مع اقتراب حسم مارثون انتخابات الرئاسة الأمريكية، تشهد الأوساط الرسمية والإعلامية الإسرائيلية جدلا واسعا حول المرشح الأكثر خدمة لمصالح الكيان الصهيوني، من بين 5 مرشحين يتنافسون في المرحلة التمهيدية من الانتخابات، وهم دونالد ترامب، وتيد كروز، وماركو روبيو، عن الحزب الجمهوري، وبارني ساندرس، وهيلارى كلينتون، عن الحزب الديمقراطي. أفضل المرشحين طالما يروج الكيان الصهيوني أنه لا يرغب في تأييد مرشح معين حتى لا تتأثر الانتخابات، إلا أنه يظهر في الأفق بعض المؤشرات التي تساهم بشكل كبير في تحديد الشخصية المفضلة لدى الكيان الصهيوني، ما ظهر على صفحات الإعلام الإسرائيلي، حيث رتبت تقارير صهيونية المرشحين من الأفضل إلى الأسوء بالنسبة لتل أبيب، وجاء ماركو روبيو وكروز في المركزين المتقدمين. ماركو روبيو رغم ضعف موقفه في الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأمريكية؛ نظرًا لتفوق ترامب وكروز نسبيًا، إلا أنه يُعد من أفضل المرشحين في الانتخابات الأمريكية بالنسبة للكيان الصهيوني، لاسيما أنه بحسب الصحافة الصهيونية قريب من وجهات النظر الإسرائيلية في جميع القضايا، خاصة التي تتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وإيران وعملية السلام مع الفلسطينيين. ويؤكد روبيو أنه ليس هناك شريك فلسطيني، وأن الأممالمتحدة بضغضها على إسرائيل للموافقة على استئناف مفاوضات السلام متلونة، رافضًا علاقة أوباما المهينة برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، قائلا: «أوباما يتعامل بشكل أفضل مع مرشد إيران خامنئي مقارنة برئيس حكومة إسرائيل». ويحظى روبيو بدعم اليهود المحافظين الذين يؤيدون نتنياهو، خاصة في ولاية فلوريدا، التي تحتل المرتبة الثالثة من حيث عدد اليهود، ويتلقى تبرعات سخية من اليهود وله تاريخ في تأييد إسرائيل، وتقوم استراتيجيته على ضرورة الحفاظ على الأمن القومي الأمريكي حتى لو تطلب الأمر إرسال قوات برية إلى الخارج، فضلًا عن أنه يعارض بشكل واسع الاتفاق النووي مع إيران، وأكد أكثر من مرة أنه سيتراجع فورا عن الاتفاق مع طهران إذ أصبح رئيسا لأمريكا. تيد كروز تعددت التقارير الصهيونية التي قارنت بين مشروع كروز وروبيو نحو الكيان الصهيوني، وتم حسم الأفضلية لصالح الأخير، رغم تقارب برامج المرشحين القائمة على حماية أمن الكيان الصهيوني ومعارضة الاتفاق مع إيران وعملية السلام مع الفلسطينيين، إلا أن حسم الأمر لصالح روبيو جاء بسبب الفوارق البسيطة في الموقف بينه وبين كروز فيما يخص الأمن القومي، ف"روبيو" مقرب من المحافظين الجدد الذين يؤمنون باستخدام القوة العسكرية الأمريكية إذا لزم الأمر. وبحسب إحدى التقارير الصهيونية، فإن كروز ليس لديه قاعدة أساسية للتأييد الطبيعي في الجالية اليهودية التي تخشى من مواقفه المتطرفة في الشؤون الداخلية، كما أن تصريحاته دائمًا تؤكد أن الولاياتالمتحدة أمة مسيحية، وليست متعددة، الأمر الذي يغضب اليهود. هيلاري كلينتون تأتي كلينتون كمرشحة ثالثة من حيث الأفضلية لدى الكيان الصهيوني، بحسب تقارير إسرائيلية، رغم أنها مرشحة الحزب الديمقراطي الأقل تفاعلا مع إسرائيل في الفترة الأخيرة على خلفية توتر العلاقات بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو، إلا