يلقي سقوط الطائرات المدنية في الفترة الأخيرة بظلالها على جميع الأحداث والتطورات العالمية، لاسيما بعد مقتل ركابها كافة، فبين سقوط الطائرة الروسية في سيناء خلال أكتوبر من العام الماضي، وسقوط طائرة مصر للطيران في البحر المتوسط عوامل مشتركة، وأخرى مختلفة من ردود فعل إلى تداعيات سياسية وضغوط إقليمية. الاحتمالات المفترضة لا تزال التحقيقات الرسمية مستمرة لمعرفة أسباب سقوط الطائرة الروسية فوق شرم الشيخ، حيث أكد زعماء العالم في مضمون خاطباتهم وأبرزهم روسيا أن الحادث نتج عن عمل إرهابي لم يتحدد شكله بعد، وفي هذه الحادثة أعلن تنظيم داعش الإرهابي فور سقوط الطائرة الروسية عن مسؤوليته عن الحادثة زاعمًا أنه استخدم في العملية قنبلة لانفجار الطائرة. ولكن اختلف الحادث الأخير كثيرًا فرغم ارتفاع بورصة الترجيحات بأن سقوط طائرة مصر للطيران نتيجة عمل إرهابي، إلا أن عدم إعلان أي تنظيم إرهابي مسؤوليته عن الحادث عزز من فرضية الاحتمالات الأخرى، حيث أشار الكثير من الصحف أن هناك عطل فني، فبحسب صحيفة التايمز، التي أوضحت أنها كانت سببا في 20% من حوادث الطيران، بينما أشارت تقارير أخرى إلى احتمالية أن تكون الطائرة سقطت بعد تعرضها لموقف تخريبى قد يكون ناتج عن عملية اختطاف، معتمدة فى ذلك على تعرضها لانحرافات عنيفة. التعامل مع الأزمة تعاملت الإدارة المصرية مع حادثة سقوط الطائرة الروسية في أكتوبر الماضي بكثير من الارتباك، في الوقت التي شهدت فيها عاصفة من الانتقادات الدولية وكان ينتظر الرد عليها إعلاميًا ورسميًا خاصة بعد استباق التحقيقات من قبل عدد من الدول الأوروبية بأنه عمل إرهابي، حيث علقت بريطانيا وألمانيا وعدد من الدول الأخرى رحلاتها إلى مصر، بينما كان التعامل مع حادثة سقوط الطائرة المصرية المنكوبة أكثر اتزانًا مما سبق، ولكن تطلب في نفس الوقت تحركات عدة في إطار المعاملة بالمثل، حيث تفقدت وفود أوروبية وأمريكية أمن مطارات مصر في الفترة الأخيرة لمراجعة مستوى الأمن والأمان فيها على خلفية الطائرة الروسية المنكوبة في شرم الشيخ العام الماضي، الأمر الذي دعى مصر بإجراء مشابه له في حال تأكدت من وقوع حادث إرهابي أو تسلل قنبلة من مطار شارل ديجول والمطالبة بتعويضات مادية من الطرف الفرنسي لأهالي ضحايا الطائرة المنكوبة. ردود الأفعال الدولية كانت المفارقة الغريبة بين الحادثتين هي ردود الأفعال الدولية فما حدث في الحادثة الأولي من سرعة بريطانية أمريكية في الإعلان سريعًا عن وجود عمل إرهابي وراء سقوط الطائرة الروسية في شرم الشيخ، وما تلاه من هدوء حدة التصريحات الدولية مع سقوط الطائرة المصرية في البحر المتوسط ومسؤولية فرنسا في هذا الأمر يوضح أننا أمام تسيس فعلي لهذه الحوادث. فبعدما سارعت بريطانيا في اتهام المطارات المصرية بعدم جهوزية التأمين في الحادثة الأولي مؤكده أنه عمل إرهابي، وإعلان شركتي لوفتهانزا الألمانية وإير فرانس الفرنسية وقف تحليق طائراتهما فوق شبه الجزيرة، جاء تصريحات وزيرةالخارجية البريطاني، فيليب هاموند، بعد حادثة سقوط الطائرة الثانية، إنه من السابق لأوانه التكهن بسبب اختفائها، رغم أن مايكل ماكول، رئيس لجنة الأمن الداخلي بمجلس النواب الأمريكي، قال في تصريحاته لوسائل الإعلام المحلية، إن الطائرة المصرية قد تكون سقطت بسبب قنبلة وضعت على متنها. وبعدما تأكد أن المسؤلية في الحادث الأخير ستقع في كل الأحوال على المطار الفرنسي إذا ثبت وجود عمل إرهابي، لم تتخذ مصر صاحبة الطائرة موقفًا متصاعدا من الأزمة، فلم تخرج لانتقاد باريس، رغم أن هذا حقها، بل تحدثت عن لجنتي تحقيق خاصة وأخرى مشتركة لبحث ملابسات الحادث. وفي ضوء ذلك تغاضى الإعلام الأجنبي عن مسؤولية فرنسا للحادث وأخذ في التلميح إلى مسؤولية شركة مصر للطيران، سواء باستعادة الحوادث السابقة للشركة أو بالتلميح بانتحار الطيار المصري الذي كان يقود الطائرة. التداعيات الاقتصادية أغلب التداعيات للحادثتين كانت اقتصادية بحتة وضربت السياحة المصرية في مقتل، حيث أكد خبراء أن النتيجة المؤكدة لسقوط الطائرة الروسية هي آثارها الاقتصادية على البلاد، بعد إعلان روسيا وعدة دول أوروبية توقف رحلاتها السياحية إلى مصر، وما يترتب على ذلك مزيد من الانخفاض في حصيلة البلاد من النقد الأجنبي، وربما تضاؤل تدفق الاستثمارات الأجنبية، ومنذ ذلك الوقت وتعاني شركات السياحة في مصر من تداعيات الحادثة الأولي، مما ألقى بظلاله على الاقتصاد المصري، وساعد على انهيار القطاع السياحي في مصر، وإغلاق أكثر من 16 فندقا متأثرين بحالة الكساد التي سيطرت على القطاع مؤخراً على إثر تلك الأزمة، بينما جاءت الحادثة الثانية لتشدد الضغوط على قطاع السياحة حيث كان من المفترض أن تعيد دول مثل روسيا وألمانيا رحلاتها لمصر في أقرب وقت ولكن بعد هذا الحادث سيحتاج الأمر إلى جهود مصرية أخرى. وفي الحادث الثاني تنصلت فرنسا بشكل واضح من المسؤولية في محاولة منها للحد من الآثار السلبية التي ستنعكس على اقتصادها جراء حادث الطائرة، حيث أعلنت الإدارة العامة للطيران المدني في فرنسا أن طائرة شركة مصر للطيران لم تتعرض لأي حوداث حينما كانت داخل المجال الجوي الفرنسي.