بمشاركة مليوني طالب وطالبة.. الأزهر يكرّم أوائل «تحدي القراءة العربي» في موسمه ال9    لليوم ال23.. «البترول» تواصل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر مايو 2025    ياسمين فؤاد سكرتيرا تنفيذيا لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    بينهم 3 أطفال.. ارتفاع عدد شهداء مجزرة الاحتلال بحق عائلة دردونة في جباليا البلد ل 14    القاهرة الإخبارية: الاحتلال استهدف أهالي حاولوا الوصول إلى شاحنات المساعدات    رسميا.. ريال مدريد يعلن رحيل أنشيلوتي    سقوط المتهم بإدارة مسكنه لتزوير المحررات الرسمية بالشرقية    ضبط سيدة بصحبتها 5 أطفال لقيامهم بالتسول بالشروق    علم الوثائق والأرشيف، أحدث إصدارات هيئة الكتاب    فيديوجراف| 3 أسرار تكشف حقيقة انفصال أحمد السقا ومها الصغير    منها «استقبال القبلة وإخفاء آلة الذبح».. «الإفتاء» توضح آداب ذبح الأضحية    قيادات التأمين الصحي الشامل في زيارة إلى أسوان لمتابعة تطبيق المنظومة    محافظ الجيزة: الانتهاء من إعداد المخططات الاستراتيجية العامة ل11 مدينة و160 قرية    إنجاز مصري عالمي جديد في علاج الانزلاق الغضروفي بدون جراحة بقيادة الدكتور أحمد رأفت السيد    البريد المصري يحذر المواطنين من حملات احتيال إلكترونية جديدة    رقصت مع غوريلا وتوليت.. خفة ظل ومرح أسماء جلال في عيد ميلادها ال30 (صور)    "فيفا" يعلن استمرار إيقاف القيد عن 7 أندية مصرية.. ورفع العقوبة عن الزمالك بعد تسوية النزاعات    أمين الفتوى: التدخين حرام والمدخن سيواجه هذا السؤال يوم القيامة (فيديو)    المشاط تشارك بجلسة نقاشية حول تجنب فخ الدخل المتوسط بالدول أعضاء البنك الإسلامي    غدًا.. جلسة عامة لمناقشة مشروع قانون تعديل بعض أحكام "الشيوخ"    محافظ الأقصر يؤدي صلاة الجمعة بمسجد سيدي أبوالحجاج الأقصري    قيادات هيئة التأمين الشامل تتفقد جاهزية محافظة أسوان لبدء تطبيق المنظومة    استمرار تدفق الأقماح المحلية لشون وصوامع الشرقية    بالبالونات، انطلاق لقاء الجمعة للأطفال في مسجد الشهداء بالدقهلية (صور)    أرني سلوت ينتقد ألكسندر أرنولد بسبب تراجع مستواه في التدريبات    أسعار الحديد والأسمنت اليوم فى مصر 23-5-2025    طفل يطعن زميله فى مدرسة بألمانيا ويفر هاربا    شرطة الاحتلال تعتقل 4 متظاهرين ضد الحكومة بسبب فشل إتمام صفقة المحتجزين    على غرار اليابان.. نائب أمريكي يدعو لقصف غزة بالنووي    « وزارة الصحة » : تعلن عن خطة التأمين الطبي للساحل الشمالي والعلمين بفصل الصيف    "بئر غرس" بالمدينة المنورة.. ماء أحبه الرسول الكريم وأوصى أن يُغسَّل منه    رئيس "التنظيم والإدارة" يبحث مع "القومي للطفولة" تعزيز التعاون    إيرادات فيلم سيكو سيكو تتراجع في دور العرض المصرية.. لليوم الثاني على التوالي    غلق كلي لطريق الواحات بسبب أعمال كوبري زويل.. وتحويلات مرورية لمدة يومين    رئيس بعثة الحج الرسمية: وصول 9360 حاجا من بعثة القرعة إلى مكة المكرمة وسط استعدادات مكثفة (صور)    الدوري الإيطالي.. كونتي يقترب من تحقيق إنجاز تاريخي مع نابولي    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن جوريون بصاروخ باليستي    صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج من «بي بي سي»    شاب ينهي حياته بأقراص سامة بسبب خلافات أسرية    الأرصاد تحذر من حالة الطقس: موجة حارة تضرب البلاد.. وذروتها في هذا الموعد (فيديو)    المشروع x ل كريم عبد العزيز يتجاوز ال8 ملايين جنيه فى يومى عرض    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 