وزارة الخارجية تناشد المصريين بالخارج بمراعاة قوانين الدول الخاصة بنشر فيديوهات طلب مساعدات قنصلية    اتحاد القبائل العربية: هناك طفرة نوعية وتحولات استراتيجية في الإنتاج والتصدير الزراعي    وزير السياحة يعقد لقاءات مهنية مع منظمي الرحلات بالسوق الأمريكية    باحث علاقات دولية: إدارة ترامب فضّلت مصالح أمريكا مع روسيا على أوروبا    شوط أول سلبي بين ميلان ولاتسيو في كأس إيطاليا    الأهلي طرابلس يشكر مصر وينتقد الاتحاد الليبي بعد أحداث نهائي الكأس    القبض على صاحب محل لبيع أجهزة فك شفرات القنوات الفضائية بالجيزة    مي عمر ومحمد سامي وليلى علوي وهنا الزاهد يتألقون على ريد كاربت مهرجان البحر الأحمر    هيئة قصور الثقافة تنعى الشاعر الكبير فوزى خضر    دار الإفتاء تؤكِّد: «البِشْعَة» ممارسة محرَّمة شرعًا ومُنافية لمقاصد الشريعة    وزير الصحة: أمراض الجهاز التنفسي تتطلب مجهودا كبيرا والقيادة السياسية تضع الملف على رأس الأولويات الوطنية    مراسلة إكسترا نيوز: اشتعال المنافسة في الإسكندرية بين 16 مرشحا على 3 مقاعد    أحمد محمود يحصد ذهبية بطولة أبطال الجمهورية في الووشو كونغ فو    ما الحكمة من تناثر القصص القرآني داخل السور وعدم جمعها في موضع واحد؟.. خالد الجندي يوضح    الأقصر تشهد أضخم احتفالية لتكريم 1500 حافظ لكتاب الله بجنوب الصعيد    الإدارية العليا تغلق باب الطعون على نتيجة النواب بالمرحلة الثانية ب300 طعن في 48 ساعة    الوطنية للانتخابات: تسليم الحصر العددي لمن يطلب من المرشحين أو الوكلاء وليس للمندوب    "المصل واللقاح" يكشف حقائق صادمة حول سوء استخدام المضادات الحيوية    بعد غد.. فصل التيار الكهربائي عن مناطق وقرى بالرياض في كفر الشيخ لمدة 5 ساعات    ننشر الجدول الزمنى للإجراءات الانتخابية بالدوائر الملغاة بانتخابات النواب    سوريا ضد قطر.. التعادل السلبي ينهى الشوط الأول بكأس العرب 2025    تحولات الدور التركى فى الساحل الإفريقى    البورصة تسجل قفزة في سوق الصفقات بقيادة شارم والخليج الإنجليزية    محافظ قنا ل إكسترا نيوز: غرفة عمليات لمتابعة الانتخابات على مدار الساعة    هنو يكرم خالد جلال «صانع النجوم»    محافظ الدقهلية يقدم العزاء في وفاة الحاجة «سبيلة» بميت العامل بمركز أجا| صور    تغيير ملاعب مباريات الأهلي والزمالك في كأس عاصمة مصر    بانوراما مصغرة ل«المتحف المصري الكبير» بإحدى مدارس كفر الزيات    الأزهر للفتوى يوضح: اللجوء إلى البشعة لإثبات الاتهام أو نفيه ممارسة جاهلية    توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين وزارة الخارجية ومحافظة كفرالشيخ لإتاحة خدمات التصديقات داخل المحافظة| صور    حفل جوائز التميز الصحفى الإثنين |تكريم «الأخبار» عن تغطية افتتاح المتحف الكبير    دير شبيجل: ماكرون حذر زيلينسكي وميرتس من خيانة أمريكية    تأثير الموسيقى.. كيف تغير المزاج وتزيد التركيز؟    