توافقات سياسية حول سوريا بين روسياوالولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث أفضى لقاء جرى الخميس بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين،ووزير الخارجية الأمريكية جون كيري في موسكو، استمر نحو أربع ساعات، إلى إفراز مجموعة من القرارات المتعلقة بالشأن السوري على المستويين الداخلي والخارجي، لرسم خارطة طريق مفاوضات جنيف، كما حضر الاجتماع كلًا من مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف، وسيرجي لافروف وزير الخارجية الروسية، والسفير الأمريكي في موسكو جون تيفت. موسكو وواشنطن والتوافقات السياسية الجديدة يبدو أن التوصل إلى هدنة لوقف إطلاق النار بين الحكومة السورية وفصائل المعارضة المسلحة التي مهدت لاستكمال مفاوضات جنيف وانتهت في 24 مارس، كانت الخطوة الأولى بين موسكو وواشنطن ضمن سلسلة من التوافقات السياسية بينهما، فبالأمس اتفقت الولاياتالمتحدةوروسيا على تحديد موعد زمني لقيام الأطراف المتحاربة في سوريا بكتابة مسودة دستور جديد للبلاد، حيث تم تحديده في شهر أغسطس، بحسب وزير الخارجية الأمريكي، الذي قال في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الروسي: اتفقنا على جدول زمني لتأسيس إطار عمل للانتقال السياسي فضلًا عن مسودة دستور، ونهدف إلى أن ينجز كلاهما بحلول أغسطس. ماذا يعني تحديد سقف زمني للدستور الطرح الروسي الأمريكي بضرورة إعداد مسودة دستور سوري بحلول أغسطس 2016، يحدد بشكل كبير مفاوضات جنيف بين الأطراف السورية، في ظل القرار الأممي 2254 الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي بإجماع أعضائه الخمسة عشر في نيويورك 18 ديسمبر الماضي، فوفق البند الرابع منه يجب إقامة انتخابات سورية تحت إشراف أممي، لم تتحدد طبيعتها سواء كانت برلمانية أو رئاسية، بعد 18 شهرًا من كتابة الدستور الجديد، وهذا يعني أنه في حال تم التوافق على الدستور الجديد، فإن الانتخابات السورية يجب أن تتم في مارس 2018. كما اتفقت الولاياتالمتحدةوروسيا على دعم مفاوضات مباشرة بين الحكومة والمعارضة السوريتين في جنيف، من أجل بحث انتقال سياسي يضع حدا لخمسة أعوام من الحرب. تبعات القرار قررت روسيا وأمريكا التوصل إلى حسومات سياسية سريعة من دون الالتفات إلى نتائج مفاوضات جنيف، والتي انتهت الخميس من دون التوصل إلى توافقات هامة مثل التي حدثت بين بوتين وكيري بموسكو، حيث اعتبر مراقبون، أن ما تم إحرازه في مفاوضات جنيف حول سوريا ليس إلا خطوة صغيرة جدًا، رغم أهميتها، وأنه لا بأس بالنتائج التي تحققت حتى الآن، وهنا تبدو الخطوات الروسية الأمريكية قد سبقت مفاوضات جنيف السورية بأشواط كبيرة، خاصةً أن جنيف وبعد جولتين لم تثمر عن حلول سياسية ممكنة. الخطوات الروسية الأمريكية السريعة لرسم خارطة طريق لسوريا تشمل العديد من الثغرات عندما تدخل حيز التنفيذ، فبالرغم من أن البند الرابع المتضمن في القرار الأممي 2254 المتوافق عليه، إلا أن الأطراف السورية فسرت هذا البند وفقُا لرؤيتها. فالوفد الذي يمثل الحكومة السورية يرى أن البند 4 يطالب بإقامة حكم ذي مصداقية أي حكومة وحدة وطنية تشمل الجميع، من دون الإشارة إلى الرئاسة أي أن الحكومة المستقبلية ستشكّل وتقدّم اليمين الدستوري كحال باقي الحكومات السابقة أمام الرئيس السوري بشار الأسد. بينما تعتبر المعارضة السورية، أن البند 4 جاء مستندًا لما سبقه أي عبارة "حكما ذا مصداقية" تعني هيئة حكم انتقالية، فلا يمكن أن يتحدث القرار عن جسمين سياسيين هيئة حكم وحكومة، فالمعارضة تجزم أن المقصود هو هيئة الحكم الانتقالية كاملة الصلاحيات أي يصبح الرئيس الأسد دون أي سلطات ما إن يتم تشكيل الهيئة. التفاهمات الروسية الأمريكية ستلقي بظلالها على المفاوضات المقبلة التي حدد موعدها المبعوث الأممي إلى سوريا ستافان دي ميستورا، وقال إن لديه نية لإعادة إطلاق محادثات جنيف بشأن حلّ الأزمة السورية في التاسع من إبريل المقبل، رغم طلب دمشق تأجيلها حتى إنجاز الانتخابات التشريعية المقررة في الثالث عشر من الشهر ذاته. فالورقة التي لخصت محادثات جنيف، لم يرفضها أي طرف، لم تشر من بعيد ولا من قريب إلى توافق سوري لتحديد موعد لإعداد دستور جديد، حيث اقتصرت الورقة على مفاهيم عامة كإصلاح مؤسسات الدولة وفق المعايير الدولية، ورفض الإرهاب رفضا قاطعا مهما كان مصدره منظمات أو أفراد، وإعادة بناء الجيش السوري وتفقّد قواعده الوطنية مع إدراج المجموعات المسلحة فيه، وتأمين الظروف الملائمة للاجئين لإعادتهم إلى ديارهم، ورعاية وإنصاف كل من تضرر من الحرب السورية، مع التأكيد على سيادة سوريا غير المنقوصة على جميع الأراضي السورية، ورفض أي تدخل خارجي بالشؤون الداخلية للبلد، واعتبار نظام سوريا يقوم على أساس دولة ديموقراطية غير طائفية، والمحافظة على حقوق النساء في التمثيل العادل ووفق المعايير الدولية (30%)، وتطبيق قرار مجلس الأمن 2254 عام 2015 بما يشمل الانتقال السياسي للسلطة. كما تنص في بنديها الأخيرين على تأمين بيئة استقرار خلال الفترة الانتقالية بما يضمن تكافؤ الفرص، وعدم التسامح بالأعمال الانتقامية من أي طرف كان، ويرى مراقبون أن تبعات القرار الروسي الأمريكي ستظهر على المفاوضات المقبلة، خاصةً بعد تحديد ملامح سياسية واضحة كإعداد دستور جديد لسوريا.