23 مايو في سوق العبور للجملة    ضبط 379 قضية مخدرات وتنفيذ 88 ألف حكم قضائى فى 24 ساعة    محافظ سوهاج يفتتح ميدان سيتي بعد تطويره ويتفقد مشروعات التجميل بالمدينة    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    عمر مرموش يهدد رقم فودين فى قائمة هدافى مانشستر سيتى    رئيس الأركان الإسرائيلي يستدعي رئيس «الشاباك» الجديد    الهلال يفاوض أوسيمين    رمضان يدفع الملايين.. تسوية قضائية بين الفنان وMBC    الخارجية: الاتحاد الأفريقى يعتمد ترشيح خالد العنانى لمنصب مدير عام يونسكو    زلزال بقوة 6.3 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    بمشاركة منتخب مصر.. اللجنة المنظمة: جوائز كأس العرب ستتجاوز 36.5 مليون دولار    نجم الزمالك السابق: ما يحدث لا يليق بالكرة المصرية    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    «تعليم القاهرة» يختتم مراجعات البث المباشر لطلاب الشهادة الإعدادية    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آل بوربون لا ينسون ولا يسامحون ولا يتعلمون
نشر في البديل يوم 28 - 01 - 2016

"جميع الأحداث والشخوص العظيمة في تاريخ العالم تظهر، إن جاز التعبير, مرتين" هكذا قال هيجل .. "في الأولي كمأساة، و في الثانية كمهزلة" وهكذا عقّب ماركس علي قراءة هيجل .. غير أن ما قصده هيجل وما دققه ماركس لم يكن مقصودا به الحصر قدر ما كان مقصودا به القطيعة مع المقاربات بالعالم القديم، كصراعات روما القديمة بظروفها المادية و الاقتصادية التي تختلف عن تلك التي تحكم مجتمعاتنا الحديثة، تلك الظروف التي عندها تصير المقارنات مخلّة والتشبيهات بعيدة وغير متسقة، وهي الفكرة ذاتها التي خلص اليها جون سيسموندي في كتابه المبادئ الجديدة للاقتصاد السياسي.
واقع الأمر أن التاريخ هو تكرار ممل لتجارب متماثلة في سياقات متشابهة وإن بشخوص جديدة، ربما تختلف الظروف المادية قليلا بين تجربة و أخري، ولكن جوهر الصراع يكاد يكون واحدا، فالأفكار تتشابه والمصائر تتطابق، وفي كل مرة يُعاد استنساخ التاريخ يكون هذا بشكل أكثر هزلية وأقل ابداعا، و ربما لهذا كانت مآلات محاولات الاستنساخ العديدة تلك هي النسيان والتجاهل التام، و الإنسان فيما يبدو لا يتعلم سريعا ولا يعتد دوما بإرث من سبقوه، و كلما كانت ذاته متضخمة، كلما كان تقديره لتجارب من سبقوه أقل و كان إعتباره بمصائرهم خارج دائرة اهتمامه، حتي ينتهي إلى ذات النهايات.
ربما تكون روايات التاريخ المملة المعادة المكررة، والتي يعتلي فيها أبطال جدد كل مرة خشبة المسرح مستعيرين ذات الطقوس وذات الأدوات وذات الأساطير حول أنفسهم، هو ما يجمع آل بوربون الذين حكموا أوروبا والأروبيين البيض الذين حكموا جنوب إفريقيا، وعساكر الشرق الأوسط الذين حكموا منتطقتنا التعيسة.. وعلي ما تبدو الظروف في ظاهرها متباينة والسياقات مختلفة، إلا أن جوهر الصراع واحد والأدوات واحدة، وإن بدت نسختنا شديدة الرداءة، فالحقوق الإلهية في الوصاية والحكم ثابتة في عقيدة آل بوربون قدر ثباتها في عقيدة عساكر الشرق الأوسط، والتأييد المطلق لتلك الحقوق والفزع من أي بادرة تغيير ثابتان في عقيدة كل الوضعاء الذين منحتهم تلك الأنظمة قدرا من الإمتيازات، فهما ثابتان في عقيدة تامر عبد المنعم و هشام سليم ووالد أحمد مالك قدر ثباتهما في عقيدة السكان البيض إبّان حقبة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، والقمع والتنكيل والقتل دون تلك الحقوق كأدوات كانت دوما مبررة لدي كل الأوصياء كما هي مدعومة دعما مطلقا من قبل خصيانهم الوضعاء.
