رئيس جامعة القاهرة يتفقد الامتحانات بكليات الاقتصاد والعلوم السياسية والآداب والإعلام    تراجع سعر الدولار والعملات اليوم الأربعاء 4-6-2025 بمنتصف التعاملات في البنك الأهلي    جهاز تنمية المشروعات يبحث دعم أصحاب المشروعات الصغيرة بمطروح    مدبولي: الإعلان عن إطلاق المنصة الرقمية لإصدار التراخيص خلال مؤتمر صحفي    تكريم مصر إيطاليا العقارية بجائزة شنايدر إلكتريك للاستدامة 2024 في الشرق الأوسط وأفريقيا    الجيل الخامس ينتشر في مصر مساء اليوم عقب الإعلان الرسمى عن إطلاق الخدمة    تموين الإسكندرية: توريد 71 ألف طن قمح حتى الآن    الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة الشهداء فى قطاع غزة إلى 54,607 شهداء    لحظة تفجير جسر كيرتش بين القرم وروسيا ب2400 رطل من المتفجرات زُرعت تحت الماء (فيديو)    إسرائيل تخطف صيادا في مياه لبنان الإقليمية بالبحر المتوسط    ريبيرو يحاضر لاعبي الأهلي لشرح برنامج الإعداد ل كأس العالم للأندية 2025    الزمالك ينهي أزمة إيقاف القيد    رابط الحصول على نتيجة الصف الثالث الإعدادي الأزهري التيرم الثاني 2025    مسرح الهوسابير يستقبل عيد الأضحى بعروض للأطفال والكبار.. تعرف عليها    يوم عرفة.. طريقة الاستعداد وأفضل الأعمال والأدعية المستحبة    نقلوني عشان سافرت الحج.. الشيخ محمد أبو بكر يعلق على قرار نقله للوادي الجديد    صحة الإسكندرية ترفع حالة الطوارئ وتؤكد جاهزية الأقسام الحرجة استعدادا لعيد الأضحى    هيئة الرعاية الصحية تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد الأضحى    محافظ بني سويف يتفقد سير العمل في مركز نقل الدم بشرق النيل    مها الصغير تتقدم بشكوى رسمية ضد مواقع إخبارية    ما تفاصيل مشروع قرار مجلس الأمن المرتقب بشأن غزة؟    طرح البوستر الرسمي لفيلم "آخر راجل في العالم"    حسام حبيب: مشكلة جودة أغنية "سيبتك" قد يكون بسبب انقطاع النت أو الكهرباء    رئيس "الشيوخ" يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى    شيخ الأزهر يهنئ الأمة الإسلامية بعيد الأضحى ويطالب المجتمع الدولي بوقف غير مشروط للعدوان على غزة    «بن رمضان» في مواجهة توانسة الأهلي.. الأرقام تحذر معلول    البورصة المصرية تربح 17.2 مليار جنيه في ختام تعاملات الأربعاء    الإسكندرية ترفع حالة الطوارئ بشبكات الصرف الصحي استعدادًا لصلاة عيد الأضحى    ارتفاع تدريجي ل درجات الحرارة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس يوم عرفة (تفاصيل)    مد فترة التشطيبات.. مستند جديد يفجر مفاجأة في واقعة قصر ثقافة الطفل بالأقصر    بورتو منافس الأهلي يكشف عن زيه الاحتياطي فى مونديال الأندية.. فيديو    «قد يحسم أمام العراق».. حسابات تأهل منتخب الأردن مباشرة ل كأس العالم 2026    بيراميدز يجدد عقد المغربي وليد الكرتي موسمين    «بيحبوا المغامرة».. 4 أبراج تستغل العيد في السفر    وزير الثقافة ل«الشروق»: لا غلق لقصور الثقافة.. وواقعة الأقصر أمام النيابة    بالصور.. تامر حسني يتألق بحفل عالمي فى ختام العام الدراسي للجامعة البريطانية.. ويغني مع محمد ثروت "المقص"    نجم الزمالك السابق يحذر من خماسي بيراميدز قبل نهائي الكأس    مجلس الوزراء يوافق على اتفاقية مع الاتحاد الدولي للاتصالات لتحقيق التنمية الرقمية    زلازل وعواصف وجفاف.. هل تستغيث الأرض بفعل تغيرات المناخ؟    