سبقت المرشحة الديمقراطية المحتملة هيلاري كلينتون منافسيها الجمهوريين، الاثنين، في التحدث أمام جمهور لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية «إيباك»، وهي جماعة ضغط بارزة مؤيدة لإسرائيل، حيث لحق بها في المساء دونالد ترامب، وتيد كروز، وجون كاسيك، أما منافسها الديموقراطي بيرني ساندرز، فقد اعتذر عن المجيء إلى واشنطن بسبب جدوله الانتخابي. وفي تغيير من جانبها هذا العام، وعلى غير عادتها، لم تسمح إيباك للمرشحين الرئاسيين بالتحدث إليها عبر الأقمار الصناعية. ووصل عدد الجمهور في مؤتمر الإيباك، إلى رقم قياسي من المشاركين حيث بلغ حوالي 18 ألف مشارك. تسليط الضوء على تصريحات كلينتون وترامب نابع من كونهما المرشحين الرئاسيين المحتملين وبقوة، عن الحزب الديمقراطي والجمهوري للاستمرار في السباق الرئاسي في أمريكا. موقف كلينتون من القضية الفلسطينية هاجمت كلينتون منافسها الجمهوري ترامب لتعهده البقاء «حياديًّا» في مسألة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، متهمة إياه بعدم الالتزام لإسرائيل، ووصفت وزيرة الخارجية السابقة ترامب كشخص «لا يمكن أن يكون رئيسنا المقبل». وأدانت كلينتون موجة الهجمات الجارية في إسرائيل، وانتقدت القادة الفلسطينيين ل«التحريض على العنف، ودعتهم للتوقف عن تكريم الإرهابيين كشهداء ووقف دفع المكافآت المالية لعائلاتهم» على حد وصفها، وقالت: إن هناك عقبات أدت إلى شعور العديد من الإسرائيليين بأن الفلسطينيين ليسوا شركاء للسلام، إلَّا أنها أضافت أنها لن تتخلى عن الأمل بالتوصل إلى حل متفاوض عليه للنزاع بين الطرفين ينتح بحل دولتين، الذي قالت «إنه ضروري لمستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية»، وعارضت كلينتون بشدة أي محاولة من مؤسسات دولية ل«فرض حلول»، ومن ضمنها الأممالمتحدة، وأكدت أنها ستسعى كرئيسة للمفاوضات المباشرة. وانتقدت كلينتون بشدة حركة المقاطعة، سحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل، ودعت لتصدي لجميع المحاولات لعزل وتقويض إسرائيل. وحتى الآن تعتبر واشنطن تل أبيب عاصمة لإسرائيل مثل باقي المجتمع الدولي، وترفض إضفاء أي وضع دبلوماسي أو سياسي على القدس التي تشكل أحد أخطر ملفات السياسة الدولية منذ نحو 70 عامًا. ماذا عن ترامب؟ أعلن ترامب الاثنين أنه في حال انتخب رئيسًا للولايات المتحدة، فإنه سيعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل وسينقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. وأكد ترامب «لا أحد قريب من إسرائيل مثلي، علينا حماية اسرائيل» داعيًا مثل ما هو شأن الإدارات الامريكية المتعاقبة إلى «اتفاق بين الاسرائيليين والفلسطينيين» باتجاه حل الدولتين. وقال ترامب الذي ذكّر الحضور بأن ابنته أفانكا اعتنقت الدين اليهودي وستلد قريبًا «ابنًا يهوديًّا» أن «على الفلسطينيين أن يأتوا إلى الطاولة وهم يعرفون أن العلاقة بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل غير قابلة للكسر». وعلى الرغم من أن ترامب لم يذكر كلمة «الحياد» في خطابه هذا، إلَّا أن منافسه عن الحزب الجمهوري تيد كروز وفي كلمته أمام المؤتمر ذاته، أكد أنه لن يكون محايدًا، بل سيقف إلى جانب إسرائيل، في إشارة لمنافسه ترامب الذي كان قد صرح من قبل خلال إحدى مناظراته الانتخابية، بأنه سيبقى محايدًا بين الطرفين وبأنه سيعمل على إبرام اتفاق سلام، معتبرًا ذلك أولوية له. الملف النووي الإيراني عند كلينتون أكدت كلينتون على موقفها بالنسبة لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية على أنه موقف «عدم ثقة»، وحاولت الطرح أمام إيباك، بأنها ستراقب نوايا النظام الإيراني للهيمنة على الشرق الأوسط عن كثب. وأضافت كلينتون أنه تحت إدارتها، ستتم محاسبة النظام الإيراني على أي مخالفة للاتفاق النووي وفي حال الضرورة، سترد الولاياتالمتحدة عسكريًّا