أن أحد الكتاب الإسرائيليين يرى أن كلينتون لها أفضلية أيضًا عن ترامب حتى لو كانت غير جمهورية مثل المرشحين كروز وروبيو. وتقول كلينتون إنها تدعم التحالف القوي والمتين مع إسرائيل، فضلا عن حل الدولتين، وإنها ستدعو رئيس حكومة الاحتلال إلى البيت الأبيض في خلال الشهر الأول من رئاستها لتعيد الالتزام بالتحالف بين البلدين ولإظهار تضامنها في الملف الإيراني، كما قالت إنها ستلتزم بأمن إسرائيل من خلال توفير الدعم الدفاعي المذكور. السبب الذي يجعل كلينتون مفضلة لدى الكيان الصهيوني قبل ترامب المرشح الجمهوري، أنها تعتبر من أكثر المرشحين للرئاسة دراية ومعرفة، خاصة في الشؤون الخارجية والشرق الأوسط، فعلى عكس أوباما، كان لنتنياهو وكلينتون تاريخ طويل من العمل معا منذ كان رئيسا جديدا للحكومة الصهيونية، وكانت هي السيدة الأولى لأمريكا. بيرني ساندرز مرشح ديمقراطي يساري، ورغم أنه يعتنق الديانة اليهودية، إلا أنه كثيرا ما يُصدر بيانات ينتقد فيها الإدارة الصهيونية، حيث قالت عنه صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية في وقت سابق: مواقف ساندرز تجاه إسرائيل تثير الحيرة والارتباك، ويقول ستيف رابنوفيتس، أحد المستشارين الإعلاميين لهيلاري كلينتون، إن سجل تصويت ساندرز لصالح إسرائيل ضعيف للغاية، مضيفا أنه لم يسمع ساندرز مطلقا يتحدث عن إسرائيل خلال حملته الانتخابية، الأمر الذي يثير الاندهاش، على حد قوله. واعتمدت هيلاري كلينتون في داعيتها السابقة خلال المنافسة بالانتخابات التمهيدية، على شن هجوم عنيف ضد "ساندرز" لضرب قاعدته الشعبية في الانتخابات مستخدمة بعض التصريحات المتعلقة بإيران التي وصفتها بأنها أكبر عدو لإسرائيل، كما أشارت خلال حملتها الانتخابية إلى تصريح ساندرز الذي اقترح فيه أن القضاء على تنظيم داعش يتطلب تحالفًا دوليًا يضم إيران لإرسال قوات برية لمحاربة داعش. ويبقى ساندرز، بحسب الصحافة الصهيونية، أفضل من ترامب، وجاء ذلك على خلفية أن كل خطوة ستكون له ضد مصلحة الكيان الصهيوني ستثير ضده الجمهوريين في الكونجرس مع جزء كبير من الديمقراطيين، لا سيما أولئك الذين يستمرون في إنشاء علاقة قوية مع اللوبي اليهودي "الإيباك". دونالد ترامب أكد المحلل الإسرائيلي، حيمي شليف،في صحيفة "هآرتس" أن المرشح ترامب يعتبر خطرا حقيقيا بالنسبة لنتنياهو، فالملياردير الذي ولد في نيويورك يتحرك على الهامش بين الوسط المعتدل واليمين الراديكالي كما يشاء في شؤون الشرق الأوسط، فرغم أنه يعلن تأييده المطلق لإسرائيل، لكنه يلقي عليها مسؤولية غياب السلام. وأضاف حيمي أن ترامب يستنكر الاتفاق النووي مع إيران لكنه لا يلتزم مثل كروز وروبيو بإلغائه بعد اليوم الأول من وصول أحدهما للحكم، كما تخوفت تقارير إسرائيلية من ألفاظ ترامب ضد نتنياهو حال استفزاز الأخير له. وتؤكد "هآرتس" أنه خلافا لكلينتون أو ساندرز، فإذا قرر ترامب اتخاذ خطوة مناهضة لإسرائيل، فلن يكون هناك مَن يوقفه، فالائتلاف المؤيد لإسرائيل الذي يتشكل اليوم من الحزب الجمهوري داخل الكونجرس قد ينهار؛ كون ترامب جمهوريا، إضافة إلى جزء كبير من الحزب الديمقراطي، الذي كبح خطة أوباما للسلام وحاول إفشال الاتفاق النووي مع إيران.