العادات والتقاليد المصرية التي نمارسها اليوم، ولا يمكن الاستغناء عنها، تؤكد الربط الوثيق بين المصري القديم والحديث. يقول سامي حرك، مؤسس حراس الهواية المصرية ومؤلف كتاب الأعياد احتفالات مصرية بين الحاضر والمستقبل، إن طقوس «السبوع» للمولود و«الأربعين» للمتوفى من أكثر الطقوس المصرية اتصالًا بين الماضي البعيد والحاضر القريب والحالي. فما زال المصريون يحيون الطقسين، وإن اختلفت الصور والطرق، حتى إنها تركت آثارها على الثقافات الدينية الحالية، كما هو الحال في إضافة ثوب إسلامي للسبوع؛ تطبيقًا للحديث النبوي: «كل غلام مرتهن بعقيقته. تُذبَح عنه يوم السابع، ويُحلق رأسه ويُسمى». رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي. وأضاف حرك أن الثقافة المصرية القديمة وضعت نسقًا لأشكال حماية ورعاية الإنسان في حالتي ضعفه، وهما حالتا الميلاد والموت. وفي حقيقة الأمر فإنهما ليسا إلا حالتي ميلاد؛ لأن الطفل يولد ليستقبل الدنيا، والميت يولد أيضًا ليحيا في عالم الآخرة. «الأربعين» للمتوفى.. الربات الحاميات ولفت حرك إلى أننا نرى في لوحات كتاب الموتى وعلى جداريات المقابر أربع ربات حاميات، يصاحبن المومياوات وطقوس التحنيط؛ ليحمين أحشاء المتوفى، ولا يتركنه إلا بعد عبور المحاكمة، وهن: «إيزيس، نفتيس، نيت، سركت». وتابع "عقب الوفاة تتعهد الجثة بالرعاية كل واحدة من الربات الحاميات لمدة عشرة أيام، وهي مدة الأسبوع المصري القديم. وبإتمام الأربعين يومًا تكتمل الإجراءات، ويصبح الميت مستعدًّا للمحاكمة وتحمُّل المسؤولية الشخصية أمام قضاة محكمة «أوزيريس»؛ لذلك يقيم أهله السرادقات، ويستقبلون المعزين؛ للمشاركة في الدعاء له. «السبوع» للمولود.. السبع حتحورات وقال حرك إن البقرة «حتحور» هي ربة للأمومة، وترعى الأم في حالة الإنجاب، مع ربات محليات، كفرس النهر «تاورت»، ورحم البقرة «مسخنت». وبمجرد إتمام الولادة، تتقدم مساعدات «حتحور» أو «الحتحورات السبع» للعناية بالمولود، وهن بقرات حانيات، يتولين الطفل بالرعاية والحنان المشهود للأبقار؛ إذ تقوم كل واحدة منهن بدورها لمدة يوم واحد. وبنهاية الأيام السبعة تتقدم الأم لتتسلم مسؤوليتها كاملة عن وليدها، في احتفال بين الأهل والأقارب، وهو ما وصل إلينا في طقس السبوع. وأضاف أنه يوضع الطفل في غربال، يسمح بمرور ما علق بجسم المولود من آثار رعاية الربات الحتحورات السبع، وتمر الأم على طفلها سبع مرات؛ لتُلقي على مسامعه في كل مرة ما يزيل عنه كل آثار التعلق بغيرها. فللربات الشكر على ما بذلن من الرعاية، أما الأم فتسترد بهذا الإجراء مسؤوليتها وجدارتها على فلذة كبدها بالولاية. أما دق الهون والطبول فأثر باقٍ من احتفالات تلك «الهاتورات» بالصلاصل النحاسية والألحان الموسيقية.