(1) وقف الضمير أمام الرجل الكبير وسأله: لماذا انكمشنا وأصبحنا من أقل دول العالم؟.. نحن نعيش المهانة في بلد مهان. نظر الرجل الكبير نحو أتباعه الباسمين، وقال: ما تضيعوش البلد من إيديكم.. الجماعة اللي بيتكلموا كتير عن الإصلاح عايزين البلد ترجع للوراء. قال الضمير: سأقدم لسيادتك ورقة مكتوبة عن كيفية الإصلاح السياسي والدستوري. رد الرجل الكبير هازئا بالضمير علنًا الورقة دي حطها في… «جيبك». بينما كان الكبير يحط البلد كلها في جيبه وجيوب حاشيته الفاسدة. لم يعش الدكتور محمد السيد السعيد حتى حكم القضاء أن الرجل الكبير ليس أكثر من "حرامي كبير"، لكن الضمير لا يموت.. "مادام ع الأرض ناس عشمانة في الضي اللي طالع.."، ومن هنا ندخل حلبة الصراع الوحشي ضد المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات. (2) قال الضمير: لدينا فساد في أجهزة الدولة يتجاوز 600 مليار جنيه، فهاجت الدولة الشريفة، وأشهرت سيف المتنبي صارخة: * لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى/ حتى يراق على جوانبه الدم/ اقتلوا هشام جنينة/ مُضلل/ يسعى لهدم الدولة وتدمير اقتصادها/ خطر على الأمن القومى والسلم الاجتماعى/ يفشي أسرار الدولة على غير القانون هكذا هتف الإعلام وحزمة من نواب دعم الدولة في البرلمان يتصدرهم مصطفى بكرى، فقد قال عمرو أديب متعقلاً: جنينة أخطأ لأن الأرقام التي تحدث عنها افتراضية، ولن أقول عنه إنه "إخوان"، وقال أحمد موسى: جنينة جايب أرقام من سنة 23، وحاجات كده عجب العجاب، وكان ناقص يجيب أرقام من أيام الملك مينا، ويقولك ده حصل في عهد الرئيس السيسي.. ده تقرير الفساد اللي أعلنه ده "فضيحة". وبالغ في تقديراته للفساد بهدف إحراج الدولة، لابد يا مجلس النواب، تسحب الثقة منه وتحاكمه، وصوت الحق والنزاهة خالد صلاح: تصريحات جنينة عايزة تقفل مصر "ضبه ومفتاح"، لأن تقرير زي ده يخلي البلد تروح في داهية، وهدفه إسقاط الاقتصاد المصري وجر الدولة إلى مكان مجهول.. ده تقريره مضلل، وتأثير الأحداث الإرهابية بتاع الغردقة، لا تساوى شيء أمام تصريحات جنينة المضللة، التي ستقود البلاد إلى ظلام دامس، ووضع حمدي رزق علامة تعجب قبل عنوان مقاله "لا تذبحوا هشام جنينة" قبل أن يضع خطته الرحيمة للذبح وغسل الأيادي، وهي خطة مفقوسة خلاصتها: "فليعقد البرلمان جلسة طارئة، ونأخذ من كل رجل قبيلة، ونستدعِي جنينة ليستجوبه نواب الشعب حول كل رقم، وكل واقعة، تضمنتها دراسته الفاسدة عن الفساد، لا تلزمنا رقبة جنينة حتى لا نصنع منه ضحية وبطلاً ومحارباً للفساد، يجب تجميده فى موقعه، وإبعاده عن مراكز التأثير فى الجهاز، أما إبراهيم عيسى بتوازنات المعلمين الكبار فقال بهدوء عادي جدا: الفساد موجود في مصر، لكن ما يوصلش 600 مليار، وهي مقولة تخفف من الأزمة ولا تكفي لإطاحة رقبة الزند التي اجتمعت على طلبها قبائل الجاهلية، ويمكننا أن نفهم بعض الدوافع من صرخة محمد أمين: سيادة المستشار هشام جنينة: سلّم نفسك.. ليس لأنك قلت «فيه فساد».. احنا عارفين، لكن عشان الشوشرة، والأرقام التي أعلنتها «مفبركة».. (3) يعني عارفين إن فيه فساد إذن؟!