خلال الأعوام الماضية، بداية من اندلاع ثورة يناير وخروج المظاهرات ضد نظام مبارك للمطالبة برحيلة، مرورًا بفترة حكم الإخوان والرئيس المؤقت عدلي منصور، وانتهاء بحكم الرئيس السيسي، شهد الحديث عن إحياء ذكرى الثورة في كل عام فتاوى تحريم التظاهر من علماء الدين والمؤسسات الرسمية، وأصبحت عادة مكررة تعلو كلما اقترب موعد الذكرى. في عهد مبارك، ومع إدراك خطر اشتعال الثورة في 2011، أصدر شيخ الأزهر أحمد الطيب بيانًا أفتى فيه بتحريم النزول إلى الشارع للمشاركة في التظاهرات، وأن من يدعون المواطنين للخروج في التظاهرات السلمية ضد ظلم وفساد مبارك دعاة فتنة. وقبيل حلول الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير وما صاحبها من دعوات للتظاهر، أصدرت دار الإفتاء بيانًا أكدت فيه أن الاحتجاجات والتظاهرات، وتعطيل مصالح المواطنين، محرمة شرعًا، مطالبة بعدم الالتفات إلى دعوات الصدام والتخريب التي أطلقها بعض المغرضين وتفويت الفرصة على كل من يتربص بأمن الوطن ومقدراته. وفي الذكرى الخامسة للثورة، خرج الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، في تصريحات متلفزة للتحذير من التظاهر في ذكرى ثورة 25 يناير، موضحًا أن ذلك في غير مصلحة الوطن، وسيؤدي لما وصفه ب "توريط المصريين" في العنف والإرهاب لصالح الأعداء المتربصين، مفتيًا بأنه "أمر مُحرم شرعًا"، وطالب جمعة بالاصطفاف والوحدة بين فئات الشعب لما وصفه ب "مواجهة التنظيمات الإرهابية"، والمؤامرات التي تُحاك ضد الوطن للنيل من استقراره. لم تقتصر الأوقاف على تحريم التظاهر ممثلة في تصريح الوزير، بل امتدت إلى توزيع الوزارة، الاثنين الماضي ، منشورًا بموضوع خطبة الجمعة المقبل، الذى حددته ب «حرمة التظاهر يوم 25 يناير»؛ استنادًا إلى فتوى من دار الإفتاء، واصفة الدعوات للخروج والتظاهر بأنها «جريمة متكاملة ودعوات مسمومة ومشؤومة تهدف إلى تخريب البلاد والقتل والتدمير»، واتهمت من يطلقها ب «توريط المصريين فى العنف والإرهاب لصالح أعداء الوطن». ولم يقتصر الأمر على علماء الدين، بل وصل إلى تدخل هيئة الأرصاد الجوية، التي قالت في بيان لها، أمس الخميس، إنه من المتوقع سقوط أمطار غزيرة ورعدية على السواحل الشمالية، وتكون متوسطة على الوجه البحري والقاهرة حتى محافظات الصعيد وسيناء، يومي الاثنين والثلاثاء 25 و26 يناير، وانخفاض ملحوظ في درجات الحرارة، يتراوح من 7 إلى 9 درجات أقل من المعدل الطبيعي لها، معتبرة أن هذه الأجواء لا تناسب التظاهر، الأمر الذي لاقى سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال البرلماني السابق زياد العليمي إن المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية ليس لها علاقة بالسياسة، فرجال الدين عليهم ألا يتحدثوا في السياسة؛ لأنهم بذلك يقللون من شأن الدين، خاصة وأن الأمور السياسية هي في الأصل محل خلاف، مشيرًا إلى أن أفعالهم هذه فيها انعدام للمسئولية والأمانة التي يتحملونها، سواء بالموافقة على التظاهر أو رفضه.