تنطلق محادثات جنيف الخاصة بالأزمة السورية، وسط العديد من التطورات التي تشهدها خلال الأيام الأخيرة، بدءًا من تقدم الجيش السوري على عدة محاور أهمها حلب، مرورًا بالتوافق الأمريكي الروسي حول الحل السياسي وليس العسكري للأزمة، وصولًا إلى دخول الهدنة في سوريا أسبوعها السابع، كما تفرض الانتخابات البرلمانية هي الأخرى في سوريا واقعًا سيلقي بظلاله على المشهد التفاوضي بجنيف. ومع تواصل الجهود الدبلوماسية الدولية لتقريب وجهتي نظر الحكومة والمعارضة السورية، يتواصل أيضًا التجاذب الدولي حول الأزمة، وتبقى نقاط الخلاف كما هي، بدءًا من مصير الرئيس السوري بشار الأسد مرورًا بعملية الانتقال السياسي، انتهاء بالجماعات الإرهابية وتحديدها. خلافات داخل المعارضة في الوقت ذاته تبرز الخلافات داخل المعارضة السورية، حيث تظهر على السطح الكثير من الكيانات التي ترتبط أسماؤها بوفد المعارضة في جنيف، من وفد ما يعرف بالهيئة العليا للمفاوضات المرتبط بمؤتمر الرياض، مرورًا بوفد موسكو وصولًا إلى وفد القاهرة. ويصر وفد الهيئة العليا للمفاوضات على كونه الطرف الوحيد المفاوض عن الشعب السوري، بينما تحاول مجموعة «معارضة موسكو» تقديم نفسها في جنيف على أنها طرف ممثل للشعب السوري، في حين يؤكد أعضاء وفد «مؤتمر القاهرة» أنهم لم يأتوا إلى جنيف لمنافسة أحد بل ل«التأثير إيجابيًّا» في مسار جنيف. ولم يكن تعدد مفاوضي المعارضة المشكلة الأولى للمعارضة في جنيف، ففي الوقت ذاته يزداد الخلاف حول مشاركة الأكراد في هذه المفاوضات، مع معارضة تركيا لمثل هذه المشاركة، يأتي ذلك في ظل توقيع تنظيمات سياسية كردية، شمال سوريا، على بيان يوضح موقف الأكراد الرافض لإقصائهم من محادثات جنيف، إضافة إلى عدم التفاؤل بشأن إنهاء الأزمة السورية، مؤكدين عدم الالتزام بأي قرارات تسفر عنها مفاوضات جنيف، ليتساءل كثيرون عن جدوى هذه الجولة الجديدة من المفاوضات في ظل هذا الخلاف، وفي وقت لم تستطع الأطراف التوصل إلى أرضية مشتركة للتفاوض عليها. دي مستورا والتفاهمات الأمريكية الروسية ووفقًا لدي مستورا، ستركز الجولة الحالية على موضوعات الانتقال السياسي والتشكيل الحكومي والدستور، خاصة بعد تقارب دولي حول سبل حل الأزمة، أكده التوافق الروسي الأمريكي بشأن حل سياسي وليس عسكريًّا للأزمة. وكان التوصل إلى هدنة لوقف إطلاق النار بين الحكومة السورية وفصائل المعارضة المسلحة النقطة الأولى في التفاهم الروسي الأمريكي، الذي مهد لاستكمال مفاوضات جنيف، وجاءت هذه الخطوة ضمن سلسلة من التوافقات السياسية بين الجانبين، ومنها اتفاق الولاياتالمتحدة وروسيا على تحديد موعد زمني لكتابة الأطراف المتحاربة في سوريا مسودة دستور جديد للبلاد، حيث تم تحديده في أغسطس المقبل، بحسب وزير الخارجية الأمريكي، الذي قال في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الروسي، الشهر قبل الماضي: اتفقنا على جدول زمني لتأسيس إطار عمل للانتقال السياسي، فضلًا عن مسودة دستور، ونهدف إلى أن ينجز كلاهما بحلول أغسطس. تقدمات حلب وتلقي الانتخابات البرلمانية في سوريا بظلالها على المفاوضات السورية بجنيف، حيث يعتبرها المؤيدون للنظام السوري ورقه مهمة، بالتوازي مع بداية الجولة الثانية من المفاوضات. وثمة أمور أخرى تعتبرها الحكومة السورية خطًّا أحمر، وهي محاربة المتمردين، والأخرى المتعلقة ببحث مصير الأسد، فمن ناحية يتقدم الجيش السوري على الأرض في حلب، من ناحية أخري، رفض وزير الإعلام السوري عمران الزعبي التحدث عن مصير الرئيس السوري بشار الأسد، وأكد أن الأمر ليس مطروحًا للنقاش في جنيف أو في أي مكان آخر، ولن يصبح موضوع مفاوضات بين الحكومة والمعارضة. وقال بشار الجعفري، رئيس وفد الحكومة السورية: إن الوفد عقد فور وصوله إلى جنيف الجمعة، جلسة مباحثات «بناءة ومفيدة» مع المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، وأضاف الجعفري أنه تمت مناقشة الورقة التي قدمها دي ميستورا حول المبادئ السياسية للحل السياسي في سوريا، مشيرًا إلى أنه «نقل إلى دي ميستورا التعديلات السورية على ورقته».