اجتماع جديد يعقده وزراء النفط من دول منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك»، ورغم أن هذا الاجتماع يأتي في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار النفط قليلًا مما خفف الضغط بعض الشيء عن كاهل المنظمة النفطية، إلَّا أنه يحمل أهمية كبيرة نظرًا لوجود وجه جديد يتمثل في وزير النفط السعودي، خالد الفالح، الذي يترقب العديد من المسؤولين تصريحاته أو استراتيجيته الجديدة التي يمكن أن تنقذ المنظمة من الانهيار. اجتماع جديد بعد فشل اجتماعي الدوحة في فبراير وأبريل في الاتفاق على تجميد الإنتاج، يجتمع وزراء النفط من دول منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك، في فيينا اليوم الخميس في أعمال الدورة 169 العادية من الاجتماع الوزاري للمنظمة، في محاولة جديدة للاتفاق حول سقف جماعي جديد لتعزيز دور أوبك المتراجع وإنهاء معركة على الحصة السوقية أدت إلى تهاوي أسعار النفط وتقلص الاستثمارات. أوبك.. بين التشاؤم والتفاؤل أجواء متضاربة سادت كواليس اجتماع «أوبك»، حيث نظر بعض المسؤولين والمراقبين إلى هذا الاجتماع بنظرة تشاؤمية تؤكد أنه لن ينتج عنه شيء جديد، فيما رأى البعض بصيص أمل بأن تتوصل الدول المجتمعة إلى اتفاق يقضى بتقليص الإنتاج أو على الأقل تثبيت أسعار النفط الحالية، التي وصلت إلى مستوى 50 دولارًا للبرميل بعد انخفاض وصل إلى 30 دولارًا للبرميل. قال وزير النفط الكويتي، أنس الصالح: إن 50 إلى 60 دولارًا لبرميل النفط يعد سعرًا ملائمًا، مضيفًا أن استراتيجية أوبك تؤتي ثمارها، وإن المنظمة ستعمل على ضمان استمرارية نجاحها، فيما قال وزير الطاقة الإماراتي، سهيل بن محمد المزروعي: إنه يتوقع ارتفاع أسعار النفط في النصف الثاني من العام الحالي، مضيفًا أن السوق في حاجة لارتفاع أسعار النفط من أجل المحافظة على استدامة الاستثمارات في هذا القطاع. من جانبه قال وكيل وزارة النفط العراقية، فياض نعمة: إنه يتوقع أن يتراوح سعر النفط بين 55 و65 دولارًا للبرميل في النصف الثاني من العام الحالي، في حين قال مندوب العراق في أوبك، فلاح العامري: إنه لا وجود لمقترح محدد بشأن الإنتاج على برنامج الاجتماع اليوم. من جانبه أشار وزير النفط الأنجولي، جوزيه بوتيلو دي فاسكونسيلوس، إلى أنه يعتقد أن ثمة إمكانية؛ لأن يتوصل مع زملائه في منظمة أوبك إلى قرار بشأن سقف لإنتاج المنظمة، كما أضاف بأن سعر النفط عند 60 دولارًا للبرميل ليس سيئًا، لكن 80 دولارًا سيكون أفضل، كما قال وزير الطاقة الجزائري، صلاح خبري، إنه يأمل أن تعود منظمة أوبك لنظام سقف الإنتاج مع تحديد حصة لكل دولة. بدوره اقترح وزير النفط الفنزويلي، ايولوخيو ديل بينو، الاتفاق على نطاق لإمدادات النفط من أعضاء أوبك، وقال الوزير قبيل بدء اجتماع المنظمة في فيينا: إن مثل هذا النطاق يمكن أن يحل محل أي محادثات بشأن وضع سقف للإنتاج، وأضاف أن إنتاج فنزويلا من النفط الخام بلغ نحو 2,8 مليون برميل يوميًّا الشهر الماضي، فيما قال وزير الطاقة القطري، محمد السادة: إن سوق النفط إيجابية في الوقت الحالي وتسير في اتجاه التوازن، مضيفًا أن