طفت قضية أنفاق غزة مجددًا على السطح بعد إغراقها بالماء، إثر تجاذبات سياسية أعلنت فيها مصر أن إغراق الأنفاق ما هو إلَّا استراتيجية جديدة لمواجهة التهديدات التي تواجه أمنها القومي، كخطوة فرضتها المواجهة بين الجيش المصري والجماعات الإرهابية. وقتها زايد رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس على الخطوة المصرية، وتفاخر بأنه هو صاحب فكرة إغراق حدود رفح بالمياه حتى يتم بذلك تدمير الأنفاق بين غزة ومصر، لكن بعد مرور 6 أشهر على تبني كل طرف فكرة الإغراق دخل طرف جديد المعادلة، حيث أثارت تصريحات وزير البنى التحتية والطاقة للكيان الصهيوني، يوفال شتاينس 6 فبراير، موجة عارمة من الاستنكار، التي قال فيها: «الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي غمر الأنفاق على حدود بلاده مع قطاع غزة بالمياه، بناءً على طلب من إسرائيل واستجابة لضغوطها»، وتابع أن التنسيق الأمني مع مصر أفضل من أي وقت مضى. تأتي أهمية تصريحات الوزير الصهيوني كونه إحدى الدوائر المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعضو حزب الليكود، كما أنه في المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، الذي من صلاحياته اتخاذ قرارات مهمة كالحرب والسلم. ورغم أن شتاينس قلل من مخاطر هذه الأنفاق بعد إغراقها، إلَّا أنه اعترف بعدم قدرة الكيان المحتل على رصد كل الأنفاق التي تحفرها حماس، خاصةً التي بينها وبين الكيان الصهيوني. جاءت تصريحات شتاينس ردًّا على ما صدر عن القيادي في حركة حماس إسماعيل هنية، 29 يناير، بأن حركته مستعدة لخوض حرب جديدة مع إسرائيل، وأن الفضل في ذلك يعود جزئيًّا إلى إعادة بناء الأنفاق. الكشف الإسرائيلي عن وجود تعاون استخباراتي مصري إسرائيلي تزامن مع دعوة سياسيين إسرائيليين لشن حرب جديدة على غزة لوقف حفر الأنفاق، إلَّا أن حكومة العدو استبعدت احتمالية وقوع حرب جديدة في الوقت الراهن. غضب بجيش الاحتلال عقب تصريحات الوزير أعربت المؤسسة العسكرية التابعة للعدو الصهيوني عن غضبها إزاء التصريحات التي أدلى بها وزير الطاقة يوفال شتاينس، رغم أن المؤسسة العسكرية لم تنفِ تصريحات الوزير، إلَّا أن محللين يرون أن غضب المؤسسة العسكرية، الذي لم يدفعها إلى إنكار هذه التصريحات بالمطلق، بما في ذلك وجود تنسيق أمني واستخباراتي مع القاهرة، إنما أتى في إطار كشف الوزير الإسرائيلي معلومات أمنية واستخبارية للكيان، مما يعد إفشاءً لأسراره ويلحق الضرر بأمنه، وهو ما استهجنته المؤسسة العسكرية، خاصة أن شتاينس كان مرشحًا لمنصب وزير الخارجية، وهو منصب ذو طبيعة حساسة، كما كان يشغل منصب وزير شؤون الاستخبارات. غضب المؤسسة العسكرية انعكس على تصريحات وزارة الطاقة الإسرائيلية، مما دفع الناطقة باسمها للتراجع خطوة للخلف، في محاولة لتجميل الموقف، حيث قالت: إن الانطباع الذي خلقته ملاحظات شتاينس بدت وكأن الحملة التي تشنها مصر على الأنفاق نتيجة لطلب إسرائيلي خاطئ ولا يعكس الحقيقة. نصف عام على إغراق الأنفاق تصريحات وزير طاقة الكيان الصهيوني الأخيرة ترافقت مع وجود حركة فلسطينية نشطة في الأنفاق التي تم إغراقها مسبقًا، حيث قال عمال فلسطينيون إنهم يعملون منذ أسابيع على محاولة ترميم بعض الأنفاق الأرضية التي انهارت بفعل ضخ الجيش المصري مياه البحر داخلها. وكان الجيش المصري قد بدأ في إغراق الأنفاق، في 18 ديسمبر 2015 الماضي، مما تسبب في تدمير جزئي لبعض الأنفاق، حيث حفرت مصر بركًا مائية بطول 14 كيلو مترًا، بقصد تدمير ألف نفق، فضخت كميات كبيرة من مياه البحر الأبيض المتوسط، نقلتها عبر أنبوب مائي عملاق، في المناطق الحدودية المحاذية لها، والمتمركزة في جنوبي مدينة رفح في قطاع غزة. الإجراء اعتبرته الحكومة المصرية بمثابة خطوة نوعية لضبط حدودها، خاصة مع ازدياد المواجهات مع الجماعات الإرهابية، فيما اعتبر الجانب الفلسطيني هذه الخطوة بأنها تزيد من الحصار المفروض على قطاع غزة، خاصة أن هذه الأنفاق الواصلة بين غزة ومصر تشكل متنفسًا للفلسطينيين في توفير السلع الغذائية وغيرها، كما أكدوا أن هناك مخاطر في استخدام المياه المالحة بتلك المنطقة على طبيعة التربة ومخزون المياه الجوفية، بالإضافة إلى وجود كثافة سكانية متاخمة للشريط الحدودي قد يلحق بها الضرر نتيجة المياه المالحة التي قد تفضي لانزلاقات في التربة.