تحتفل منظمة الفاو، التابعة للأمم المتحدة، غدًا باليوم العالمي للغابات، بعد أن أصبح للأشجار الخشبية دور كبير في التغلب على التغيرات المناخية، والمساهمة في تقليل الآثار السلبية للاحتباس الحراري، وخفض نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعثة التي تتسبب في ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير. وكانت مصر قديمًا تعتبر إحدى أبرز مناطق زراعة الأشجار؛ وكان ما تنتجه تلك الأشجار من الأخشاب كافيًا لاستخدامه في أفران صناعة الفخار، بالإضافة إلى بعض الصناعات الخشبية وأيضًا في المناجم لحمايتها من الانهيار، ولتثبيت جوانب الترع والقنوات المائية، خاصة في أيام الفيضان، إلَّا أنها في الوقت الحالي أصبحت من أكبر الدول المستوردة للأخشاب. من جانبه قال الدكتور نادر عبد المقصود، أستاذ مساعد بقسم البساتين جامعة الزقازيق: الغابات والأراضي الزراعية إحدى الوسائل الناجحة لإعادة توازن كربون الأرض، فالغابات والنباتات الخضراء المستهلك الأول للكربون من الغلاف الجوي بكميات هائلة، حيث تقوم بدور توازن ديناميكي في نسبة الغازات الموجودة، ولهذا السبب إضافة إلى أسباب اقتصادية أخرى، هناك توجه عالمي للتوسع في زراعة الغابات وصيانتها وحمايتها. وأوضح الدكتور عبد المقصود أنه وفقًا لدراسة قام بها معهد مراقبة البيئة العالمية، فإن كل 130 مليون هكتار من الغابات قادرة على امتصاص 660 مليون طن من الكربون كل عام، حيث تستطيع هذه المساحة من الغابات، والتي تعادل ضعف مساحة فرنسا فقط، أن تمتص هذه الكميات الهائلة من الكربون لمدة ثلاثين سنة، ويمكنها أن تعيد الأراضي المتدهورة إلى حالتها الطبيعية، لافتًا إلى أن مشروع استزراع الغابات لا يوفر للبيئة توازن الكربون فحسب، بل يوفر لها كميات إضافية من الأوكسجين النقي التي تنطلق من الأشجار، ويوفر على الإنسان عناء وأضرار تنفس الهواء الملوث المليء بأشكال الملوثات الغازية كافة والغبار, كما يوفر للسكان مصادر الرزق وفرص العمل. وقال الدكتور محمد محمود، مدير معهد بحوث البساتين: مصر كانت من ضمن الدول التي تنتشر فيها زراعة الأشجار الخشبية، والدليل على ذلك الحفريات والآثار الموجودة بمحافظة أسيوط وسقارة وتل العمارنة في محافظة المنيا، ومنطقة شبه جزيرة سيناء التي كان لها غطاء شجري، بالإضافة إلى وجود العديد من الأودية الجافة المنتشرة في صحراء سيناء، بجانب العثور على سجلات تاريخية تشير إلى وجود نظام متطور لإدارة الغابات في مصر القديمة منذ القرن الحادي عشر قبل الميلاد، والتي تم التعرف من خلالها على حقائق خاصة بمعدل قطع الأشجار، والذي بلغ ذروته خلال حكم الدولة الأيوبية، حيث قطعوا 12 ألف شجرة في فترة قصيرة جدًّا، وكل الدلائل السابقة تشير إلى أن التدهور في أعداد الأشجار والكثافة الخضرية، يرجع لفعل الإنسان وليس راجعًا إلى التغيرات المناخية كما يدعى البعض. وأكد مدير معهد بحوث البساتين أن قسم بحوث الأشجار الخشبية، وضع خطة لتطوير وتحسين وتحديد الغطاء الشجري في مصر، عن طريق التوسع في زراعة الأشجار الخشبية على جانبي الترع والمصارف والمجاري المائية، والعمل على تشجير جوانب الطرقات، خاصة السريعة، باستخدام التكنولوجيا الحديثة، واختيار الأنواع المناسبة لكل طريقة، حسب طبيعة الأرض ومدى توفر المياه بالمناطق المشجرة، والعمل على زيادة الثروة الخشبية، بانتخاب الأنواع الجيدة بإدخال أنواع جديدة ذات صفات جودة عالية وتجود زراعتها تحت الظروف المناخية في مصر، واستخدام تلك الأنواع في عمليات التشجير، وإقامة مصدات الرياح والأحزمة الواقية لتقليل درجات الحرارة، خاصة في أشهر الصيف، بالإضافة إلى العمل على التوسع في إنشاء مشاتل الأشجار الخشبية، على أن توزع في جميع محطات البحوث الزراعية التابعة للمركز؛ لزيادة أعداد الشتلات المنتجة سنويًّا.