بدون مقدمات قرر رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، أمس الأول، عودة رياك مشار إلى منصبه كنائب للرئيس. وعلى ما يبدو فإن مشار انتهز ضعف سلفاكير، وأيقن أن قراره نابع من خوف وهشاشة موقف، فقال ريك مشار، زعيم المتمردين سابقًا في جنوب السودان، إنه يريد خروج الجنود من العاصمة جوبا وإنهاء عسكرة المدينة، قبل أن يعود إليها لتسلم منصبه كنائب للرئيس وفقًا لاتفاق السلام، وبذلك يكون قد وضع عقبة جديدة أمام جهود إنهاء الصراع. قرار سلفاكير أثار العديد من التساؤلات، أبرزها هل مرور جنوب السودان بأزمة المجاعة جعل سلفاكير يتنازل، ويضع يده في يد أعدائه، سواء كان رئيس السودان عمر البشير أو نائبه المُقال رياك مشار؟ وقال الرئيس سلفاكير في بيان نقله المتحدث باسمه "أدعو الآن الدكتور ريك مشار للقدوم إلى جوبا فورًا؛ لنتمكن معًا من تشكيل حكومة انتقالية للوحدة الوطنية خلال سبعة أيام بدءًا من اليوم (الخميس)". وفي نبرة تحدٍّ قال مشار إنه لن يعود إلا إذا نفذت الحكومة ما قال إنه تعهُّد بإنهاء عسكرة العاصمة جوبا، وأوضح عبر الهاتف من القاهرة أنه إذا تم تنفيذ ذلك في غضون أسبوع، فسيسرع هذا من عودته إلى جوبا، وإذا استغرق أسبوعين، فسينتظر أسبوعين. وأكد مشار أمس أنه متفائل بأنه سيتمكن من إعادة بناء الثقة مع سلفاكير على الرغم من أنهما لم يتحدثا منذ أغسطس، قائلًا: للأسف لم يحدث بيننا كلام، ورغم أنني بذلت جهودًا أكثر من مرة، ولكننا لم نتواصل مع بعضنا بعضًا. ولم يتحدث الرجلان معًا حتى في اليوم الذي أعاد فيه سلفاكير تعيين مشار الخميس الماضي، وقال مشار: حاولت وسأحاول مجددًا اليوم. وأعتقد أننا سنتجاوز ذلك. إنها مسألة وقت. وأضاف أن أنصاره أرسلوا وفدًا مكونًا من نحو 300 شخص إلى جوبا؛ في محاولة لإعادة بناء الثقة. وهناك عدة سيناريوهات محتملة قد تحدث في ظل الوضع الحالي، أولها تعاون مشار مع البشير للإطاحة بسلفاكير وحكومته، وبذلك يكون مشار قد حقق ما حارب لأجله، ويكون البشير قد نال ما أراد بالإطاحة بسلفاكير، الذي كان يدعم مشار والمتمردين ضده. ثاني سيناريو محتمل هو استمرار رفض مشار العودة لمنصبه إلا بشروطه واختلاق شروط أكثر صعوبة كلما وافق سلفاكير عليها؛ لإضعاف الجبهة الأخرى بشكل أكبر واستنزاف قوى سلفاكير، ثم الانقضاض عليه وسلبه السلطة بالقوة، وجلوسه على كرسي الحكم. أما ثالث سيناريو فيتمثل في تدخل المجتمع الدولي لحل الأزمة التي بالتأكيد ستزداد تعقيدًا، وربما تنتهي بتمزق الجنوب ومطالبة جزء بالانفصال. وكان سلفاكير قد أقال مشار من منصب نائب الرئيس في 2013؛ مما فاقم من حدة الخلافات السياسية في البلاد، والتي تطورت إلى قتال بين جنود موالين للرئيس ونائبه في جوبا. وغادر مشار ومؤيدوه المدينة، وذهبوا إلى الغابات، مع انتشار العنف في أنحاء الدولة المنتجة للنفط؛ مما تسبب في مقتل الآلاف، وأجبر أكثر من 2.3 مليون على الفرار، وأعيد فتح النزاعات العرقية بين قبيلتي الدينكا التي ينتمي لها سلفاكير والنوير التي ينتمي لها مشار. ووقع الجانبان اتفاق سلام في أغسطس الماضي تحت ضغوط دولية وتهديدات بفرض عقوبات. لكن وقف إطلاق النار انتهك بشكل متكرر.