بعد مضي خمسة أشهر على الخلاف السعودي الإيراني المتعلق باقتحام متظاهرين إيرانيين مبنى السفارة السعودية في طهران مطلع يناير الماضي؛ احتجاجًا على قرار المملكة الذي وُصِف بالتعسفي إعدام الشيخ السعودي نمر باقر النمر، يبدو أن المالديف استيقظت من سباتها السياسي، فأعلنت أمس قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، في خطوة رآها مراقبون مجاملة للمملكة العربية السعودية الداعم الأساسي لها. حيثيات الإعلان قالت الحكومة المالديفية إن قرارها بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران جاء بسبب قيام طهران بزعزعة الاستقرار والأمن في منطقة الخليج، وقال وزير الخارجية في بيان رسمي إن الاستقرار في منطقة الخليج يؤثر بالضرورة على الاستقرار والأمان في جزر المالديف، التي تقع في المحيط الهندي أقصى جنوب غربي شبه الجزيرة الهندية. وجاء القرار المالديفي المتأخر، بعد سلسلة من القرارات الدبلوماسية التي اتخذتها الدول الخليجية بزعامة المملكة السعودية، كالبحرين والإمارات وقطر والكويت، وبعض الدول العربية التي تتصف بالفقر، كالسودان وجزر القمر والصومال وجيبوتي، بقطع أو تخفيض علاقاتها مع إيران. علاقات المالديف مع السعودية وإيران التصعيد المالديفي مع طهران كان مفاجئًا، خاصة أن السلطات الإيرانية تعهدت يناير الماضي باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمنع تكرار الحوادث، كاقتحام السفارات مستقبلًا، بالإضافة إلى أن المالديف كانت تسعى لتطوير علاقاتها مع طهران خلال الشهر الماضي، أي بعد أربعة أشهر على الخلاف السعودي- الإيراني، فرئيس جزر المالديف عبد الله يامين كان قد تسلّم أوراق تعيين السفير الإيراني الجديد لديه في إبريل الماضي، ولم يقتصر الأمر على ذلك، حيث ناقش السفير الإيراني محمد زائري عميراني، الذي يعمل من مقرّه في العاصمة السريلانكية كولومبو، مع يامين توقيع اتفاقيات نفطية وتجارية ولعب دور إيجابي في الشرق الأوسط والدول الإسلامية. وبعد اللقاء أعرب يامين عن أمله في توطيد العلاقات بين بلده وإيران، مشيرًا إلى أن بلاده قد تبدأ في استيراد النفط من إيران، ولم تمضِ أسابيع على الكلام المالديفي الإيجابي بحق طهران، حتى تغيرت مواقفهم على النقيض، الأمر الذي يرى فيه مراقبون أن المملكة السعودية لعبت دورًا استثنائيًّا لتقويض العلاقة بين طهران وماليه عاصمة المالديف، خاصة أن المملكة السعودية تعهدت مؤخرًا بتقديم 50 مليون دولار معونة لجزر المالديف، تخصص لبناء مشروع سكني، يتم تنفيذه عبر الجيش المالديفي، كما ترغب الحكومة المالديفية في الحصول على معونة أخرى من الرياض تبلغ 100 مليون دولار لتوسيع المطار الدولي الرئيسي. وفي إبريل الماضي فتحت السعودية أبواب الاستثمار أمام المالديف؛ للبحث عن فرص الاستثمار في المملكة، حيث دعت رجال الأعمال المالديفيين لتصدير المنتجات المحلية للمملكة والمشاركة في معرض التجارة الإسلامي المقرر في الشهر الجاري. وكانت المملكة العربية السعودية قد وقعت مع جمهورية المالديف، في مارس الماضي، اتفاقية ثنائية للخدمات الجوية بين البلدين، ستستقبل بموجبها المملكة في مطاراتها الدولية الرحلات القادمة من المالديف، فيما سيبلغ عدد الرحلات التي يمكن تشغيلها بين البلدين 14 رحلة منتظمة أسبوعيًّا للركاب، دون قيود على طراز الطائرات أو السعة المقعدية، بالإضافة إلى 14 رحلة منتظمة أسبوعيًّا للشحن الجوي. وفي فبراير الماضي قالت صحيفة هافيرو المالديفية في تقرير لها: إن السعودية تعهدت بزيادة مساعدتها للمالديف؛ في وقت تبرع فيه رئيس مجلس الشورى السعودي الشيخ عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ ب 100 ألف دولار للجامعة الإسلامية في المالديف. وأضافت الصحيفة أن المالديف ستحصل على مزيد من المساعدة في المستقبل في الأمور الدينية، ولصالح القطاع التعليمي، خاصة أن هناك تعاونًا علميًّا بين المملكة والمالديف، يتمثل في إيفاد عدد من المعلمين السعوديين للمالديف؛ للتدريس في مدارس التعليم العام. وفي العام الماضي كشفت صحيفة مالديف فانيست أن أميرًا سعوديًّا وصفته ب "المهم" أقام مؤخرًا حفلة خاصة، تكلفت ثمانية ملايين دولار، أحياها نجوم عالميون في إحدى جزر المالديف، ورجح كثير من النشطاء أن يكون هذا الأمير هو وزير الدفاع ولي ولي العهد محمد بن سلمان؛ نظرًا إلى وجوده في جزر المالديف للسياحة لقضاء شهر العسل مع زوجته الثانية. وكانت الصحيفة البريطانية دايلي ميل قد أفادت عام 2014 أن ولي العهد السعودي آنذاك، والذي أصبح الملك الحالي للسعودية سلمان بن عبد العزيز، كان قد دفع مبلغ 30 مليون دولار أمريكي لحجز 3 جزر في المالديف.