على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في حال عملها على تطوير برنامج نووي، وتابعت أنه يجب الرد على تجارب الصواريخ البالستية الإيرانية «بسرعة وبحزم» وبالعقوبات. وكان الاتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية المبرم في 14 يوليو 2015، أثار توترًا شديدًا مع حلفاء واشنطن التاريخيين وفي مقدمتهم السعودية والكيان الصهيوني. ترامب والنووي الإيراني تعهد المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب، بإلغاء الاتفاق الذي وصفه ب«الكارثي» الذي أبرم في يوليو 2015 بين إيران والقوى الكبرى، في حال انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة، وقال المرشح الرئاسي الأوفر حظًّا لتمثيل الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية المقررة في 8 نوفمبر: «إن أولويتي رقم واحد هي تفكيك الاتفاق الكارثي مع إيران». وأضاف: «هذا الاتفاق كارثي بالنسبة لأمريكا ولإسرائيل ومجمل الشرق الأوسط» مهاجمًا الرئيس الأمريكي باراك أوباما لأنه «كان ربما أسوأ ما حصل لإسرائيل». وتابع ترامب: «سنفكك بالكامل الشبكة الإرهابية العالمية لإيران، التي هي حاضرة وقوية لكن ليست أقوى منا». مستقبل العلاقة بين الولاياتالمتحدة والكيان الصهيوني عند كلينتون رأت كلينتون أن هناك ثلاثة أخطار تهدد التحالف الأمريكي الإسرائيلي، الأمر الذي يجعل هذا التحالف ضروريًّا أكثر من أي وقت مضى، وهي: «إيران، وازدياد التطرف على مدى قوس واسع من الاضطرابات، وجهود متنامية لإلغاء شرعية إسرائيل على المسرح العالمي»، في إشارة إلى الحملات في الجامعات لمقاطعة الكيان الصهيوني وبضائعها وجامعاتها وسحب الاستثمارات منها. وحاولت هيلاري كلينتون أمام الإيباك إظهار التمايز بينها وبين الرئيس الديمقراطي باراك أوباما، الذي اتسمت الأيام الأخيرة الماضية بوجود مشاحنات بينه وبين رئيس حكومة الكيان الصهيوني بينيامن نتنياهو، حيث رفض الأخير دعوة أوباما لزيارة واشنطن، مما دفع كلينتون لعرض الفرق بين سياستها لإدارة العلاقات بين واشنطن وتل أبيب وبين سياسة أوباما، حيث قالت كلينتون: إنها ستتعامل مع الخلافات بين الحلفاء «باحترام»، وأشارت إلى أنها ستبقى هذه الخلافات خلف أبواب مغلقة، وهي سياسة نموذجية لزوجها، الرئيس السابق بيل كلينتون، أكثر من أوباما، لكنها في الوقت نفسه حافظت على الخطوط العريضة لإدارة أوباما عندما قالت: «قد لا تحصل إسرائيل على كل ما تطلبه، لكنها ستحصل على كل ما تحتاج إليه». وقالت: إنه في حال انتخابها، ستكون أول أعمالها دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض، وأكدت كلينتون علاقاتها العاطفية مع الدولة اليهودية، وشددت على أن هذا ضروريًّا للرئيس الأمريكي المقبل، قائلة: «يجب أن يكون لدى رئيسنا المقبل التزام شخصي عميق لمستقبل إسرائيل». وسعت كلينتون للتأكيد على التزامها لأمن إسرائيل، ونادت عدة مرات برفع العلاقة الأمريكية الإسرائيلية إلى «المستوى المقبل»، ونادت بإجراء المفاوضات بين واشنطن وإسرائيل حول مذكرة تفاهم لتعزيز المساعدات الأمريكية العسكرية إلى إسرائيل للسنوات العشر المقبلة «في أسرع وقت ممكن»، وتعهدت بأنه في حال انتخابها للرئاسة، ستضمن حفاظ إسرائيل على «تفوقها العسكري» على أعدائها الإقليميين. ترامب والعلاقة مع الكيان الصهيوني أقسم ترامب بالولاء لإسرائيل، وأدان سياسات الرئيس باراك أوباما، ونقلت صحيفة «يو إس إيه توداي» الأمريكية، عن ترامب قوله أمام المؤتمر «عندما أكون رئيسًا، ستنتهي الأيام التي تُعامل فيها إسرائيل كمواطن من الدرجة الثانية في اليوم الأول». وتعد «إيباك» أقوى جمعيات الضغط على أعضاء الكونغرس الأمريكي، هدفها تحقيق الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني، ولا تقتصر الإيباك على اليهود بل يوجد بها أعضاء ديموقراطيين وجمهوريين، تم تأسيسها في عهد إدارة الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور، في عام 1953.