إجراءات التقديم لامتحان الشهادة الإعدادية 2026    بيان من نادي كهرباء الإسماعيلية بسبب الشائعات بين المرشحين على مواقع التواصل    وفاة معلم أثناء طابور الصباح في القاهرة    ياسمين الخيام تكشف التفاصيل الكاملة لوصية والدها بشأن أعمال الخير    نيكول سابا تكشف كواليس أحدث أعمالها «تلج تلج »    الكرملين: الهند شريك رئيسي لروسيا.. والعلاقات بين البلدين متعددة الأوجه    تحويلات مرورية في القاهرة.. تعرف عليها    نائب رئيس الوزراء: القيادة السياسية تضع الملف الصحي على رأس الأولويات الوطنية    السفيرة الأمريكية بالقاهرة: نسعى لدعم وتوسيع الشراكة الاستراتيجية مع مصر    العمل" تُوفر 10 وظائف للشباب في" الصناعات البلاستيكية الدقيقة بالجيزة    الداخلية تضبط شخصا يوزع أموالا على الناخبين بطهطا    الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل ياسر أبو شباب على يد مسلحين فى غزة    رئيس الوزراء يصدر 10 قرارات جديدة اليوم    أبو الغيط: جائزة التميز الحكومي رافعة أساسية للتطوير وتحسين جودة حياة المواطن العربي    الطقس غدا.. تغيرات مفاجئة وتحذير من شبورة كثيفة وأمطار ونشاط رياح وأتربة    لجان لفحص شكوى أهالي قرية بالشرقية من وجود تماسيح    في غياب الدوليين.. الأهلي يبدأ استعداداته لمواجهة إنبي بكأس العاصمة    «الأوقاف»: تعديل القيمة الايجارية لأملاك الوقف    ضبط شخص بحوزته عددا من بطاقات الرقم القومي للناخبين في قنا    خسائر بالملايين| الحماية المدنية تسيطر على حريق بمعرض أجهزة كهربائية بالوراق    اسعار المكرونه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى محال المنيا    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آفة حارتنا التبلد والنسيان
نشر في البديل يوم 09 - 01 - 2016

جاء صوته على الجهة الأخرى من الهاتف مُرتبكًا ومتوترًا، وهو يطلب مقابلتي؛ لأن الأمر عاجل ولا يتحمل الحديث تليفونيًا.. سويعات قليلة والتقيت به، وبدا التوتر عليه واضحًا وهو يسرد لي تفاصيل إعتقال شقيقه أثناء مروره على كمين شرطة.
وبعد حوار قصير عن ظروف وملابسات إعتقاله، وجدت نفسي أًقاطعه هل ضربوه بشدة؟ كيف عذبوه؟ هل تم نقله إلى المستشفى على أثر التعذيب؟ وعندما تلقيت الإجابة بالنفى تنفست الصعداء وحمدت الله كثيرًا أنهم لم يعذبوه أو يقتلوه..
مقاطعتي لصديقي وأسئلتي المُلحة كشفت لى أمام نفسي حجم المُعاناة النفسية والإنسانية التي لحقت بنا وخلفها نظام عبد الفتاح السيسى في قلوبنا. كيف استقر بنا الحال أن نعتبر أمر الاعتقال أمرًا معتادًا، ونشعر بالإطمئنان والراحة النفسية بمجرد أن نعرف أن المعتقل لم يتعرض للتعذيب.
أدركت حينها أن هذا النظام شوه فطرتنا السليمة في رفض الظلم، وجعله شيئًا معتادًا، بل مقبولًا في بعض الأحيان، ما لم يمس المعتقل بسوء بدني، استشعرت حجم أزمة العدالة التى غابت عن مجتمعنا، وللأسف هذه هي الحقيقة.
نعم هذه هي الحقيقة، لماذا أصبح المعتقلون منسيون؟!، فقدنا القدرة على الإحساس وهو أصل وجودنا، وسيطر علينا التبلد.
أى شيء آخر من الممكن أن يصل إليه حال المعتقلين كى نشعر بتضحياتهم ومُعاناتهم؟!. هل لا يكفينا أنهم يفنون أجمل سنوات أعمارهم بين ظُلمات حالكة لأربع جُدران تسوء الناظرين؟! أو لا يكفينا قهر الأسر وظلم الإعتقال والحرمان؟! أو مشاهدة أجسادهم التى باتت نحيلة وأرهقتها الأمراض؟! أى شيء أكثر من ذلك يُعرفنا بأن هؤلاء المعتقلين يستحقون منا أكثر من ذلك بكثير..
