فعاليات معرض فلسطين الدولي للكتاب 2016 التي بدأت في السابع من شهر أيار الجاري، ما زالت تأخذ حيزاً واسعاً من مشاركة النشطاء والفاعلين في مجال الثقافة والأدب، وبتواجد عربي ودولي في أنشطة المعرض المختلفة، حيث يستمر المعرض حتى السابع عشر من الشهر نفسه. وحول اختيار تاريخ السابع من مايو لإقامة الدورة العاشرة من معرض الكتاب، قال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله في افتتاح المعرض أنَّ التاريخ يوافق ذكرى مولد الشاعر الفلسطيني الراحل توفيق زيَّاد، وأضاف: "اليوم لدينا إنجاز فلسطيني وصورة لقدرة شعبنا على صناعة الأمل في ظل التحديات والظروف، وهناك التفاف دولي حول حق الشعب الفلسطيني في العيش بكرامة وحرية على أرضه". هذا وتشارك في المعرض 400 دار نشر تعرض إصداراتها التي تصل إلى نصف مليون كتاب حسب تقديرات وزارة الثقافة الفلسطينية، والتي تتنوع بين الأدب والأديان والتاريخ والعلوم. من جهته أوضح وزير الثقافة إيهاب بسيسو بأن "معرض الكتاب يأتي انطلاقًا من الإيمان بأنَّ الثقافة لا يمكن محاصرتها بالحواجز والفواصل الأسمنتية، وأنَّ الإبداع له أفكار مجنحة لا يمكن اختصارها بفضاءات ضيقة، وأن الكتاب هو امتداد لمسيرة التحرر والنضال من أجل الكلمة القادرة على حماية وجودها وجدارها ومستقبلها". وتابع بسيسو: "نحن في فلسطين نرفع قاماتنا نحو الشمس من خلال شعار معرض الكتاب لهذا العام فلسطين تقرأ، لنجسد من خلاله رسالة شعبنا في الصمود والإبداع، وفي مزيج يجمع أصواتنا على امتداد الجغرافيا، ويجمع حبر المطابع من كل مكان يتواجد فيه الفلسطيني بروحه وإرادته وإبداعه وإصراره على الأمل". مشاركة عربية تجولنا في زوايا معرض الكتاب المتعددة، وفي لقاء مع أسامة شتات من دار الكتب القانونية – مصر، أفاد شتات للبديل: "المعرض هذه السنة رائع ومنظم وهناك إقبال كبير وضيوف من كل أنحاء فلسطين والعالم العربي، ونحن نشارك في المعرض من دورته الأولى وحتى الآن، ومن الضرورة أن يكون هناك مشاركة من دول العالم العربي كمساهمة في فك الحصار الثقافي عن فلسطين، وهناك من يعتذر عن المشاركة بحجة أنه لا يقبل الدخول إلى رام الله حتى لا يأخذ تأشيرة من "إسرائيل"، وهذا أمر غير مقنع لأنه بذلك لن يكون لديه اطلاع على فلسطين وما تقوم به من إنتاج ثقافي". أحمد قنيطة منسق مشاريع في مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، قال: "نحن مشاركون في جانب كتب الأطفال التي يفتقر لها المعرض والمكتبات إجمالاً، والمشاركون من الخارج أعدادهم قليلة لأنَّ معظمهم قادم بتنسيق وعلى نفقة مؤسسته ويحتاج إلى تنسيق مع وزارة الثقافة الفلسطينية". مضيفاً: "هناك مشكلة في أنَّ المعرض يوافق فترة الاختبارات المدرسية ما يقلل من الإقبال على كتب الأطفال في زاوية فضاء الطفل، إلا أنَّ الحدث إجمالاً جيد وجميل". سامي الذيبي شاعر تونسي أشار للبديل: "مشاركتنا في معرض الكتاب في فلسطين هو شرف كبير لنا حيث تمتزج الثقافات ويمتزج النص الابداعي بالأرض وبكل من مروا من هنا، حضرت أنا والشاعر يوسف رزوقة والإعلامية وداد محمد من تونس كممثلين لتونس. أنا ادخل فلسطين لأول مرة ولم أشعر بهذه السعادة مطلقاً ولا شيء أفضل