لم تكن حالة الطفل بلال محمد يوسف، الذى أصيب بالتهاب حاد في المخ ولم يجد سريرا بالعناية المركزة في مستشفي الطلبة بالإسكندرية، الأولى من نوعها، ولن تكن الأخيرة, في ظل تردي الخدمات الصحية وقلتها بمصر. سبق بلال العديد من الحالات أيضًا، مثل صبري عبد الحميد، الذي يبلغ من العمر 57 وأصيب بفيروس كبدي، وعندما طرق أبواب معهد الكبد، لم يجد سريرا واحدا يرقد عليه؛ نظرًا لاكتظاظ المعهد بالمرضي، ما دفعه لافتراش الأرض؛ لأنه لا يستطيع توفير ثمن العلاج في مستشفي خاص، بحسب تعبيره. وتوضح سامية حسني، أن ابنها أصيب بورم في العمود الفقري، وتوجهت به إلي معهد الأورام، وظلت تتردد عليه بشكل شبه يومي لمدة ثلاثة أسابيع، حتى استطاعت إدخاله لتلقي العلاج بجوار مريض آخر. يقول الدكتور عبد الرحمن حماد، مدير وحدة الإدمان بمستشفي العباسية، إن المستشفى يعاني من نقص حاد في عدد الأسرة، ما يضطرهم إلي إغلاق أبواب العلاج في وجوه المرضى، لافتا إلى مخاطبة وزارة الصحة مرارًا وتكرارًا، لكن دون جدوى. وأضاف حماد أن عدد المدمنين في مصر تجاوز ال3 ملايين، بحسب التقرير الصادر عن وزارة الصحة لعام 2015، في مقابل 600 سرير فقط توفرهم الدولة لعلاج الإدمان، ما يعني أننا نواجه كارثة حقيقية تفتح المجال أمام المراكز غير المرخصة لممارسة عملها غير القانونى، بالإضافة إلى عدم وجود سرير واحد لعلاج الإدمان في محافظتي سوهاج والأقصر، مطالبا الوزارة بالتدخل السريع لحل الأزمة. ومن جانبه، يؤكد الدكتور محمد عز العرب، رئيس وحدة الأورام بالمعهد القومي للكبد، وجود نقص حاد في أسرة المستشفيات، خاصة غرفة الرعاية المركزة، مضيفا أننا نواجه أزمة حقيقية، تكمن في إغلاق أبواب الكثير من المستشفيات في وجوه المرضي. وألقى عز العرب المسؤولية على عاتق وزارة الصحة، مؤكدا أنه بحسب المواصفات الدولية، يجب تحديد عدد السكان في كل منطقة، وبعدها يتم توفير أسرة الرعاية المركزة على أساس ذلك، قائلا: «الأمر ليس مجرد أسرة تلقي بالمستشفي فقط، لكن هناك معايير دولية يجب اتباعها». وفي السياق، يقول الدكتور فتحي السيد، طبيب بمعهد الأورام: «لدينا نقص حاد في أسرة المعهد، ما يجعلنا نحاول اختيار الحالات الأشد خطورة لتلقي العلاج أولا»، مؤكدا أن أزمة نقص الأسرة ليست جديدة، فمعهد الأورام وغالبية المستشفيات الحكومية تعاني إهمالا شديدا من قبل وزارة الصحة، ما يقع في النهاية على رؤوس المرضي. ومن ناحية أخري، أوضح الدكتور محمد حسن، مدير مستشفى الدمرداش السابق، أن الأزمة لا تكمن فقط في نقص الأسرة بالمستشفيات، بل في قلة عدد فريق التمريض، مضيفا: «إذا وفرت وزارة الصحة أسرة للمستشفيات بشكل عام والرعاية المركزة بشكل خاص، فلن نجد فريق تمريض يستطيع تلبية خدمات المرضى». وتابع: «عندما كنت أدير مستشفي الدمرداش، كانت الأبواب تغلق في وجه عشرات المرضى يوميا؛ بسبب عدم توافر الأسرة، وبعضهم مات علي أبواب المستشفي»، مطالبا الدولة بتفعيل قرار الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة، بإعادة مستشفيات التمريض مرة أخري؛ حتي لا نجد أنفسنا أطباء بلا تمريض. وعلى الجانب الآخر، نفي الدكتور محمد عزمي، وكيل وزارة الصحة بالجيزة، وجود أزمة في عدد الأسرة بالمستشفيات، مؤكدًا أن قانون التأمين الصحي سوف يحل جميع الإشكاليات التي تقع علي عاتق المرضى؛ بعد حصر أعداد السكان لتمكينهم من العلاج والرعاية الصحية والمناسبة.