تضمنت زيارة وزير الخارجية الأمريكية جون كيري للعراق، الجمعة، الكثير من الرسائل، فتوقيت الزيارة، التي استمرت ليوم واحد، يتزامن مع الذكرى السنوية لاحتلال العراق عام 2003، وكما يبدو أن وصوله إلى بغداد لا يعدو عن فكرة التذكير بهذا الاحتلال، حيث أعلن وزير الخارجية الأمريكي في بغداد، أنه سيؤكد الدعم القوي للحكومة العراقية، فيما يتعلق بالأمن والاقتصاد والتحديات السياسية، مما يظهر أن الولاياتالمتحدةالأمريكية مازالت تعتبر نفسها صاحبة الأمر والنهي في العراق، حيث أبلغ كيري مسؤولين عراقيين خلال الزيارة أن واشنطن لا توافق حاليًا على سحب الثقة من رئيس الوزراء حيدر العبادي، مؤكدًا أن الأمر ليس شأنًا عراقيًّا فقط. وأوضح كيري أن عدم موافقة واشنطن على سحب الثقة من العبادي تستند إلى سببين، أولهما أن تغيير العبادي قد يؤثر سلبًا على جهود التحالف الدولي في الحرب على داعش، والثاني يتمثل في أن تغيير العبادي سيربك الجهود الدولية الساعية إلى مساعدة العراق اقتصاديًّا. الزيارة التي لم يتم الإعلان عنها، تعد الأولى لكيري إلى العراق منذ عام 2014، وهي السنة التي سيطرت فيها داعش على العراق، حيث أكد كيري أن استعادة مدينة الموصل من داعش «تأتي على رأس لائحة الأولويات»، وأشار كيري إلى أن العبادي لم يطلب من واشنطن قوات عسكرية إضافية، وقال كيري: إنه أبلغ رئيس الوزراء العراقي بأهمية تحقيق استقرار سياسي في البلاد، حتى لا تتأثر العمليات العسكرية. أمريكا والقمة الخليجية لا يمكن فصل زيارة كيري عن القمة الخليجية المرتقبة التي ستحضرها الولاياتالمتحدة، ففي اجتماعات وصفت ب«البناءة والمثمرة»، أنهى وزراء خارجية الخليج ونظيره الأمريكي في المنامة 7 أبريل الاجتماع التحضيري للقمة الخليجية الأمريكية، التي ستستضيفها العاصمة الرياض خلال أيام، ويشارك فيها باراك أوباما، حيث أكدت واشنطن أن الرئيس الأمريكي، سيعتذر عن طلب أي مساعدات للعراق في القمة الخليجية، إذا لم تهدأ الأوضاع السياسية في العراق بأقرب وقت ممكن. الاجتماعات السريعة التي عقدها وزير الخارجية الأمريكي لدى زيارته بغداد، التقى فيها ورئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، ورئيس الوزراء حيدر العبادي، ووزير الخارجية ابراهيم الجعفري، وأكد خلالها أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تتابع الوضع بصورة دقيقة في العراق، وفي الميدان قبل السياسة، وأن السياسة لها أولويات، فالموقف الأمريكي فيما يتعلق بالتغيير الوزاري يتوزع باتجاه دعم العبادي بشكل أوسع، مع إعادة تشكيلته الوزارية إلى 22 حقيبة، وألَّا تهّمش أطراف في حسابات إلغاء المحاصصة والذهاب الى تكنوقراط حكومي. أولويات واشنطن في العراق هناك مجموعة من الأولويات للولايات المتحدةالأمريكية في العراق، منها أولوية ميدانية لسد الموصل، وضمان عدم انهياره، لتحرير مركز الموصل نينوي، وأن يكون هناك تسريع لعمليات برية عراقية للجيش، أما الأولوية الثانية سياسية، وتكمن في مشاركة العرب السُنة في السلطات والأولوية الثالثة للأكراد. أوليات واشنطن أبلغها كيري لمسؤولين عراقيين، وألمح لهم بضرورة اعتماد وجهة نظره، ورغم أن زيارة كيري تأتي في الأشهر القليلة المتبقية للديمقراطيين في الرئاسة الأمريكية، إلَّا أن كيري ألمح إلى أن المؤشر يتجه نحو فوز كلينتون، وأن الجمهوريين رغم تقدم دونالد ترامب ربما لا يقبلون به وسيدفعون بتيد كروز. ترتيب الأولويات الأمريكية في العراق ينسف تصريحات كيري التي قال فيها: إن بلاده لا تلعب أي دور في التغيير الوزاري، وليست وسيطة بين الشركاء السياسيين العراقيين، معتبرًا أن التعديل الوزاري مسألة عراقية داخلية.