تبادلت المعارضة الصهيونية الاتهامات ضد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووصفته بالمنافق، على خلفية انتقاد الأخير تصريحات نائب رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال يائير جولان، التي أطلقها خلال خطاب له قال فيه: إنه «يرى في إسرائيل اليوم عمليات شبيهة بتلك التي حدثت في أوروبا قبل المحرقة». تصريحات جولان عكس خطاب جولان الانتهاكات اللا أخلاقية التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، فجاء كلام جولان الذي وصف بغير المألوف كقائد عسكري صهيوني، محذرًا من الاتجاهات المجتمعية المتزايدة المتمثلة بالقسوة واللامبالاة تجاه من هم خارج التيار السائد في المجتمع الإسرائيلي، ودعا إلى إمعان النظر حول كيفية تعامل المجتمع مع المحرومين والآخر فيه، وأضاف أن المحرقة ينبغي أن تدفع الإسرائيليين إلى تفكير عميق ليس بطبع الإنسان فقط، بل بطبعهم أيضًا. النقطة الأكثر حساسية التي أشعلت الصراع في الداخل الصهيوني، جاءت عندما قال جولان «إذا كان هناك شيء يخيفني في ذكرى المحرقة، فهو بالتأكيد العمليات المروعة التي حدثت في أوروبا، قبل 90 عامًا وإيجاد دليل على وجودها هنا بيننا اليوم في 2016. الأمر الذي رفضته شرائح إسرائيلية كثيرة، بينها شخصيات رسمية وحزبية ومدنية، واعتبروا أن عملية المقارنة التي قام بها جولان بين الكيان الصهيوني وربطها بالنازية، تنقص من قيمة المحرقة وبسمعة جيش الاحتلال الصهيوني، خاصة عندما تطرق جولان إلى مسألة العيوب الأخلاقية داخل جيش الاحتلال قائلًا: «نؤمن حقًّا بعدالة طريقنا، لكن ليس كل ما نفعله هو عادل» وأضاف: «إن قوة الجيش الإسرائيلي كانت قدرته على إجراء تحقيق شامل ومعاقبة المخطئين، وتحمل مسؤولية الجيد والسيئ، من دون تبرير أفعالهم أو محاولة تغطيتها». تصريحات جولان جاءت في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الفلسطيني من انتهاكات ضد الإنسانية، تقوم بها سلطات الكيان الصهيوني، وتحمل في طياتها ما هو أبشع من المظاهر النازيّة في السلوك الصهيوني على المستويين الاجتماعي والعسكري، ابتداءً من الدعوات العنصريّة للفصل في المستشفيات والقتل على الهويّة، الذي تمارسه عصابات استيطانيّة، كما حدث مع الشهيد محمد أبو خضير أو القتل الجماعي، كما حدث مع حرق عائلة الدوابشة، والقائمة مازال فيه الكثير، وعسكريًّا مازال مشهد الجندي الصهيوني الذي أطلق النار على رأس جريح فلسطيني أعزل في الخليل في مارس الماضي، جاثمًا في ذاكرة كل من رآه. وعلى الرغم أن تصريحات جولان التي تراجع عنها فيما بعد عبر بيان صدر عنه الخميس الماضي، لاقت من يؤيدها في الداخل الإسرائيلي، كزعيم المعارضة يتسحاق هرتسوج، إلَّا أنها تعرضت لانتقادات حادة من كتل سياسية أخرى، من بينها وزير التربية والتعليم ورئيس حزب «البيت اليهودي» نفتالي بينيت، حيث دعا جولان إلى التراجع فورًا عن أقواله، وقال: «نائب رئيس هيئة الأركان أخطأ وعليه تصحيح ذلك على الفور». عضو الكنيست من «البيت اليهودي» بتسلئيل سموتريتش انتقد أيضًا خطاب جولان، وقال: «ما يخيفني هو المقارنات السخيفة والمضطربة التي تفسد ذكرى المحرقة، خاصة عندما تأتي من شخصيات مهمة مثل نائب رئيس هيئة الأركان العامة». نتنياهو ينتقد جولان ويعالون يدافع انتقادات جولان ومقارنته إسرائيل بالنازية، نزلت كوقع الصدمة على الجمهور الصهيوني الذي يعتبر نفسه فوق الانتقاد، فهم على يقين بأنهم شعب الله المختار، ويعتبرون أنفسهم في موقع الضحية الأمر، الذي يبرر كل ممارساتهم الوحشية ضد الشعب الفلسطيني، لذلك فإنَّ الغضب أصاب قادة اليمين عند مقارنة أفعال بعضهم بأفعال النازيين. الأمر الذي دفع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى توجيه توبيخ علني لجولان؛ بسبب تصريحاته التي شبّه فيها الأجواء داخل الكيان الصهيوني حاليًا بتلك في ألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية، ووصفها بأنها «شائنة»، و«لا أساس لها»، و«ابتذلت الهولوكوست»، وسببت ضررًا لإسرائيل، وأضاف: «نائب قائد الجيش له العديد من الحقوق، لكن تصريحاته بشأن هذا الموضوع خاطئة تمامًا، وأنا لا أقبلها». وما إن أنهى نتنياهو في مستهلّ جلسة حكومته الأسبوعيّة إدانته لجولان، حتّى طالبت وزيرة الثقافة، ميري ريجف، بإقالته. وقالت: «لا يجوز أن يكون نائب رئيس الأركان جزءًا من حملة نزع الشرعيّة عن إسرائيل، وأن يُلقي في خطاب رسمي كلامًا يضرّ بإسرائيل وصورتها ومنعتها، مهمّة نائب رئيس الأركان الاهتمام بجاهزية الجيش وإعداده للحرب، وليس بترديد أقوال كاذبة وتشبيه مواطني الدولة بالنازيين. لقد تخطّى كل حدّ وعليه الاستقالة». وكان وزير الدفاع موشيه يعلون قد دافع عن جولان، وقال: إنه «يحوز ثقته التامة»، لكن البعض طالبوا بإعفاء الأخير من منصبه. المعارضة تصف نتنياهو ب«المنافق» هاجم سياسيون من المعارضة الإسرائيلية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الأحد الماضي، متهمين إياه بالنفاق لانتقاده الجنرال جولان، لانتقاصه لذكرى المحرقة خلال خطابه في يوم ذكرى المحرقة، المعارضة الصهيونية لنتنياهو لم تأتِ في سياق قبولها بالمقارنة بين إسرائيل والنازية، بل جاءت في إطار أن نتنياهو يصادر حرية التعبير لجولان، حيث قال يتسحاق هرتسوج: «إن محاولة نتنياهو تهديد وإسكات ضباط الجيش الإسرائيلي هو أمر خطير وغير مسبوق». دافع آخرون عن تصريحات جولان لاستثمارها في تصفية حسابات سياسية، فاتهموا نتنياهو بالعمل لحساب اليمين من خلال شجبه لجولان، وقالت تسيبي ليفني، عضو الكنيست: «لو عمل نتنياهو في الساحة العامة من أجل منع ظاهرة العنصرية والتطرف، بدلًا من مهاجمة نائب رئيس هيئة الأركان العامة، فما كنا بحاجة إلى ضباط كبار، الذين أفخر بشجاعتهم، لملء هذا الفراغ في القيادة».