تحاول تركيا تحقيق حلمها بإحياء إمبراطوريتها العثمانية القديمة – لننسى دمشق وننسى الرئيس السوري بشار الأسد؛ لأن اللعبة الحقيقية تتمركز الآن في مدينة حلب الشمالية- ففي الواقع يظهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هنا بشكل وقح جدا؛ من خلال تفكيره في التدخل العسكري بسوريا، وهي خطوة محفوفة بالمخاطر؛ لاحتمالية دخول أنقرة في مسار تصادمي، ليس فقط مع دمشق، إنما روسيا وإيران. ولا يوجد داعي لذكر أن روسيا وطهران تحليا بضبط النفس، مقارنة بسياسة أنقرة تجاه سوريا؛ من أجل الاستقرار الإقليمي؛ لأن أي تحرك عسكري مباشر ضد سوريا، على الأرجح سيرسل موجات لأنحاء المنطقة بعيدا عن الدبلوماسية والهدوء. تجادل تركيا بشأن شرعية موقفها تجاه سوريا، لكن كيف ذلك وهي أحد أعضاء حلف شمال الأطلسي المعادي لسوريا، ورغم أن أردوغان يصور نفسه أنه يحارب الإرهاب ويتصدى له لحماية بلاده من خطر المتشددين والمسلحين، إلا أنه يفتح الحدود لعبور الإرهابيين إلى الأراضي السورية ويعتدي على سيادة سوريا. وفي هذه الرواية الاستثنائية، تأتي الدول للعب دورها في الحرب، وبناء الإمبراطوريات، حيث يقف أردوغان مثل القزم أمام احتياجات تركيا العسكرية والسياسية، ويهتم بالقانون الدولي في محاولة للفصل بين طوفان المهاجرين والاتحاد الأوروبي، مستغلا الأزمة. تتصرف تركيا دون ردع حتى من واشنطن، لتحقيق حلمها بشأن الإمبراطورية الجديدة، وهي عازمة على رؤية طموحاتها حتى لو على حساب انهيار دولة أخرى، وفي نفس الوقت، يحرص الرئيس التركي على علاقته مع الولاياتالمتحدة، مستخدما نغمة مكافحة الإرهاب، والمشاركة في الضربات العسكرية المتطابقة. وهناك اهتمام مفاجئ من أردوغان تجاه البشرية والحالات الإنسانية، حيث يجوب العواصم الأوروبية متحدثا عن لاجئي الحرب، ويظهر اهتمامه بأرواح الأبرياء وأرواح المدنيين، رغم أنه فقط يهتم بالسلاح. يحاول "السلطان" إرسال رسائل مختلفة لحلف شمال الأطلسي وجيرانه الأوروبيين فيما يخص "المعارض السورية" وأيضا طوفان الهجرة المتجه إلى أوروبا، وإمكانية ذهاب عناصر تنظيم داعش الإرهابي إلى أوروبا، وهنا يظهر أردوغان الانتهازي، الذي يستغل الإرهاب لتحقيق طموحاته الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط. أردوغان سيخسر طموحات الإمبراطورية العثمانية، من خلال كلاب الصيد المتطرفة التي ساعد في تدريبها وتسليحها للإطاحة برجل واحد، الذي يعد بقائه في الحكم مفتاح الخلاص لتركيا، وهو الرئيس السوري بشار الأسد. كاثرين شاكدام – جلوبال ريسيرش