، ولاتنكرونه كمان؟!، وتؤكدون أن الرئيس يعرفه!، والدولة تعيش عليه منذ ربع قرن (هكذا قال أمين في مقاله)، لكن مشكلة العباسيين.. أولاد ال….. "دولة" أن الرقم مبالغ فيه، فالفساد موجود لكنه "قليل"، ولا يصل إلى 600 مليار في عام السيسي (2015)، ولا حتى في 4 أعوام (منذ 2012)، لجنة التقصي تجاوزت فكرة وجود فساد، وركزت على تكذيب أرقام "جنينة"، كما لو أن الخلاف في الدرجة وليس في الجريمة نفسها، فالفساد موجود (عادي يعني) لكنه قليل، وكل الشرفاء في الأجهزة التي "شوشر عليه" جنينة يرددون نفس اللغة "القارحة": آه عندنا فساد، لكنه قليل..! (4) أولاد "الدولة": كيف قليلُ؟/ نصف لواط يعني؟! هكذا رد مظفر النواب على جعجعة المتنبي (5) يحكى أن هشام بن جنينة تولى الحسبة في إمارة "زندستان"، وشاهد أحد الأمراء يقطع رقبة شاب في الطريق أمام المارة، والناس تصرخ في هلع وتتحدث عن الجريمة البشعة في كل البيوت، فأبلغ كبير الشرطة وقاضي القضاة وشيوخ المساجد والوالي بتفاصيل جريمة القتل، وفوجئ العامة في الصباح بالمنادي ينادي في الشوارع بعزل ابن جنينة؛ لأنه ملفق ومضلل ومبالغ ويثير الفزع بين الناس بروايته الكاذبة للحادث، بعد أن رأت لجنة تقصي الحقائق التي شكلها الوالي أن الحادث ليس أكثر من استعارة الأمير لرأس الشاب بعض الوقت، وقد تركها جواره ولم يأخذها إلى بيته! (6) للقصة تكملة، لكن حتى نلتقي، أستودعكم الأمل، وأبشركم بالرخاء وتطهير الفاسدين المبالغين من أمثال جنينة، فلا تنظروا إلى الجانب السلبي من الواقع، فكروا بإيجابية، وتمعنوا في تصريحات "أولاد الدولة" التي يحذرنا فيها أحدهم من جنينة؛ لأن شهادته هي التي تضرب مصر فى مقتل، وتحرمها من الاستثمار، وتجعلها إبعد يا شر .. إبعد يا شر.. «دولة فاسدة». (نبوءة أمل) ستفشل دولة الفساد في إقالة جنينة، لكن لا تتركوه وحده، فالغرض ليس ذبحه لشخصه، ولكن لإسكات أي صوت يفتح دفاتر المحاسبات بنزاهة ونية تطبيق، ورسائل التهديد انطلقت بصياغتها التقليدية المعروفة: "في الجنة معنا، أو اللعنة فوراً"، فقد قال الزند ذو الشيب المصبوغ لإخفاء الصفقة/ تبقى جسدا للبوم والغربان ونبحر دونك/ فاقبل قبل فوات الفرصة صفقتنا/ شارك في الحل السلمي قليلا.. * ملحوظة أخيرة: قد يوجد بأبيات مظفر النواب خطأ طباعي، ألتمس منكم تصحيحه في الواقع قبل القصيدة… فلا تتهاونوا في تصحيح الخطأ.. لا تتهاونوا مع الفساد والمفسدين ……………………………………………………………………………………………………. * (حرب تنظيف الإعلام-3) [email protected]