وفاة الضحية الرابعة في حادث كورنيش المقطم    رئيس هيئة النيابة الإدارية يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى المبارك    تزايد الضغط داخل مجلسي الكونجرس الأميركي لتصنيف جماعة الإخوان "إرهابية"    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    بالأسماء.. 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج في عيد الأضحى    28 فرصة و12 معيارًا.. تفاصيل منظومة الحوافز الاستثمارية للقطاع الصحي    تحرير 911 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    سيد رجب يشارك في بطولة مسلسل «ابن النادي» إلى جانب أحمد فهمي    «جبران»: قانون العمل الجديد يرسخ ثقافة الحقوق والحريات النقابية    مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد مادة «اللغة الإنجليزية»    محافظ أسيوط يشارك أطفال معهد الأورام فرحتهم بقرب حلول عيد الأضحى    أنشطة ثقافية ومسرح وسينما فعاليات مجانية لوزارة الثقافة فى العيد    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    أيام الرحمة والمغفرة.. ننشر نص خطبة الجمعة المقبلة    زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50% تدخل حيز التنفيذ    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    الأهلي ينشر صورا جديدة من إعلان تقديم صفقة بن رمضان    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طعامنا المُلقى على الأرض
نشر في البديل يوم 10 - 01 - 2016

العصافير والفئران تلتهم ربع المحاصيل.. و"مافيا التشوين" تخلط القمح بالتراب
منظومة النقل والتخزين تتلف 40% من الفواكه والخضر.. و5 مليارات جنيه خسائر سنويا
طعام يُتلف.. رغم الجوع، ومال يهدر.. رغم الفقر، ومليارات تلقى على قارعة الطريق، في بلد نام يواجه شحا في الموارد، ويحتاج إلى كل قرش، ويعاني فقراؤه وطبقته المتوسطة معاناة حقيقة يومية في تدبير احتياجاتهم الغذائية.. إذ يتسبب الإهمال والعجز وسوء الإدارة في إهدار أكثر من ربع ما ننتجه من محاصيل زراعية، خلال عمليات الجمع والنقل والتخزين.. إهدار تتجاوز قيمته 5 مليارات جنيه سنويا.
"البديل" تحاول في هذا التحقيق، أن تضع أمام القارئ صورة حقيقية لحجم الفاقد من المحاصيل الزراعية، لاسيما مع غياب الإحصاءات الرسمية المنتظمة، كما حاولنا الإجابة عن أسباب ارتفاع الفاقد المصري عن المعدلات العالمية، وسبل مواجهة هذا الهدر، ومدى استعداد الحكومة –رغم ضعف الإمكانيات- للتصدي لهذه الكارثة التي تأكل جانبا كبيرا من طعام المصريين.
لا إحصاءات رسمية بحجم فاقد المحاصيل، وخاصة بعد ثورة يناير، لكن كل الدراسات الزراعية وتأكيدات الخبراء، وتصريحات وزراء الزراعة المتعاقبين تدور حول فاقد يمثل من 20 – 25% من المحاصيل الاستراتيجية كالقمح والأرز والذرة، وترتفع هذه النسبة مع الخضر والفواكه إلى 40%، وقد تصل في محصول الطماطم إلى أكثر من 70%.
لكن دراسة حديثة أعدها المركز المصرى لمسؤولية الشركات بالتعاون مع مركز تحديث الصناعة والبرنامج الإنمائى للأمم المتحدة أكدت أن فاقد المحاصيل فى مصر يعتبر من أعلى المعدلات فى العالم فيما يتعلق بالحبوب والمحاصيل القابلة للفساد.