جميع الخيارات مطروحة بما في ذلك سقف جديد لإنتاج النفط الخام في منظمة أوبك، وأضاف «السادة»، أن المناخ في اجتماع أوبك إيجابي، وأن السعر العادل للنفط الذي يشجع الاستثمار ينبغي أن يكون فوق 50 دولارًا للبرميل. أما وزير النفط النيجيري، إيمانويل إيبي كاتشيكو، يرى أن هناك عقلية منفتحة في اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك»، لكنه لا يعلم ما الذي سيسفر عنه هذا الاجتماع، وأضاف أن إنتاج النفط النيجيري ارتفع إلى 1.6 مليون برميل يوميًّا، فيما قال وزير النفط الإيراني، بيجن زنغنه: إن منظمة أوبك لا يمكنها السيطرة على أي شيء ما لم تحدد حصصًا لإنتاج كل دولة، وأصر على أن طهران تستحق حصة مرتفعة استنادًا إلى الإنتاج التاريخي، مشيرًا إلى أن حصة عادلة لإيران ينبغي أن تكون 14.5% من إجمالي إنتاج أوبك. الفالح.. هل من استراتيجية جديدة؟ يتطلع الكثير من المراقبين إلى وزير النفط الذي تم تعيينه في الحكومة الجديدة خالد الفالح كبديل لعلي النعيمي، حيث يرى البعض أن الفالح ملقاة على عاتقه العديد من المهام الجسيمة، وأولها إصلاح وضع المملكة الاقتصادي، خاصة في ظل ورود تقارير تؤكد أن الوضع المالي والاقتصادي للمملكة أصبح على شفا الانهيار، الأمر الذي جعل بعض المراقبين يتطلعون إلى وجه جديد قد يحمل استراتيجية وإدارة جديدة تقضي بتنازل المملكة عن بعض من تعنتها بشأن تثبيت إنتاج النفط. على الجانب الآخر، يرى بعض المراقبين أن تغيير وزير النفط في الحكومة السعودية لن يغير من شيء، مستندين في هذه النظرة التشاؤمية إلى تصريحات الفالح عندما كان رئيسًا لمجلس إدارة شركة النفط الوطنية «أرامكو»، ودافع حينها عن قرار المملكة المتعلق بعدم خفض الإنتاج، الأمر الذي يوحي بأن وزير النفط الجديد لن يكون له رأي مغاير لسابقه النعيمي، خاصة أن المملكة في خطتها المستقبلية 2030، قالت إنها لن تعتمد على النفط كمصدر للدخل على خلاف السنوات الماضية. ورغم أن موقف وزير النفط الجديد لايزال غير واضح، إلَّا أن المراقبين استندوا إلى بعض المؤشرات التي أوحت بعضها بجدية الفالح في هذا الاجتماع، فيما أوحى البعض الآخر إلى وجود أجواء محبطة للآمال، حيث خاب ظن البعض عندما امتنع الفالح عن الإدلاء بأي تصريحات بشأن اجتماع «أوبك»، ففي الوقت الذي كان الصحفيون يصطفون فيه أمام المدخل الرئيس للفندق الذي يقيم فيه وزير النفط السعودي انتظارًا للتصريحات السعودية، دخل الفالح إلى الفندق من الباب الجانبي متجنبًا الإدلاء بأي تصريح، إلى جانب ذلك فقد تأخر العديد من وزراء دول منظمة أوبك عن الحصول إلى فيينا، الأمر الذي أشار إلى عدم وجود أي اجتماعات ثنائية أو تنسيقات بين الوزراء وبعضهم فيما يخص الاجتماع. واستند بعض المراقبين إلى وصول وزير النفط السعودي، خالد الفالح إلى فيينا الاثنين الماضي، أي قبل موعد انعقاد الاجتماع بثلاثة أيام، وهو ما عده المراقبون دليلًا على جدية الفالح في التعامل مع اجتماع أوبك، خاصة أنه عقب وصوله إلى العاصمة النمساوية زار الفالح مقر أوبك ومكث فيه ما يناهز الساعة ونصف الساعة، واجتمع مع الأمين العام للمنظمة عبد الله البدري.