من زيارة فلسطين". وتابع الذيبي: "المعرض رائع على الرغم من أنَّ فلسطين ما زالت تقع تحت الاحتلال؛ إلا أنَّ دور نشر عريقة موجودة هنا وحراك الأدب والثقافة وجهد وزارة الثقافة واضح ويستحق التقدير". من جهته قال الأديب الأردني نائل عدوان: "الجميل في المعرض أنه رغم الحصار على أهل فلسطين ولكن المعرض ينجح ويُدعى له كبار الكتاب، وروح أهل فلسطين ذاتها وحفاوة الاستقبال جعلتنا نشعر بالسعادة، وشعار المعرض (فلسطين تقرأ) أعتبره شعاراً ناجحاً، إضافة إلى الجهد المبذول من وزير الثقافة الفلسطيني الدكتور إيهاب بسيسو. سعيد لتواجدي بين أهلي في فلسطين وهذه تظاهرة فلسطينية ثقافية كبيرة". وتابع عدوان: "دوري كأديب أردني هو نقل ما في جعبتي من محبة وتجربة إلى الجانب الآخر من الوطن، لأن فلسطين تستحق، وأهلها يستحقون كل تقدير". غزة في معرض الكتاب وحيث يشارك في المعرض 18 أديباً فلسطينياً من قطاع غزة في إطار توحيد الجهد الثقافي الوطني وتعزيز تبادل المعرفة والتجربة، ما قد يسهم في رأب الصدع الفلسطيني السياسي والاجتماعي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ويسهم في تطوير دور المثقف في حماية المشهد الثقافي الفلسطيني وتأصيله. وفي هذا الإطار، يقول الكاتب الساخر أكرم الصوراني من غزة في مقابلة مع طاقم البديل في رام الله: "للمرة الأولى نشارك في معرض فلسطين الدولي للكتاب، والذي أتاح الفرصة لعدد من الكتاب الفلسطينيين الذين يقيمون في غزة للإدلاء بتجربتهم ونقلها إلى العالم من خلال الفعاليات التي يتم تنظيمها على هامش معرض الكتاب والتي تبرز إبداعاً تنتجه غزة وترسمه على ملامح كتابها ومثقفيها". وأضاف الصوراني: "مشاركة غزة في هذا المشهد هي شيء رائع خاصة في ظل وجود الانقسام الفسلطيني الفلسطيني ومن الضرورة أن تكون الثقافة جسراً لشقي الوطن الذي كان وما يزال الانقسام يحول دون وجود تواصل حقيقي لعقد فعاليات على هامش المعرض في قطاع غزة ووجود حكومتين، ومن المفترض أن تكون غزة شأنها شأن أي محافظة أخرى موجودة ومشاركة في المعرض وفي الفعاليات وذلك من خلال وجود فعاليات متزامنة مع فعاليات معرض فلسطين الدولي للكتاب في القطاع". وتابع الصوراني: "مشاركة الكتاب العرب وأي مشاركة محلية أو دولية مهمة ووجودك كمثقف عربي تعزز هوية هذه الأرض العربية الفلسطينية وتواجدهم على أرض فلسطين هو إنضاج لحالة الوعي على طريق إصلاح الوضع العربي وأن نكون كعرب متواصلين، خاصة وأن الجميع يتغنى بالقضية الفلسطينية وبحاجة إلى ترجمة هذا الانتماء على أرض الواقع. التواجد ماديًّا أو معنويًّا أو ثقافيًّا في فلسطين هو أمر غاية في الأهمية ويسهم في زيادة الانتماء للقضية الفلسطينية العربية". ما تزال فلسطين تبذل مجهوداً واسعاً في حقل الثقافة والعلوم وتحاول أن تبرز معالم العلم والأدب التي يصنعها أبناؤها ويؤصلونها بنتاجهم الثقافي والمعرفي المتنوع، ليثبتوا للعالم أنَّ قضيتهم ترتبط بكل الحقول التي تستحق أن يُسلَّط عليها الضوء وأن تكون جزءً هاماً من حياة الناس ويومياتهم، سيما وأنه لا يمكن فصل المثقف بثقافته ومعرفته عن هدف التحرير والحرية الذي يحتاج إيماناً من شأنه أن يبني العقول.. ويحرر الأوطان. صور: