عام ونصف على محاولات عبود الزمر، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، الوساطة بين الدولة والإخوان، طرح خلالها عدة مبادرات للصلح بين الطرفين. ففي منتصف عام 2014 أطلق الزمر أول مبادراته، إلا أن الجماعة الإسلامية رفضتها جملة وتفصيلًا، وفي النصف الأول من عام 2015 طرح المبادرة الثانية، والتي طالب فيها الإخوان بالمثول لحل سياسي؛ لكي يتم حل الأزمة، وتفرج وزارة الداخلية عن المسجونين من الإخوان. وأبى الزمر أن يختم عام 2015 إلا بمبادرة جديدة للصلح، توسل فيها للجماعة أن توقف الدماء التي تسيل في الشارع – على حد وصفه – إلا أن جماعة الإخوان لم تقم له ولا لكلامه وزنًا. حتى أتت مبادرة د. سعد الدين إبراهيم،مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية،للصلح بين الدولة والإخوان، والتي تلفَّقها الزمر بالترحيب، وأعلنت الجماعة تبنيها؛ رغبة منها في العودة للمشهد السياسي. لذا قال الدكتور أحمد الإسكندراني، المتحدث الرسمي باسم حزب البناء والتنمية، إن الحزب يرحب بأي رؤية أو مبادرة تسعى إلى الخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، والتي تتفاقم بمرور الأيام. وأكد رؤية الحزب التي طرحها مرارًا، والتي تؤكد أن الأزمة المصرية لا يمكن حلها بطريقة صفرية، وأن الحل السياسي هو صمام الأمان للخروج منها. وأضاف أن المبادرات المتتالية من شخصيات لها ثقلها في الحياة السياسية تؤكد تنامي الإدراك يومًا بعد يوم بعمق الأزمة السياسية في مصر. وأشار الإسكندراني إلى أن طرح الدكتور سعد الدين إبراهيم يحمل العديد من الإيجابيات، التي يمكن أن تمهد الطريق لحوار جاد. وأوضح أن الحزب ناشد وما زال يناشد حكماء الوطن؛ من أجل التدخل وبذل المزيد من الجهد؛ لإيجاد مخرج يجنِّب الوطن المزيد من الكوارث. وأضاف أن الحزب لن يألو جهدًا في التعاون مع المخلصين من أبناء الوطن على اختلاف مشاربهم؛ من أجل إيجاد حل سياسي عادل وشامل، يحفظ الحقوق، ويلبي مطالب المؤيدين والمعارضين، ويحترم الإرادة الشعبية. فيما أكد عوض الحطاب، عضو جبهة إصلاح الجماعة الإسلامية، أن الجماعة الإسلامية لم تُخاطَبلفظًا أو مضمونًا في مبادرة سعد الدين إبراهيم؛ فالجماعة غير معنية بهذا الأمر، لافتًا إلى أن تبني الجماعة للمبادرة يؤكد أن هناك خيوطًا سرية لإظهار الجماعة كبديل للإخوان وغسل سمعة الجماعة، وأن هذا تمهيد لانفصال الجماعة الإسلامية عن الإخوان. وأشار الحطاب إلى أن الإخوان لن يسيروا وراء الجماعة الإسلامية إلا في حالة تبادل الأدوار أو وضع الإخوان للجماعة في مواجهة مع الدولة، كما أن تبني مبادرة سعد الدين إبراهيم يضعهم في موقف الخيانة من وجهة نظر قيادات الجماعة في الخارج. وكشفالحطاب أن الجماعة الإسلامية لا تستطيع أن تكون بديلًا للإخوان خلال الفترة المقبلة؛ نظرًا لوجود عقليات داخل الجماعة ما زالت تؤمن بالعنف، وترحب به، وترى أن السلمية والعمل السياسي حرام. واتفق معه في الرأي الشيخ فؤاد الدواليبي، القيادي السابق بالجماعة الإسلامية، مؤكدًا أن الشيخ عبود الزمر هو من يدير الجماعة الآن، ويحضر اجتماعات مجلس الشورى، وأن الجماعة رحبت بمبادرة سعد الدين إبراهيم بأمر منه، فهو يرى أن التصالح مع الدولة هو الحل، وأن الأزمة الحالية لتيارات الإسلام السياسي لن يتم حلها إلا بالتوافق مع الدولة، وإلا فسينتهي وجود التيار من المشهد السياسي. ولفت الدواليبي في تصريح ل "البديل" أن طرح الزمر لمبادرات التصالح يريد منه مصلحة شخصية، وهي عودة ابن أخيه طارق الزمر وإسقاط كل القضايا المرفوعة ضده. وأشار الدواليبي إلى أن وضع الإخوان أصبح معقدًا للغاية؛ نظرًا للانقسامات التي تشق صف الجماعة، والتي لن تنتهي قريبًا.