وأرجعت الدراسة التي مولتها السفارة الهولندية، ونشرتها الصحف المصرية العام الماضي الفقد إلى نقص آليات سلاسل التوريد، والمعدات الحديثة فى الحقول، وعدم توفر الميكنة الزراعية، وسوء التداول، وعدم كفاية المرافق الخاصة بالتخزين المبرد ومحطات التعبئة، ونقص مصادر المياه، وضعف التصنيع الغذائي.
في سبتمبر الماضي، التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، فليب بلومبرج، رئيس شركة بلومبرج كابيتال الأمريكية، وهي شركة متخصصة في أنظمة تخزين الغذاء في الأسواق الناشئة، وقد اتفق الجانبان على أن تتولى الشركة تطوير منظومة تخزين القمح من خلال اتفاق مع وزارة التموين يقضي بتطوير 105 شونة ترابية وتحويلها إلى شون حديثة متطورة لحفظ وتخزين وتصنيف الأقماح، بالإضافة إلى الخضر والفاكهة.
بلومبرج قال عقب لقاء الرئيس: إن فاقد المحاصيل في مصر يتجاوز 40% من إجمالى المحصول، وأضاف أن المشروع يهدف لتقليص الفاقد لأقل من 5%، وبالتالى زيادة الناتج النهائى من الحبوب بما قيمته 600 مليون دولار سنويا.
أوضح بلومبرج أن شون تخزين الحبوب تقام على مساحة 11.4 مليون قدم مربع، وهو ما يتيح لمراكز شركته معالجة 11.7 مليون طن من الحبوب كل عام، وتوفير التخزين الآمن لحوالى 2.35 مليون طن فى أى وقت، وهو ما يعادل 27 كيلوجراما من القمح لكل مواطن.
أما خالد حنفي وزير التموين، فأوضح أن هذه الشون ستعمل على تنقية وتطهير وتخزين الأقماح وإدارة المخزون بشكل جيد، لتقليل خسائر ما بعد الحصاد من الحبوب المزروعة محليا إلى 5% أو أقل، وخلق سعات تخزينية جديدة، كما أنها سوف تؤدي إلى تصنيف القمح المصري إلى درجات، وإصدار شهادة منشأ له، لزراعة الأجود وتصديره للخارج.
الخبير الاقتصادي الدكتور مختار الشريف، رأى أن جهود شركة بلومبرج غير مجدية في الظروف الزراعية المصرية، وقال في تصريحات ل"البديل" إن مصر لا تمتلك منظومة إنتاج، ولا رؤية للتطوير، موضحا أن الأساليب التقليدية من بدء الزراعة إلى جني المحصول والاعتماد على طرق غير علمية في النقل والتخزين هي السبب الرئيس لارتفاع نسبة الهدر في المحاصيل الزراعية.
وأكد الشريف، أن الوصول بالفاقد إلى معدلات مقبولة يتطلب تغيير فلسفة الزراعة المصرية، وبتكلفة عالية جدا، لا يقدر عليها بلد في ظروف مصر الاقتصادية، مشيرا إلى أن كثيرا من المقترحات التي تطرح لحل هذه الأزمة هي مجرد أفكار نظرية من الصعب تطبيقها.
الباشا إدريس، رئيس شعبة المصدرين، وعضو مجلس إدارة الغرفة التجارية، قال إن زيادة الهدر في المحاصيل يرجع إلى منظومة فساد كاملة، فمعظم الشون متهالكة، وغير مسقوفة، وتربتها طينية، ومتاحة للفئران والعصافير، وكلها عوامل تؤدي لتلف وهدر المحاصيل.
وأوضح إدريس ل"البديل" أن منظومة التشوين تركت تحت سيطرة "مافيا"، تتمكن من نهب آلاف الأطنان من القمح سنويا، وتحميل الفئران والحشرات مسؤولية النقص، أو خلط القمح بالتراب والحصى الذي يزيد الوزن، ولا يكتشف إلا عند الغربلة في المطاحن.