وربما ولكي تبدو الأمور أكثر تجردا وأشد وضوحا فعليك أن تنزع عن تلك العصابات عباءة القداسة التي يلتفحون بها، سواء أكانت تلك عباءة الوطنية أم عباءة الحقوق الإلهية المُدّعاة، لتري حقيقتهم كعصابات منظمة تحمل السلاح لا أكثر، عصابات لا تختلف كثيرا عن عصابات الكوزا نوسترا (المعروفة بالمافيا) التي اعتمدت أصولها الإيطالية كحق للتمايز، و اعتمدت القتل والترهيب كأدوات لمراكمة الثروة وفرض النفوذ، تلك العصابات التي حكمت شوارع الساحل الشرقي الأمريكي لستة عقود أو يزيد معتمدة علي خشداشية الأصل وخشداشية السلاح.
والعصابة التي تحكمنا هي ككل العصابات، فهم لا ينسون من أساء إليهم يوما حتي و إن تمرغ بجبينه تحت أقدامهم ألف مرة بعدها، ولا من تحدث عن جرائمهم مهما كانت بعيدة في الزمن، و لا من تسائل عن ثرواتهم وإن كانت في مخابئ بعيدة. وكما لا ينسون فهم أيضا لا يسامحون من ينتفض عليهم أو يقف على الضفة المقابلة منهم أو ينازعهم شرعية ملكهم.. ولهذا فهم لم يسامحوا الشعب عما اقترفه في 28 يناير 2011، حين باغتهم وأفزعهم وزلزل الأرض من تحت أقدامهم، هم لم ينسوا تلك الأيام التي امتلئت بالشك والترقب ووطأة الانتظار تلك الأيام التي كانوا يخشون فيها سوء المصائر.
هم الآن وغدا عازمون علي محو تلك الهزيمة، و ماضون في تأديب وعقاب هذا الشعب الذي نسي حدوده وتطاول علي أسياده وافترف خطيئة الكفر بحقوقهم الإلهية. و رغم أن كثيرين من هذا الشعب قد قدم إليهم إعتذارا في 30 يونية و26 يوليه 2013 عن يناير برمته، غير أن هذا لن يعف أحدا من العقوبة مهما توسّل ومهما حاول التكفير .هم يحاولون محو 28 يناير لا عبر قتل وإذلال وإحتقار من قاموا به، بل عبر جعل ذلك القتل والإذلال والإحتقار باديا للكافة، فهو اليوم الذي سقطت فيه عباءتهم المقدسة وبدوا فيه علي حقيقتهم، مجرد عصابات تحمل السلاح و تراكم الثروة، هو اليوم الذي بدا فيه الرصاص غير كافِ مهما كثر، و بدت فيه الثروة المتراكمة ليست بمأمن مهما توارت مخابئها!
غير أن الرصاص لم يوقف مقاومة الناس يوما، فالناس تعلمت الكثير من الحيل في رحلتها نحو مجتمعات أكثر نضجا و أكثر عدلا، فأسقطت أساطير الحقوق الإلهية وأسقطت سلطة الرصاص كل مرة صعدت فيها مجددا .. لكن وفيما يبدو أن رحلة البشر تبدو أسطورة سيزيفية، إذ علينا أن نخوض ذات الصراع مجددا كل مرة، ربما بفارق جوهري، وهو أن من يتعلم من دروس التاريخ هو من يربح في نهاية الرحلة، وربما لهذا فإحتمالات انتصار ثورتنا أكبر من إحتمالات انتصار أعدائها، فأعداء ثورتنا ليسوا سوي نسخة شديدة الرداءة من آل بوربون، وآل بوربون لا ينسون ولا يسامحون، ولا يتعلّمون أيضا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.