسوق بعض المتشددين حجة واهية لمنع القراءات، وهي أنها قد تؤدي إلى ارتباك السامع، متناسين أن كبار القراء المصريين خلفوا ثروة ضخمة من التسجيلات التي تتضمن قراءة مختلفة، أدوها وسط الجماهير والبسطاء في القرى والنجوع والمناطق الشعبية، دون قلق من هذا الارتباك المزعوم.
وجدير بالذكر أن الحكومة المصرية بدأت أول جمع صوتي للقرآن عام 1961، بصوت الشيخ الحصري، الذي سجل ختمة برواية حفص عن عاصم، لكن سرعان ما سجل الشيخ بعدها الروايات الثلاثة المنتشرة جماهيريا، ورش عن نافع ثم قالون ثم الدوري عن أبي عمر.. لكن مع الأسف ظلت هذه المصاحف المرتلة عقودا ممنوعة من البث إذاعيا، إلى أن بدأت إذاعة القرآن من سنوات قليلة في بث فقرة يومية منها مدتها نصف ساعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.