رغم اختلاف الخبراء في نسب الفاقد، إلا أنهم يتبنون أرقاما متقاربة، ومنها ما أكده الدكتور محمد حمدى سالم، أستاذ الاقتصاد الزراعى بكلية الزراعة جامعة عين شمس، من أن مصر تفقد 20% من محصول القمح، و25% من الذرة والحبوب الأخرى، و50% من الطماطم، و40% من الخضراوات الطازجة، و35% من الفاكهة، مضيفا أن إنتاج مصر من محصول الطماطم يبلغ 8.6 مليون طن يتم تصنيع 0.7% فقط منها، كما تنتج مصر 5 ملايين طن من الألبان يتم تصنيع 25% منها فقط، وتنتج كذلك 2.3 مليون طن بطاطس، لا يُصنع منها إلا 7.8% فقط.
وأشار سالم إلى أن النظام التسويقى فى مصر أدى إلى ارتفاع الهدر فى المحاصيل، بسبب ضعف قدرة وحدات التصنيع الزراعى بالعمل بكامل طاقتها الإنتاجية لعدم قدرتها على توفير خامات التصنيع والسعر المناسبين، وضعف القدرة على الوفاء بمتطلبات التصدير لمحدودية الكميات المطابقة للمواصفات قياسا على الطلب.
وأرجع سالم أسباب هدر المحاصيل وزيادة نسبة الفاقد إلى انعدام الإرشاد الزراعي، مطالبا بإطلاق إذاعة زراعية متخصصة تنقل درجات الحرارة ومستويات الرطوبة والعوامل المؤثرة على الأرض المنزرعة.
يحيى السني، رئيس شعبة الخضر والفاكهة بالغرفة التجارية، وأحد كبار تجار الجملة بسوق العبور قال إن الهدر يزيد مع زيادة المساحة المنزرعة، بسبب الحاجة إلى أعداد أكبر من الأيد العاملة، وافتقاد العمال إلى المهارة والتدريب، مشيرا إلى زيادة نسب التلف في الفواكه والخضر خلال أشهر الصيف أثناء النقل.
ورأى السني في تصريحات ل"البديل" أن ارتفاع أسعار النقل دفعت التجار إلى زيادة حمولة السيارات، توفيرا للنفقات، مما كان له أثر كبير في زيادة نسب التالف، لاسيما مع تكرار عملية النقل، من المزارع إلى تجار الجملة، ثم منهم إلى تجار التجزئة.
واعتبر السني أن الفاقد الكبير في المحاصيل سيستمر، ما لم تتغير منظومة الجمع والحصاد والنقل والتخزين، والتحول إلى طرق حديثة من أهمها توفير المبردات المناسبة، بالأسواق الكبرى، ومنافذ البيع للمستهلك.
أم محمد، بائعة الخضر التي تملك محلا بمنطقة السيدة زينب، قالت إن أقفاص الجريد هي المسؤول الأول عن تلف نحو ربع كمية الخضراوات التي تصل إليها من تجار الجملة، فالقفص الجريدي لا يحمي الثمار من حرارة الجو، ولا لهيب الشمس صيفا، كما لا يحميها من بلل الأمطار شتاء.
وأضافت أم محمد أن ما تربحه من بيع الخضراوات لا يكاد يكفي لسد ضروريات الحياة، فضلا عن أن يمكنها من تطوير محلها وتزويده بالمبردات اللازمة، التي تحفظ الثمار من التلف لاسيما في أوقات الركود وزيادة المعروض في الأسواق، مؤكدة أن خسائرها في بعض الخضراوات تتجاوز أحيانا 30% من أصل الثمن.
ومع الإقرار بأن تحديث منظومة الحصاد والتخزين والنقل يحتاج إلى إمكانات كبيرة، وتكاليف باهظة، وصوامع مجهزة، وعمالة مدربة، يبقى الفاقد في المحاصيل في حاجة إلى إجراءات عاجلة توقف الهدر الكبير في طعام المصريين، وتنزل بالفاقد إلى معدلات طبيعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.