أكثر من أن نُدون لهم في ذكرى اليوم العالمي للمعتقلين، أو نكتب بعض القصص عنهم، ونعقد لهم بين الحين والآخر الندوات والمؤتمرات.. يستحقون منا أكثر من أن نحتفي بهم يومًا في العام عندما تأتي ذكرى ميلادهم أو إعتقالهم، وننشر صورهم مصحوبة بعبارات "الحرية للجدعان" أو "الحرية للمعتقلين"، ثم بعد ذلك نطوي قصصهم ونغلق العبارات المكتوبة لهم، ونحتفظ بها لنُعيد نشرها في العام المقبل..
يستحقون أن نعى نحن أولًا أنه ليس هناك غاية دون الإفراج عنهم، واستعادة حريتهم المسلوبة، أن نُكرس كل جهد بشتى الطرق وبجميع الوسائل الممكنة والمُتاحة، للحديث عن معاناتهم وتحسين ظروف إعتقالهم، حتى يستعيدوا حريتهم التى بذلوها من أجل أن ينعم الوطن بالحرية.
نعم هذه هي الحقيقة، أصبحنا نتناسى قضايا المعتقلين ونتغافل عنهم، وبتنا نذكرهم على إستحياء، اكتفينا بحجز مقاعد المتفرجين ومصمصة الشفاه أمام شاشات الكمبيوتر والتليفزيونات. مثلما بتنا لا نجفل للدماء التى تُسال، حتى أصبحت لدى الكثيرين أداة من أدوات التسلية، نُشاهدها على شاشات التليفزيون، وكأنها طقس من طقوس الرياضة اليومية المعتادة.
تحجرت قلوبنا قبل دموعنا، ولم نعد نبالى بالمعتقلين أو بالتفجيرات من كثرة مشاهدتها، لم نعد نندهش من مشاهد " السلخانات" التى نُشاهدها ونقرأ عنها على صفحات الجرائد. مثلما أصبحنا نبرر قتل أشخاص على يد أشخاص آخرين يعيشوا معنا في نفس الوطن، بل في نفس المدينة، وأحيانًا في نفس الشارع. أصبحنا نصنف الضحايا، ونحكم على هذا المعتقل أو تلك الضحية طبقًا لموقفنا من الأطراف المتصارعة.
ضاقت علينا الدُنيا بما رحُبت، وتشابه علينا الموت وأسبابه، بين قتيل بإنفجار قنبلة، أو قتيل من التعذيب في قسم شرطة، أو نتيجة الإهمال في معتقل من المعتقلات، وبين غريق في مراكب الهجرة، أو ضحية من ضحايا الموت السريع في الطرق والمواصلات.
ترتعد فرائصنا إذا كان المعتقل أو الضحية من نفس معسكرنا، ونغفل حتى عن ذكر الواقعة، أو نذكرها شامتين أو مبررين إذا لم يكن من نفس المعسكر الذي ينضم إلينا.
إنها دائرة مغلقة رائحتها كريهة تزكم الأنوف، ولا تؤدى إلا لمزيد من الكراهية ومزيد من الموت، في البيت والشارع والعمل، حتى الأطفال في المدارس لم يسلموا من ذرع الكراهية والتفرقة في نفوسهم، وأصبح يتم تلقينهم بكل أسباب الحقد والكراهية.
أعلم جيدًا أن الحمل ثقيل علينا للغاية، وأننا لا نكاد نفرغ من التضامن مع هذا المعتقل والحديث عنه، حتى نفاجأ باعتقال آخر، وأنه ليس أمامنا من قنوات تتيح لنا الحديث عن المعتقلين أو ضحايا التعذيب سوي صفحاتنا علي مواقع التواصل الإجتماعي، ولكن حتى هذا، وهو أضعف الإيمان بتنا نفعله على استحياء.
ماذا بعد أن تم تأميم القنوات الفضائية لصالح عبد الفتاح السيسى، وأُعلنت وفاة الحياة السياسية إكلينيكيًا، وانسداد جميع شرايينها، وانبطاح المؤسسات الدينية للحاكم العسكري؟!. ماذا بعد أن ساد السفه والجهل أوساط الإعلام، بذرائع الحرب على الإرهاب وبوهم الاستقرار؟!، ماذا بعد أن أصبح شباب يناير إما في السجون أو في القبور والبقية مطاردون؟!.
- من أجل ثورة يناير المجيدة، ومن أجل دماء شهداء هذا الوطن، ومن أجل عشرات الآلاف من المعتقلين.. ستظل ثورة يناير مستمرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.